رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

طبيب الغربية

قسم : مقالات
الإثنين, 27 أبريل 2020 20:51

قصة إقالة مدير مستشفى طنطا بقرار من محافظ الغربية لأنه رقص مع متعافين من كورونا صادم، ليس من زاوية قبول أو رفض تصرف الطبيب العفوى، إنما لأن هذا الانشغال الغريب وغير المسبوق لبعض المسؤولين بأمور شكلية وفرعية لا علاقة لها بجوهر العمل ولا جديته صار مصدر مقلق.

 

 

 

 

حين ينشغل محافظ برد فعل تلقائى لمدير مستشفى حدث مثله فى كل بلاد العالم فهو يعكس أزمة كبيرة فى التفكير، خاصة أن الطواقم الطبية عبرت عن فرحتها بالمتعافين بصور متعددة شملت الغناء والرقص والصيحات المرتفعة، والأفضل أن يعبر الشخص عن مشاعره فى لحظة فرح بتلقائية ودون عقد وحسابات.

 

 

صحيح أن كثيرا من مديرى المستشفيات سيتصرفون بشكل محافظ وربما سيكتفون بتهنئة المتعافين، ولن يفعلوا مثل مدير مستشفى طنطا ولكن فى حال أن عبر الرجل عن مشاعره الداخلية بهذا التصرف بشكل عفوى فإنه بأى حال لا يجب أن يعاقب ويعفى من منصبه.

 

 

كمّ العقد والشكليات والحرص على ربط الهيبة بشخصية متجهمة «تشخط فى الناس» وتكون مليئة بالعقد أمور أثرت سلبًا على مجمل الأداء العام.

 

 

من باب أولى أن يهتم محافظ الغربية بسير العمل فى المستشفيات وبشفافية مديريها ومدى قيامهم بتوفير مستلزمات الوقاية للأطقم الطبية وإجراء اختبارات دورية لهم، وهذا ما أنكره بعض مديرى المستشفيات وتسببوا فى كوارث طبية وهؤلاء من باب أولى الذين يجب إعفاؤهم من مناصبهم.

 

 

إن كل مسؤول يبدأ عمله بالاهتمام بسلة الشكليات: دهان المبنى، تغيير الأثاث، الشعارات المعلقة على الجدران، النشيد والأغانى الوطنية، هيبة الشكل لا المضمون، فبالتأكيد هو الذى سيشغله مشاركة طبيب فرحة مريض متعافى بالرقص العابر وسيعتبرها جريمة تستحق الإقالة. ما جرى مع مدير مستشفى طنطا تبارى فى تكراره كثير من المسؤولين فى مواقع مختلفة فمازال كثير منا يتذكر كيف قام عمداء حقوق ورؤساء جامعات بمحاولة تدمير مستقبل فتى وفتاه أعلنا خطبتهما فى العلن وأمام أعين زملائهما بالورود وبحضن رومانسى لثوان بفصلهما من الجامعة تحت حجة الحفاظ على هيبة وكرامة الجامعة لولا تدخل فضيلة شيخ الأزهر لوقف قرارات الفصل والتأكيد على دور القادة والمسؤولين فى النصح والإرشاد والتوجيه قبل التبارى فى فرض العقوبات.

 

 

قادة مدرسة الشكل على حساب الجوهر، واللقطة على حساب المضمون، جعلت أولويات العمل والإنجاز مختلة، فمشاكل المستشفيات معروفة للجميع.

 

 

تصرف مدير مستشفى طنطا لا يدخل فى إطار الإخلال بواجباته الوظيفية، وإذا لم نحول تحدى كورونا إلى فرصة لتحسين الأداء وتغيير كثير من طرق التفكير فلن نحقق الحد الأدنى المطلوب لتقدم هذا البلد.

Rochen Web Hosting