رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

مصر التى لا يعرفونها!

قسم : مقالات
الخميس, 15 أبريل 2021 17:05

عشت الحدث العظيم الذى شهدته مصر والدنيا كلها السبت 3 أبريل بمشاعر الابنة التى تنتمى للحضارة المصرية وما تراكم فى إرثها الحضارى والإنسانى من عقائد ومبادئ وديانات سماوية جعلت الشخصية المصرية تختلف عن أى شخصية اخري ... بهذه المشاعر المتقدة بالعشق والانتماء عشت الحدث العظيم للتعامل الراقي مع أشهر الملوك والملكات من الأجداد العظام وتهيئة مستقر متحفى يليق بما حققوه لبلادهم من أمجاد وانتصارات كانت تكفى وتزيد لتقديم أندر فيلم وثائقى عن كل ملك وملكة من الاثنين والعشرين الذين اعتلوا العربات الملكية فى رحلتهم من متحف التحرير الى متحف الحضارة بالفسطاط.

 

> تحية لكل من شارك فى إخراج وتقديم وإبداع هذه الليلة المشهودة من تاريخ مصر والتى اكتشف فيها الأجداد أن احفادهم ورثوا عنهم الفكر وانه وطن لا يكف عن الكشف عما يمتلئ به من خبيئات كشف عن أحدثها الحدث العظيم لنقل الملوك والملكات وعن خبيئة الإبداع والمبدعين والمبدعات الذين لم يكونوا يعزفون ويغنون ولكن يتعبدون فى محراب الفن والتاريخ لهم جميعا التحيه والحب والاحترام .. وكنت أتمنى أن يصاحب الأداء المبدع لأميره سليم من نصوص كتاب الموتى ترجمة بالعربية لأنشودة ايزيس أو أن يتم إلقاء النص مترجما لما فيه من معان كاشفة عما امتلأت به حضارتنا القديمة من قيم ومبادئ إنسانية وأخلاقية .. وكنت اتمنى ان  تغطى رحلة العربات الملكية بتصوير من الجو من ميدان التحرير الذى أصبح يزدان أخيرا  بمسلة لم تسرق وتهرب إلى الخارج من بين 120 مسلة لم يمنع حجمها ووزنها الثقيل جرائم نهب وسرقه حتى لم يتبق منها للمصريين سوى خمس مسلات فلا يوجد فى انحاء الدنيا ميدان شهير إلا وازدان بمسلة مصرية فى انجلترا وفرنسا وايطاليا وتركيا والولايات المتحدة الى جانب كل ما استطاعت أن تطوله أيديهم سواء باهدائها لهم  أو سرقات بعثات تنقيب، ومن اشهرها  رأس نفرتيتى فى المانيا التى قيل ان هتلر بعد أن شاهدها أعلن أنه على استعداد أن يخوض حربا من أجل الحفاظ عليها رغم ما حكى وتأكد أنها خرجت من حضن بلادها من خلال عملية تدليس وغش قامت به بعثة تنقيب ألمانيه مستغلة قانونا كان يسمح بتقسيم ما يتم العثور عليه من آثار بين أبنائها وأهلها وبين غرباء ومغامرين هربوها الى بلادهم  .

 

> السادسة من مساء الثالث من ابريل 2021 كانت مصر تعلن للعالم بالموكب المهيب لملوكها وملكاتها انتهاء عصور من النهب والسرقات لكنوز اجدادنا وإعادة توثيق جذور وروابط وانتماء الاجيال الجديدة مع أرضهم وحضارتهم وبعد أن تفشت بينهم أعراض مرضية لا تقل خطورة عما يجتاح العالم من أوبئة فى مقدمتها فقد الوعى بقيمة الحضارة التى ينتمون إليها والولع والهوس بكل ما هو غربى وأجنبى، وبالطبع ساهم وشارك تراجع ثقافى وإنسانى واجتماعى وضرب القدوة والوعى بالتاريخ الوطنى فى مقتل واستقواء الفساد والمفسدين وضرورة رد الاعتبار للأصالة والبنائين وان يتعرفوا إلى أنفسهم الذى فعل أعداؤهم وكارهوهم المستحيل لتغريبهم عنها وتشكيكهم فى تراكم أرصدة الحضارة التى يتكون منها بناء الشخصية المصرية التى استوجبت تصحيح مقولة هيرودوت «أن مصر هبة النيل» فإذا كان هذا حقيقة فلماذا لم تقم حضارات بين جميع الشعوب التى جرى فيها النيل منذ فجر تاريخه ...؟! لقد عاد الموكب الملكى ليثبت أن مصر كانت وستظل بإذن الله هبة وعطاء عمل وإخلاص وإبداع المصريين ..  لذلك كانت تفاصيل هذه الإنجازات والإبداعات كافي وغنى فى ليلة الملوك والملكات عن سرد انجازات وزارة السياحة والآثار مع كل التقدير لها ولكن هذا كان يجب ان يترك لاحتفال آخر.

 

وفى الخامس من أبريل اى بعد احتفالية نقل الملوك والملكات الى متحف الحضارة أعلنت الأمم المتحدة الاحتفال بيوم الضمير العالمى .. واعترف بأننى لم اكن أعرف بأن عالمنا المثقل بالحروب والصراع والعنصرية والتمييز والجوع واللاجئين والمشردين والعاجز أمام سلالات وأوبئة جديدة يحتفل منذ أكثر من عشرين عاما بيوم للضمير وينسى ان يعلن أن مصر كانت مهد الضمير منذ آلاف السنين كما يكتب المؤرخ البريطانى جميس هنرى بريستد فى موسوعته النادرة التى قام بترجمتها عالم من اعظم علماء وأساتذة آثارنا  .د . سليم حسن ،الذى كتب فى تقديمه لترجمة كتاب بريستد: لست مبالغا اذا قررت هنا أن خير كتاب أخرج للناس فى هذا العصر هو كتاب فجر الضمير الذى وضعه الأستاذ بريستد فى عام 1934، وهو فى الواقع مؤلف يدلل على أن مصر أصل حضارة العالم ومهدها الأول، بل فى مصر شعر الإنسان لأول مره بنداء الضمير، فنشأ الضمير الانسانى بمصر وترعرع وبها تكونت الاخلاق النفيسة. وقد أخذ بريستد يعالج تطور هذا الموضوع منذ أقدم العهود الإنسانية إلى أن انطفأ قبس الحضارة حوالى عام 525 قبل الميلاد، فمصر فى نظره حسب الوثائق التاريخية التى وصلتنا عن العالم القديم إلى الآن هى مهد حضارة العالم، وعن هذه الحضارة أخذ العبرانيون ونقل الأوروبيون من العبرانيين حضارتهم وبذلك يكون الأستاذ بريستد قد هدم بكتابه الخالد هذا النظريات الراسخة فى أذهان الكثيرين القائلة بأن الحضارة الاوروبية أخذت عن العبرانيين على ان هذا الرأى لا يزال يعتنقه بعض من لم يقرأ كتاب بريستد إلى الآن، وكأن هذا الاثرى العظيم بكتابه هذا قد أظهر للعالم أجمع أن المصدر الاصلى لكل حضارات الإنسانية هى مصرنا العزيزة وأظهر ما كان لها من السيادة المطلقة والقدم السابقة فى تكوين ثقافة العالم وفى وضع أسس الأخلاق وانبثاق فجر الضمير الذى شع على جميع العالم وبتلك العزة القومية والعظمة النفيسة التى عزز صدقها بريستد 1934، وهو العام الذى ظهر فيه كتابه فجر الضمير فإن البلاد العريقة فى المجد كالشجرة المباركة الطيبة تأتى أكلها كل حين وتنبت بين آونة وأخرى أفذاذا تجرى فى دمائهم قوة العزة القومية والمجد التليد، فيشعرون بعظمة بلادهم وما كان لها من تاريخ مجيد فتنطلق ألسنتهم معبرة عن ذلك بالإلهام المحض .

 

> انتهت السطور التى نقلتها نصا من تقديم عالمنا الأثرى الكبير سليم حسن ... ولعل الاحتفاء والاحتفال الذى شهدته مصر فى الثالث من ابريل بملوكنا وملكاتنا يكون بداية حقيقية لربط وتوثيق الحاضر والمستقبل بهذا التاريخ العظيم وبما يتجاوز الاحتفالات الى إحياء القيم والمبادئ التى علمها المصريون للدنيا فاستقوا بها هناك وأرادوا أن ينكروها علينا، وللأسف ما أكثر ما ساعدناهم عندما أهملنا حضارتنا وتاريخنا ومواصلة زرعها فى أجيالنا الجديدة ولعل البداية تكون بتلخيص فجر الضمير ليعرفوا جيدا هويتهم الحضارية والثقافية والإبداعية ويزدادون بها تحديا وانتصارا على ما مر بهم وما زال من كارهين وحاقدين بقدر ما حباها الله من ثروات بشرية وطبيعية ستتحدى بها وتنتصر بإذن الله على كل ما يوضع فى طريقها من أزمات، ولعل تلك الليلة العظيمة تكون قد أنهت جهل واستقواء وألاعيب من لا يعرفون من هى مصر .

Rochen Web Hosting