رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

أزمتنا وقانون الشهر العقاري

قسم : مقالات
الأحد, 28 فبراير 2021 22:42
التأمل فيما حدث من بلبلة على كافة المستويات منذ أن أعلنت الحكومة عن تطبيق قانون الشهر العقارى الجديد، بدءاً من 6 مارس المقبل، يؤكد لنا استمرار أزمة فقدان التواصل بين السلطة التنفيذية ممثلة فى الحكومة، والسلطة التشريعية ممثلة فى مجلس النواب، والجماهير الغفيرة عبر الإعلام اللاهث وراء الأزمة لا التنمية. نعانى الأزمة فى التوضيح والتسويق والنقاش المجتمعى لما نسعى له من تطوير مجتمعى، وتلك ليست الأزمة الأولى التى يتراجع فيها مجلس الشعب أو الحكومة عن تنفيذ ما سبق إعلانه من قوانين لسرعة فى تطبيق أو خطأ فى تشريع. ومن هنا دعونا نتساءل لنفهم فنتعلم من الخطأ. س - ما حقيقة قانون الشهر العقارى الجديد؟ ج - هو القانون رقم 186 الصادر سنة 2020 والذى أضاف مادة جديدة برقم 35 مكرر إلى قانون الشهر العقارى رقم 114 الصادر سنة 1946، تنص على أن تسجيل الشقة يتطلب دفع رسوم إلى 5 جهات حكومية كشرط لإتمام عملية التسجيل، وتتمثل فى: رسوم التسجيل فى الشهر العقارى، ورسم نقابة المحامين، ورسم ضريبة تصرفات، ورسم المساحة، ورسم دعوى صحة ونفاذ، ورسم الأمانة القضائية. والمفترض وفقاً للقانون ألا تزيد تلك الرسوم مجتمعة عن 2000 جنيه بحد أقصى. س - ما الهدف من تعديل القانون؟ ج - المفترض هو حماية المواطن بتسجيل 95% من عقارات مصر التى لم يتم تسجيلها ويتم تداولها بلا أى قواعد أو ضمانات تضمن للمشترين والبائعين حقوقهم، من خلال إنشاء قاعدة بيانات موثقة لتلك العقارات تقوم على أساس تبسيط إجراءات التسجيل واختصار دورتها من خلال بحث تسلسل ملكية العقار أمام مصلحة الشهر العقارى بموجب أحكام قضائية نهائية. س - هل تنفرد مصر بهذا القانون دون بقية دول العالم؟ ج - على الإطلاق، بل تأخرت مصر فى تطبيق قانون حماية العقار فيها، ففى الإمارات على سبيل المثال يُعد تسجيل العقود أمراً إلزامياً، فى الملكية والإيجار، للاستفادة من الخدمات التى تقدمها الدوائر والمؤسسات المختصة مثل مرافق المياه والكهرباء والإنترنت والاتصالات وحتى تصريح مواقف السيارات للسكان. وفى تركيا لا يمكن نقل ملكية العقارات إلا من خلال ما يُعرف بسند «الطابو» الذى يتم توقيعه وتسجيله للأصول فى مديريات السجل العقارى وفق خطوات ورسوم محددة بالقانون. وفى جنوب أفريقيا لا يمكنك امتلاك عقار إلا من خلال محامى عقارات معتمد من السلطة المحلية يكون هو الوسيط بين البائع والمشترى اللذين عليهما التوقيع على عقد البيع ثم تقديم المستندات الخاصة بالملكية إلى دائرة تسجيل العقارات لتحدد ملكيتك للعقار الجديد مقابل رسوم محددة. تلك مجرد أمثلة.. ناهيك عن أوروبا. س - هل راعى تعديل القانون الجديد مناخ الإجراءات القانونية المطلوبة؟ ج - هذا جزء آخر من الأزمة، فالواقع يؤكد أنه رغم حدوث تغييرات جذرية فى بعض مكاتب الشهر العقارى فى مصر بشكل مذهل، إلا أن تعديل القانون جعل توثيق الملكية من خلال 5 جهات لا جهة واحدة! وفى ظل الروتين الذى نحياه منذ عقود يصبح تطبيق القوانين نوعاً من تكفير ذنوب المواطن لا توثيق ملكيته لعقاره. ليكون التساؤل: لماذا لم يتم توحيد جهة التعامل وتحديد توقيت إصدار وثيقة تسجيل العقار من قبَل الشهر العقارى؟ لماذا يتعين على المواطن اللف على 5 جهات تستهلك وقته ومجهوده وانتماءه لفكر التطوير الذى تؤسس له الدولة؟ س - لماذا لم يتم العمل على شرح القانون وأبعاده ومناقشته مجتمعياً ودراسة بيئة تطبيقه قبل إقراره وقبل إعلان بدء تنفيذه؟ ج - تلك أزمة رهيبة تتكرر فى الكثير من القرارات والقوانين، فالمواطن آخر من يهتم أحد بإعلامه وشرح الصورة له بشكل مستفيض وسماع رأيه قبل إعلامه ببدء تنفيذ الإجراءات عليه. أليس من الأفضل أن نتكلم ونتراجع ونعدل قبل إقرار خطوات بدلاً من التراجع عنها بقرار حكومة (كما حدث فى قانون التصالح) أو إعادة دراسة النواب للقانون (كما فى مراجعة قانون الشهر العقارى)؟ وأين الإعلام المتابع، لا الناقل للهيصة، لتوصيل الآراء وطرح الصور؟! تلك هى الصورة، يا سادة، ببساطة.. فهل نتعلم من أخطائنا حماية لأمن بلادنا وأهلها؟

Rochen Web Hosting