قبة قناة السويس .. أيقونة وطنية
عادت انتصارات أكتوبر ودحر وهزيمة وإذلال العدو الصهيونى وإجباره على انسحاب مهين من أرضنا المقدسة سيناء تذكرنا بما تستطيع أن تصنعه الأمتان العربية والإسلامية إذا توحدت قواهم ومواقفهم فى مواجهة الكيان الإرهابى، ورغم ما استطاع أن يرتكبه من دمار وتخريب وإبادة فى غزة والضفة الغربية ولبنان، وعادت ذكرى انتصارنا تذكرنا بدماء العزة والكرامة التى تجرى فى عروق المصريين والتى لا تقبل المساس بتراثهم الحضارى والتاريخى العظيم، والتى تثيرها الآن حقيقة الموقف لواحد من أعرق المبانى التراثية لقناة السويس الذى يشاهده يوميا من يركبون السفن العابرة ويحصلون على الخدمات المهمة التى يقدمها، ويعتز بمشاهدته وروعته أبناء بورسعيد وهم يركبون المعدية ليعبروا من مدينة بورسعيد فى قارة إفريقيا إلى ضاحيتها الصغيرة فى قارة آسيا بورفؤاد. وكانت قبة هيئة قناة السويس الضخمة الرائعة المطلة على القناة من أهم المبانى التى توفر الخدمات المهمة للقناة ولحركة الملاحة العالمية وللسفن العابرة من أنحاء الدنيا، ولن تكون الأحداث العالمية التى أصابت البحر الأحمر وأثرت تأثيرا سلبيا على قناتنا ودخلنا منها مبررا للمساس بتراثها وكنوزها العمرانية، خاصة قبة هيئة قناة السويس التى لم يجد الرئيس جمال عبدالناصر أعظم منها لرفع العلم المصرى لإعلان جلاء قوات الاحتلال البريطانى واستعادة مصر كامل سيادتها على أرضها، هذا غير مختلف الخدمات اللوجيستية والبحرية التى يقدمها المبنى الاستراتيجى الذى تؤكد ما وصلنى من وثائق مهمة أنه تم إخلاؤه وقيل إن الإخلاء تم لإجراءات ضرورية لصيانته وتجديده بينما انتشرت شائعات ـ تم نفيها وتكذيبها ـ أن الإخلاء تم لتحويل المبنى العظيم والتاريخى الى فندق تديره شركة عالمية شهيرة!! ووفق المنشور بالأهرام 7 أكتوبر 2024 ما يكذب وينفى عار أن يكون ازدهار الاستثمار باستغلال وتدمير تراثنا الحضارى والتاريخى، وجاء فيما نشرته الأهرام أن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس أكد خلال مشاركته باحتفالية اليوم البحرى العالمى والتى نظمها قطاع النقل البحرى بالإسكندرية تحت شعار «الملاحة فى بحار المستقبل.. السلامة أولا» بمشاركة عدد كبير من مسئولى صناعة النقل البحرى عربيا وإقليميا، أن الأوضاع تلقى بظلالها على معدلات الملاحة بقناة السويس وأن إحصائيات العبور منذ بداية العام الحالى انخفضت 49% وانخفضت 60%، كما أكد الفريق أسامة أن المحاولات لا تتوقف لتقليل تأثير الأحداث على قناة السويس وعلى حركة الملاحة العالمية، ولكن مهما كانت المشكلات التى تعصف بالملاحة العالمية ومنها قناة السويس فلن يكون هناك أبدا من الأسباب ما يبرر الإساءة إلى تراثها الحضارى والتاريخى.
ورغم ثقتى فى وطنية جميع القائمين على هذا المبنى التراثى والحضارى والتاريخى العظيم مازلت انتظر ما يزيد الموقف عن مبنى هيئة قناة السويس وضوحا وشفافية من الدولة ومن رئيس الهيئة ويكذب ويصحح ما توالى وصوله من تأكيد لهذا الخطر المحدق بمبنى الهيئة وموجها الى وزير الآثار والسياحة وأمين عام المجلس الأعلى للآثار ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية ومدير ترميم آثار بورسعيد، ومدير عام منطقة آثار بورسعيد وبحيرة المنزلة بصفتهم جميعا، ومن بين ما جاء فيه أنه حرصا على سلامة المبنى ولما يمثله من قيمة معمارية وفنية وتاريخية، لمصر وما يمثله لبورسعيد بشكل خاص، حيث إنه أيقونة المدينة وذاكرة لتاريخها فقد طلب المجلس الأعلى للآثار رفع الأمر لرئيس هيئة قناة السويس بضرورة اتخاذ ما يلزم نحو استكمال أعمال الترميم والصيانة للمبنى حتى لا تزداد حالته الإنشائية والمعمارية سوءا، وقد تقدم النائب أحمد فرغلى عضو مجلس النواب عن بورسعيد ببيان عاجل إلى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ووزير السياحة والآثار ورئيس هيئة قناة السويس جاء فيه «إن المبنى يعد أثرا تاريخيا، حيث أنشئ عام 1895 أى منذ أكثر من 129 عاما وهو مسجل فى عداد الآثار الإسلامية والقبطية بموجب القرار 229 لسنة 1997 الصادر من وزير الثقافة رئيس المجلس الأعلى للآثار.
تحتاج الوقائع عن مبنى هيئة قناة السويس المسجل كأثر إسلامى وقبطى التى كتبها مجموعة من السادة المستشارين، إلى قراءة عميقة تؤكد مدى ضرورة الحفاظ على المبنى باعتباره أيقونة وطنية وتاريخية، وأعود لأؤكد ثقتى أن الدماء والكرامة الوطنية للقائمين عليه ستحفظ هذا التراث التاريخى والأيقونة الوطنية من أى تغييرات.