رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

الشباب.. ودعوة للإبداع

قسم : مقالات
الأحد, 08 مارس 2020 22:52

لا شك أن إلهنا العظيم هو المبدع الأول فى هذا الوجود، لأنه أصل الوجود، وواجب الوجود. فهو خالق السماء والأرض والكون وكل ما فيه، المبدع الأعظم «أو» «بديع السموات والأرض». وهذا الكون الشامخ قبس من عظمة إلهنا المحب، وبعض تجلياته تعالى، فالكون كما نقرأ عنه فى الكتب المقدسة يعنى السموات والأرض والفلك.. ما نعرف وما لا نعرف.

أولاً: الله... المبدع الأول

 

 

يقول الكتاب المقدس: «فى البدء خلق الله السموات والأرض، وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة».

 

 

1- كانت هذه بداية الإبداع الإلهى، فبينما يعيش إلهنا العظيم فى أزليته، ليس فى حاجة إلى شىء، خلق الله الزمن «كان مساء وكان صباح..» (تكوين 4:1) كما خلق الكون المادى: النور، ثم الجلد، ثم اليابسة، ثم النبات، ثم الشمس والقمر والنجوم، ثم الزحافات والطيور، ثم الحيوان، فالإنسان.. (تكوين 1) الذى أبدع فى خلقته. ويدرك هذا– بالذات- الأطباء ودارسو البيولوجى.

 

 

2- وقبل أن يبدع الله تعالى الإنسان الذى هو المملكة الشاسعة فى الداخل: الروح والعقل والنفس والجسد، الأعضاء والأنسجة والخلايا المتنوعة، التفاعلات الحية داخل كل خلية، الوظائف المحددة لكل عضو، مع تناغم مذهل.

 

 

3- خلق الله تعالى للإنسان الخليقة المادية، بما تتميز به من جمال أخاذ، وحياة لا يهبها إلا الله الحىّ، ورعاية حتى لأصغر فيروس. وها نحن نقرأ عن فيروسات لا يمكن أن نراها حتى بالـ super electric Microscope (الميكروسكوب فوق الإلكترونى) من فرط دقتها وصغر حجمها! ومن بينها فيروس «كورونا» الذى أصبح حديث كل العالم حاليًا، والذى أرهق العلماء، ومازلنا لا نراه، ولذلك لا نعرف كيف نهزمه، ونشفى مرضاه!!

 

 

4- ملايين الأنواع من الكائنات، التى تحار العلوم الإنسانية فى سبر أغوارها: سواء فى عالم النبات أو الحيوان أو البحار..

 

 

5- وبالأكثر فى عالم الأفلاك والنجوم، حيث المجرات الشاسعة بالملايين، وكل مجرة تحوى شموسًا، ونجومًا..

 

 

لا حصر لها!!

 

 

ثانيًا: كيف أبدع الله الكون؟!

 

 

1- إلهنا هو «مهندس الكون الأعظم».. نرى فيه عظمة الخالق، ودقة القوانين الطبيعية، وبراعة الطبيب الخالد، وروعة المدبر والمنظم..

 

 

2- لهذا هتف معلمنا داود النبى قائلاً: «أيها الرب ربنا، ما أعجب اسمك على الأرض كلها، لأنه قد ارتفع جلالك فوق السموات. من أفواه الأطفال والرضعان هيأت سبحًا.. السموات أعمال يديك، القمر والنجوم أنت أسستها» (مزمور 1:8،2).

 

 

3- «السموات تحدث بمجد الله، والفلك يخبر بعمل يديه..» (مزمور 1:18،4،5).

 

 

4- ولهذا أيضًا قال الرسول بولس، إن من يتأمل فى الكون يرى الله، ولذلك فهو بلا عذر إذا لم يؤمن به، وانساق وراء عبادة الأصنام.

 

 

ثالثًا: الله.. أساس الإبداع الإنسانى

 

 

1- فلأن الله مبدع، ولأنه خلق الإنسان وأعطاه روحًا عاقلة حرة، صار الإنسان مبدعًا متشبهًا بالله.. الفرق هو أن الله هو المبدع اللانهائى، والإنسان هو المبدع النسبى.. أى أن إبداعاته مأخوذة أساسًا من عمل الله فى داخله، وفى عقله، وفى وجدانه، وبطريقة محدودة، تمجد الله، وبدون الله ليس لها وجود ولا استمرارية.

 

 

2- الفنان مثلاً.. سواء من يستخدم حنجرته أو بنانه، فى الإنشاء أو الرسم.. الله هو الذى أعطاه هذه الحنجرة! وهذه الإمكانية، والإنسان يصقل هذه المواهب بالعلم والدراسة.. هذا من حيث مصدر هذه المواهب.

 

 

3- أما من حيث استمراريتها: فمستحيل أن يضمن الإنسان سلامة صوته أو عينيه أو أصابعه، فى خضم هذه الحياة الزاخرة بالأمراض والحوادث.. الله فقط هو الضمين الوحيد لهذه العطايا كى تستمر.

 

 

4- والأمر نفسه نجده فى الإبداع الفكرى أو العلمى أو الثقافى: فالله هو الذى يعطينا الحكمة المحدودة، التى بها نفكر وندرس، ونحلل، ونلاحظ، ونستنتج ونربط، ونصل إلى اكتشافات واختراعات علمية، أو إلى إنجازات فكرية وثقافية، فمثلاً:

 

 

أ- الكل رأى التفاح يسقط من الشجر إلى أسفل كما رأى نيوتن. والكل يرى المياه تفيض من «البانيو» كما رأى أرشميدس. والكل رأى غطاء الإبريق يتحرك إذا غلى الماء.. والكل يعرف أن الزمن مهم فى قياس الأشياء والحركة كما رأى أينشتاين.

 

 

ب- لكن هناك شىء ما، يسميه المفكرون «الومضة» (glimpse).. إشعاعة من فوق.. فكرة من العلا.. أتت إلى ذهن العالم أو المفكر بشىء جديد.. وأدت إلى إبداعات مذهلة: من البخار إلى الكهرباء إلى الذرة.. ومن فلسفات القدماء إلى أفكار المحدثين.

 

 

ج- ومع أن الإنسان كثيرًا ما يدعى أن بمفرده إنجاز كل ذلك، إلا أن العالم المتضع هو القادر أن يكتشف الإله غير الظاهر حسيًا، والمعلن فى كل هذه الإبداعات..

 

 

لهذا قال نيوتن حينما سُئل عن إحساسه بعد الإنجازات الهائلة فى قوانين الطبيعة: «كنت كطفل صغير، يلهو على شاطئ محيط ضخم» وقال أينشتاين: «كلما ازدادت دراستى لهذا الكون، ازداد إحساسى بالجهالة».

 

 

* أسقف الشباب العام

 

 

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

Rochen Web Hosting