رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

مئوية رجل الكلمة ورجل الدولة

قسم : مقالات
الأحد, 24 سبتمبر 2023 21:19

مرت، أمس السبت، مئوية ميلاد محمد حسنين هيكل (الأستاذ). هذا العام وكذلك العام القادم غنى بمئوياته، سواء على مستوى أسماء الرموز في مختلف المجالات أو الأحداث الوطنية الكبرى. هذا العام مئوية صدور دستور سنة ٢٣، وكذلك وفاة سيد درويش، وميلاد هيكل، ومجىء أم كلثوم إلى القاهرة لتشق طريقها، ونصف قرن على انتصار أكتوبر العظيم، وكذلك وفاة عميد الأدب العربى د. طه حسين، التي لم يتم الاحتفاء بها.

العام القادم مثلًا مئوية انتخابات أول مجلس نيابى بالمعنى الحديث بعد ثورة ١٩، وكذا تشكيل حكومة الشعب، هو كذلك عام الاغتيالات الكبرى والمدمرة للحركة الوطنية، محاولة اغتيال سعد زغلول في محطة السكك الحديدية في رمسيس، واغتيال السير لى ستاك، الذي دفعت مصر ثمنه فادحًا؛ هو أيضًا العام الذي صدرت فيه ترجمة لطفى السيد كتاب أرسطو «الأخلاق» إلى العربية، وأيضًا نصف قرن على رحيل الفنان العظيم فريد الأطرش.

هيكل هو الاسم الأبرز في الصحافة المصرية والعربية طوال النصف الثانى من القرن العشرين ومطلع هذا القرن، سياسيًّا وفكريًّا يمكن أن تختلف وتتفق معه، مواقفه فيها الكثير مما يُحسب له، وفيها كذلك ما يجب التوقف والتساؤل حوله، احتفلت الأسرة ومؤسسة هيكل بالمئوية، وهذا، في النهاية، احتفال واحتفاء خاص، وقفت خلفه السيدة الفاضلة شريكة عمره وتجربته، في نموذج للحب والوفاء الذي لا ينتهى ولا يتوقف، بل يزداد مع الأيام والسنوات.

وأتصور أن من واجب النقابة الاحتفال برموز المهنة، كل في مناسبته، وأتوقع من نقيبنا ومجلس النقابة الموقر أن يشرع على الفور في ذلك البرنامج، ولتكن البداية مئوية هيكل.

ولدينا الآن عشرات- نعم عشرات- الكليات والمعاهد وأقسام الإعلام والصحافة، التي جانب من مهامها الاهتمام والاحتفاء العلمى والأكاديمى بأسماء مَن عبروا بهذه المهنة وأضافوا إليها. هيكل لم يكن عابرًا، لكنه بمعنى ما مؤسِّس وصاحب تجربة مؤثرة وعميقة في تاريخ الصحافة المصرية والعربية.

كان هيكل صحفيًّا وكاتبًا في المقام الأول، وبحكم الظروف السياسية والتاريخية التي مرت بها مصر مع الانتقال من الملكية إلى الجمهورية، عبر ثورة ٥٢، فإنه كان رجل دولة بالمعنى الحرفى، قام بالعديد من الأدوار السياسية إلى جوار الرئيس جمال عبدالناصر ثم الرئيس أنور السادات، هو مَن صاغ بيان التنحى الذي أعلنه عبدالناصر مساء التاسع من يونيو ٦٧، وهو مَن كتب خطاب عبدالناصر في ذكرى ثورة يوليو سنة ٦٧، أول خطاب عام بعد الهزيمة، وهو وثيقة سياسية وتاريخية، إذ يحمل اعترافًا صريحًا بالهزيمة، دون مواربة، ويقدم ما يراه أسبابًا لها؛ كما أنه هو مَن كتب خطاب النصر الذي ألقاه السادات في مجلس الشعب يوم ١٦ أكتوبر ٧٣، وهو مَن صاغ التكليف الاستراتيجى من القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى القائد العام بالبدء في حرب أكتوبر، وغير ذلك كثير، أي أننا إزاء صحفى فرضت عليه الظروف أن يكون ضلعًا من أضلاع النظام السياسى، وأحد رجالات الدولة المؤثرين والفاعلين.

ما بين رجل الدولة والصحفى المحترف مسافة قد تقترب أو تتباعد، هو عاش التجربتين في نفس اللحظة، وهذا ما جعله موضع انتقاد البعض وغيرة وحسد البعض الآخر وكذا العداء المطلق من البعض، هناك وهنا، أي بين زملاء المهنة وكبار موظفى الدولة.

 

Rochen Web Hosting