رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

حياة معقمة أم فيضان دموى؟!

قسم : مقالات
الإثنين, 17 مايو 2021 21:55

النهايات الدموية والقتل والحرق والاغتصاب ستصبح مادة ثرية ترصدها مستهجنة كل الهيئات المتخصصة فى الأيام القادمة.

كعادته، أشار المركز القومى للمرأة إلى ما يربو على 725 مخالفة فى النصف الأول من رمضان ضد المرأة فى المسلسلات، ستصل إلى الضعف فى التقرير القادم.

كما أنه توقف أمام العديد من الظواهر السلبية، مثل تعاطى المخدرات والبلطجة وتدخين السجائر والألفاظ الخارجة وغيرها، العديد من المراكز المتخصصة ستقدم كشف حساب يتضمن كل ما تراه مستهجنًا، بعد نزع المشهد عن سياقه.

لديكم مثلًا شخصية (نجيب زاهى زركش)، التى أداها يحيى الفخرانى. جزء من التكوين الدرامى أنه يحتسى بشراهة كؤوسًا من الخمر، لا يمكن إحصاء عددها، يشاركه فيها (طريف) محمد محمود. (زركش) يقلع عن الخمر فى الأيام العشرة الأخيرة من رمضان، ويصلى أيضًا، بينما ولأسباب درامية لا يتوقف «طريف» عن شرب الخمر.

أيضًا عنف باسل خياط ضد يسرا وأروى وجميلة عوض وغيرهن فى (حرب أهلية)، فهو شخصية (سيكوباتية)، تستمتع بإيذاء الآخرين..

الواقع قاسٍ ودموى، هل على الدراما أن تُجمل الواقع وتغض الطرف عما نراه ونعايشه فى كل لحظة من قُبح زادت جدًا معدلاته؟.

تحول العديد من المسلسلات الدرامية إلى فاعل أصيل فيما وصل إليه حال الشارع، التحرش يراه البعض نتاجًا طبيعيًا لمسلسل ردىء أو فيلم هابط أو رقصة خليعة، السرقة والقتل والاغتصاب وإدمان المخدرات وغيرها تبدو عند كثيرين وكأنها معادل موضوعى لكل ما تبثه الفضائيات، الجريمة هل تنتظر بالضرورة حافزًا خارجيًا يدفعها إلى الانطلاق، تحميل الدراما كل خطايا المجتمع يحمل قدرًا من التسرع والاستسهال، هل تابعتم العديد من الأعمال الفنية التى تناثرت فيها تلك النهايات الصارخة، مثل المرأة التى تضع سم الفئران لأشقائها، أو الابن الذى حرق والده، أو الشاب الذى طعن شقيقته؟.

قبل بضع سنوات، هاجموا بضراوة مسلسل (تحت السيطرة) لما تضمنه من عشرات من مشاهد التعاطى، وعلى رأس الجهات الرافضة للمسلسل أجهزة مكافحة المخدرات، إلا أنها ومع نهاية العرض أشادت به، وقالت إنه لعب دورًا تحذيريًا ضد التعاطى.

العديد من المنظمات المدنية والمجالس القومية المتخصصة لحماية المرأة والطفولة والأمومة رأت فى مثل هذه الأعمال اعتداءً صارخًا على أمن المجتمع وأمانه، ناهيكم أيضًا عن الكلمات المتجاوزة، التى تجرح آذان ومشاعر الناس.

هل الشارع الآن هو نفسه الشارع فى الخمسينيات؟. يجب أن نضع فى المعادلة مؤثرًا جديدًا ومختلفًا بات له الدور الأكبر فى التغيير، وهو مواقع التواصل الاجتماعى، التى سمحت بتداول كلمات عديدة لم تكن تستسيغها الآذان من قبل، صار ترديدها لا يدهشنا، لا أنكر أن هناك من الكُتاب والمخرجين مَن يسعى لاستثمار القُبح، وهذا قطعًا مرفوض، كما أنه وبنفس القدر تجاهل القبح يُعد تزييفًا للواقع.

القتل والاغتيال على الشاشة هما نتاج لعنف وقبح علينا أن نواجهه أولًا فى الشارع، قبل أن نبدد طاقتنا فى ملاحقة مستحيلة للصورة الدرامية.

قال أديبنا الكبير نجيب محفوظ، عندما طرحوا عليه هذا السؤال، بعد قصة (اللص والكلاب)، التى تناولت حياة السفاح محمود أمين، الذى حمل اسم (سعيد مهران) فى الرواية والفيلم: (قبل أن تهاجموا الخيال المكتوب على الورق، حاولوا أولًا تغيير الواقع)!!.

 

Rochen Web Hosting