للأفيال هيبة تجبرك على التأمل فى ملامحها وأسلوبها فى الحياة، بل وتعاطيها مع من يناصبها العداء أو يضر بمصالحها أو ينتهك أمن قبيلتها التى تنتمى لها. نعم.. ربما يبدو لك الفيل مجرد حيوان فى مملكة يتسيّد الأسد فيها ويملك القوة أو المهابة، ولكن الحقائق على أرض الواقع تقول إن الفيل هو الأقوى والأكثر فتكاً إن أراد.

يقدَّر وزن الفيل الأفريقى بنحو 6000 كيلوجرام ويستطيع حمل ضعف وزنه، أو كما تقول تقارير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأم المتحدة فإن الفيل قادر على حمل من 3 إلى 4 أطنان يومياً. وتقول تقارير العلم عن الأفيال إن هيكلها العظمى يشكل 20% من وزنها، كما أن أجسادها الضخمة المزوّدة بأربعة أطراف عمودية تمكّنها من مقاومة الجاذبية الأرضية وحمل أى حمولة توضع على ظهرها. أضف لهذا خرطوم الفيل الذى يتكون من 150 ألف حزمة من الألياف العضلية القادرة على أن تكون سلاحاً باطشاً.

ولكن ورغم ذلك فإن الأفيال لا تستخدم ما أوتيت من قوة إلا عند الضرورة والاحتياج لها، مثل أن تتعرض لاعتداء أو تواجه الخطر.. هنا تتحرك الأفيال للمواجهة التى ربما تدمر كل شىء.

يقول المثل الأفريقى: «عندما تتصارع الأفيال لا تسأل عن العشب والأشجار الصغيرة»، هذا المثل يعبّر عن تضرر الضعفاء فى النزاعات بين الأقوياء. نعم فلو تحاربت الأفيال لخسر ضعفاء الغابة الكثير، وفى مقدمة الخسارة الأمان. ولذا يعيش الفيل وهو يحاول تجنب المعارك، إلا أن هذا لا يعنى عدم قدرته على مواجهة عدوه وتكبيده أكبر الخسائر.

من هنا كان المثل الأفريقى التالى الذى يؤمّن على المثل الأول: «نقيق الضفادع لا يمنع الفيل من الشرب»، أى إن الفيل، بضخامته وقوته، يمكنه الشرب من البحيرة أو النهر دون الالتفات لنقيق وضوضاء من لا يراهم من صغر حجمهم.

ورغم تلك القوة الجبارة فإن العلم رصد فى الأفيال الذكاء العاطفى وتقديس الحياة الاجتماعية والتضحية من أجل العائلة أو القبيلة. ذكرت مجلة العلم الأمريكى أن الأفيال تساعد جرحاها بضغط خراطيمها على مواضع النزيف لتوقف الدم، كما أنها تواسى مرضاها، وتعرف قيمة الصداقة والعائلة والرعاية للصغار والمحبة للكبار. يقول تقرير الموقع العلمى إن مشهد الموت لدى الأفيال مؤثر للغاية، إذ يبدو الحزن على الأفيال التى على وشك فقد رفيق لها فى رحلة الحياة وربما تتجمع حول هذا المحتضر ساعية إلى تحريكه ربما عادت له الروح مجدداً.

وللأفيال ذاكرة قوية تحتفظ بصور الأماكن والأشخاص، إذ يمكنها كمثال -ووفقاً للتقرير العلمى- العودة لموضع الماء الذى فات على مرورها عليه سنوات. وتشير تلك الذاكرة القوية إلى بعض من ذكاء الأفيال التى يقال إنها تتواصل مع بعضها البعض بموجات فوق صوتية لا يسمعها البشر، بل إنه يمكنها التنبؤ بحدوث عاصفة رعدية على بُعد 280 كيلومتراً.

من هنا تُلهم الأفيال البشر الحكمة علّهم يتعظون، فقوة الأفيال مرهونة بالحكمة ومعرفة كيف ومتى وأين يتم استخدامها، رغم أنهم قادرون على استخدامها دون حساب بصفتهم أقوى أعضاء مملكة الحيوان.. لكنها الحكمة.