رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

ما بعد وقف إطلاق النار

قسم : مقالات
الإثنين, 24 مايو 2021 13:15

لعبت الوساطة المصرية دورًا رئيسيًا فى وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، ونالت ترحيبًا أمريكيًا ودعمًا إقليميًا ودوليًا أدى إلى تكليل جهودها بالنجاح.

 

وأُسدل الستار على المواجهة الإسرائيلية الفلسطينية المسلحة الرابعة، (بدون حساب اشتباكات محدودة)، والتى بدأت فى 2008، ثم 2012، و2014، وأخيرًا الحرب الحالية.

وكما هى العادة، تكبّد الجانب الفلسطينى خسائر أكبر بكثير من الجانب الإسرائيلى، سواء فى الأرواح أو المنشآت، ويكفى القول إن حرب 2014- التى كانت الأكثر دموية، والتى جرت فى ظل انقسام فلسطينى عميق- أدت إلى استشهاد حوالى 2300 فلسطينى، فى مقابل مقتل 68 إسرائيليًا، واستمرت 51 يومًا لم تسفر عن أى تغير فى السياسات الإسرائيلية، التى استمرت فى بناء المستوطنات، وجعلت بناء الدولة الفلسطينية فى الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية أمرًا شديد الصعوبة.

إن حصيلة ما جرى فى مواجهات غزة كانت ثقيلة بالنسبة للجانب الفلسطينى، حتى لو لم تصل إلى نفس أعداد حرب 2014، فقد استُشهد 243 فلسطينيًا، بينهم 68 طفلًا و39 سيدة، وأُصيب 1910 فلسطينيين، ومن بين الإصابات: 560 طفلًا، و380 سيدة، و91 مُسِنًّا، أما على الجانب الإسرائيلى، فقد تسببت صواريخ المقاومة فى مقتل 12 شخصًا، وإصابة 335 آخرين بجروح مختلفة. واقتربت الخسائر المادية الأولية فى غزة من 100 مليون دولار، أما بالنسبة للجانب الإسرائيلى فقد اقتربت من مليار دولار، إذا حُسبت الخسائر الناجمة عن تضرر الموسم السياحى.

الفارق فى الخسائر متكرر، ولكنه لا يعنى هزيمة المقاومة لأن أصل البلاء ومصدر الصراع هو الاحتلال، الذى يمتلك آلة قتل مرعبة، ويمارس أبشع أنواع التمييز العنصرى، ويصبح مبدأ المقاومة بكل صورها ضد المحتل أمرًا مشروعًا والخلاف حول أدواتها وتوقيتها ونتائجها أيضًا أمرًا مشروعًا حتى لا يحول البعض خيارات «حماس» إلى مقدس لا يُنقَد ولا يُناقَش.

والسؤال المطروح بعد وقف إطلاق النار: ما المطلوب حتى يتم إطلاق مسار سياسى جديد يتجاوز أخطاء الماضى ويعمل على إيجاد تسوية سلمية للصراع الفلسطينى الإسرائيلى عبر تطبيق قرارات الأمم المتحدة، التى لم تحترمها إسرائيل؟.

مطلوب حل إشكالية «حماس» داخل منظمة التحرير، وإيجاد صيغة لإعادة دمجها داخل المنظمة، وطرح مشروع سياسى لإنهاء الانقسام الفلسطينى، قابل للتطبيق على أرض الواقع، وهو يتطلب ضخ دماء جديدة فى السلطة، ومراجعة أخطاء الفترة السابقة، كما يتطلب من «حماس» تقديم مراجعات جذرية لتحالفاتها الإقليمية، خاصة فى ظل الرفض الدولى لها، كما عليها التخلى عن فكرة «الإمارة الإسلامية فى غزة»، التى تطبقها عمليًا، حتى لو لم تعلنها، والوعى بأن صمودها وشهداءها والتضحيات الكبيرة التى قدمها مقاوموها لم تسفر عن أى نجاح سياسى يجبر إسرائيليًا على تقديم أى تنازلات.

إطلاق مسار سياسى جديد بمعطيات جديدة تحدٍّ لا يقل صعوبة عن تحدِّى مقاومة المحتل.

 

Rochen Web Hosting