رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

بركات قبول الآخر (2)

قسم : مقالات
الأحد, 02 أغسطس 2020 16:55

تحدثنا فى العدد الماضى أن من بركات التفاعل مع الآخر:

- الآخر فرصة تكوين فضائل. 2- وفرصة خدمة.

3- وفرصة تعلم وتكامل. 4- وإلهنا يدعونا للاهتمام بالآخر.. ونستكمل حديثنا..

خامسًا- ثقافة الحوار والتعددية:

الحوار هو لغة العصر، والوسيلة الوحيدة لإنماء الإنسان منذ الطفولة وإلى نهاية العمر. ذلك لأنه يقوم على الأخذ والعطاء، الانفعال والتفاعل، القبول والرفض. والتعددية لا تنفى الآخر بسهولة بل تقبل الأنماط المتمايزة، والمواهب والطاقات المتنوعة، لأنها تؤمن بالتنوع والاختلاف من أجل إثراء المجموعة، لأننا فى النهاية «َأَعْضَاءٌ بَعْضاً لِبَعْضٍ» (رومية 5:12).

سادسًا- المواطنة السليمة والإيجابية فى المجتمع:

-الإنسان المتدين يعرف أنه جزء من هذا الوطن، ونحن نسيج واحد مع بعضنا البعض، من جهة أصالتنا وماضينا، حاضرنا وفى مستقبلنا، كأبناء لهذا الوطن، منذ فجر التاريخ، وشعارنا دائمًا هو الدين لله والوطن للجميع.

ولذلك فالإنسان المتدين:

1- لا يعرف التعصب لأن قلبه ممتلئ بالمحبة. 2- ولا يعرف الطائفية والتشرذم، فهذه أمور تهدم الوطن.

3- يرفض العنف فهو يمزق الجماعة الوطنية. 4- ويسهم بالفكر والرأى والجهد والعمل لبنيان الوطن المحبوب.

5- يحس بالانتماء للوطن، ويعطى قبل أن يأخذ. 6- يشارك بإيجابية فى أنشطة المجتمع.

7- ويهتم بأن يكون له صوت ودور فى الأحزاب والنقابات والاتحادات الطلابية وحركة المجتمع كله.

سابعًا- ثقافة المشاركة لا ثقافة الاغتراب:

إن عدم المشاركة بالفكر والرأى والجهد والإبداع والمشاعر، هو دليل على خواء الإنسان وسلبيته ومواته: فقيمة أى إنسان تنبع من مشاركته، وعدم تقوقعه، وعدم انعزاله.. ومن ثم فإن النوادى، واتحاد الطلاب بالجامعات، ودور العبادة تشرك شبابها فى إدارة الأنشطة والاجتماعات، وتوزع عليهم المسؤوليات، لكى تجعلهم أعضاءً أحياءً، ويشعرون بالانتماء للمكان والنشاط والاجتماع، والوطن، وتشجعهم على المشاركة فى صنع القرار، وتشغيل هذه الطاقات، والتنسيق فيما بينها حتى لا تتعارض أو تتقاطع، يتابع هذه الطاقات حتى لا تذبل، ثم أخيرًا ينمى الطاقات.

- لذلك فالشاب المتفاعل داخل دور العبادة، وداخل وطنه، والذى يشعر بأن له دورًا، ورأيًا مسموعًا، وأن وجوده فى الجماعة محل تقدير واعتبار، سوف ينتمى انتماء حقيقيا لهذا الوسط.

ما هى الأدوار المتنوعة التى يؤديها الآخر فى حياة كل منا؟

يلعب وجود الإنسان الآخر دورًا هامًا فى حياة كل منا، حتى إن البعض يرى كلمة «إنسان»= انس +انس على مستوى الزواج المقدس، أما على مستوى الصداقة فهى المحبة المتبادلة بين البشر، وأيضًا كلمة إنسان مشتقة من الفعل «يأنس» بل وأقسى أنواع العقاب للمسجونين، هو الحبس الانفرادى. ويؤدى العزل الانفرادى لفترات طويلة، إلى ضعف وتدهور فى قوى التفكير عند الإنسان.

وهناك اتفاق ضمنى بين الأفراد، يعتمد على احترام كل فرد لحرية الآخر، وأن حريتى تبدأ من حيث تنتهى حرية الآخر، مع الالتزام بما هو متعارف عليه من قواعد وأسس تنظم العيش المشترك، مثل الأعراف المجتمعية والقانون الوضعى، الذى يضبط السلوك السلبى للإنسان، فى حالة الإخلال بمصلحة المجموعة.. فما دور الآخر فى حياتى؟

1- الآخر هو مرآة نرى فيها أنفسنا فى عيون الآخرين- هل أنا مقبول؟ هل أنا مرحب به؟ إلى أى مدى أنا

متفاعل ومقبول، فيمن حولى.

2- الآخر هو وسيلتنا للتعبير عن أنفسنا، بل أكثر من ذلك فوجود الآخر ورغبتنا فى قبوله لنا هما ما يدعوانا

إلى تنظيم أفكارنا.

3- الآخر هو معين لنا: فحياة الجماعات البشرية تقوم على التعاون بين الناس، سواء كان هذا فى مجـال الزراعة

أو الصناعة أو البناء أو حتى فى الحرب والنشاط العسكرى. وقد كان هذا نص الآية حين خلق الرب حواء

«معينًا لآدم نظيره».

4- الآخر موضوع للمحبة: وهدف فى ذاته، نسعده بحبنا له، ونسعد به، ويشغل الجانب العاطفى شطر كبير من حياة الإنسان صغيرًا كان أو كبيرًا.

5- الآخر موضوع لتطبيق الوصية- فكل الوصايا بعد تحب الرب إلهك.. متعلقة بالإنسان الآخر، والنجاح فى تطبيقها ينمى علاقتنا إلى الصورة التى يريدها منا الرب الإله.

6- قد يكون الآخر مشابهًا لنا، أو مختلفًا ومغايرًا، إنه امتحان حقيقى لقدرتك على الملاحظة، ومرونتك أن تدرك أوجه الشبه والاختلاف بين الناس، وأن تستوعب أن من فيض غنى الله تعالى أنه خلق كل هذا التنوع، فالتكامل بين كل الفئات المتباينة للمواهب هو الذى يساعد على اكتمال أى عمل.

7- الآخر قائد أحيانًا وأنت قائد أحيانًا، فالتخصص والتميز، يقتضى أن الأكثر علمًا ومعرفة يكون هو القائد فى موضوع معين أو مشروع معين، ثم يترك موضع القيادة لغيره حين يكون الآخر هو الأكثر دراية والأقدر على تسيير الأمور.

8- أخيرًا نشكر الله على أنه لم يتركنا معزولين فى الأرض، بل كان لنا الرب: الصديق الأمين.. والراعى الصالح.

هل يمكن أن يكون مكسب بعض الناس خسارة؟

قد يبدو أن هناك تناقضًا. فهل حقًا يمكن أن يكون كسب البعض خسارة؟ نعم، فهناك صداقات تتسبب فى الخسارة،

نذكر لك بعض الأمثلة:

1- أصدقاء السوء والذين يسعون لإقناعك بأفكار خاطئة، أو يسهلون لك الانحرافات السلوكية، هؤلاء يُكتفى بأن تقتصر العلاقة معهم على تبادل السلام.

2- العلاقات المعثرة التى قد تثير عواطفك أو شهوتك، والتى قد تستنفذ كثيرًا من وقتك وتفكيرك، كعلاقة الفتى بالفتاة فى مرحلة من العمر لا تسمح لهما بالارتباط، مما قد يؤثر سلبًا على الأداء الدراسى، وحياة القداسة والتقوى.

3- والخطر يبدأ عندما تجد نفسك مضطرًا إلى تغيير شخصيتك أو مبادئك لإرضاء شخص ما، كأن تتنازل عن تطبيق الوصايا والمبادئ لإرضاء أو كسب شخص ما. هذا بالطبع غير مقبول، حين يكون على حساب وصايا إلهنا العظيم.

أخيرًا: عندما لا تسلك بشكل صحيح مع الله، فإنك لن تسلك بشكل صحيح مع الآخرين أيضًا. إذ ينبغى أن يكون المستويان الأفقى والرأسى فى حالة توازن. فإن كلاً منهما يؤثر فى الآخر. ونقطة البداية هى تصحيح علاقتك الرأسية مع الله، ومن ثم سوف يسهل تصحيح علاقتك الأفقية مع الآخرين.. والرب معنا.

* أسقف الشباب العام

بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية

 

Rochen Web Hosting