رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

100 سد.. وسد

قسم : مقالات
الخميس, 03 يونيو 2021 11:40

«إثيوبيا ستبنى أكثر من 100 سد صغير ومتوسط فى مناطق إقليمية مختلفة فى السنة المالية الجديدة القادمة».. هكذا تحدث «آبى أحمد» رئيس وزراء إثيوبيا منذ 48 ساعة.

إثيوبيا تريد ببساطة التحكم فى كل نقطة ماء تجرى فوق أرضها.. المسألة ليست توليد الكهرباء بحال.. فما حاجة دولة تريد توليد الكهرباء بالماء إلى بناء 100 سد؟

الهدف من مخطط «السدود الإثيوبية» واضح وليس فيه أى مواربة، ويتمثل فى احتجاز المياه، تمهيداً للانخراط السريع فى بورصة بيع هذا المورد الحيوى.

أواخر ديسمبر من عام 2020 -أى منذ نحو 5 أشهر- نشر موقع «المصرى اليوم» خبراً يعلن تسجيل المياه كسلعة فى بورصة «وول ستريت» بعد أن أطلقت شركة مجموعة بورصة شيكاغو التجارية الأمريكية عقوداً بالمياه، لتصبح المياه سلعة ستتقلب تماماً مثل النفط أو الذهب أو القمح.

التعنت الكبير الذى مارسته إثيوبيا خلال عقد كامل من المفاوضات مع مصر والسودان، كان له هدف واضح منذ البداية يتمثل فى تخزين المياه لمن يريد شراءها من الدولتين، وليس هناك خلاف على أن مصر هى المستهلك الأكبر للمياه فى القارة الأفريقية، ويعانى مواطنوها فقراً مائياً، وبالتالى سوف تتحول لو نجح المخطط الإثيوبى إلى «زبون مياه»!.

حديث آبى أحمد عن بناء 100 سد آخر (صغير ومتوسط) فى خضم الأزمة الحالية الناشبة بين إثيوبيا وكل من مصر والسودان ليس حديثاً اعتباطياً، وهو يحمل رسالة واضحة لمن يهمه الأمر حول النوايا الإثيوبية المستقبلية.

ويجد حديثه أيضاً ما يسنده ومن يسنده فى الولايات المتحدة الأمريكية التى قدمت أولى التجارب فى مسألة «بيع المياه» منذ خمسة أشهر، ودعك من المناكفات التى تظهر بين الإدارتين الأمريكية والإثيوبية من حين إلى آخر.

الخارجية الأمريكية خرجت منذ بضعة أيام مؤكدة أنه لا حلاً عسكرياً لأزمة سد النهضة، ومن ورائها هرول الاتحاد الأوروبى مؤكداً المعنى ذاته.

هذا الموقف يقدم لك إجابة عن سؤال: من أين ستمول إثيوبيا الفقيرة هذا العدد الضخم من السدود؟.. ومن سيساعدها على ذلك غير مَن سندها وساندها فى بناء سد النهضة من دول من داخل وخارج الإقليم الذى نعيش فيه؟

مرور إثيوبيا بالملء الثانى لسد النهضة معناه ببساطة مرورها مستقبلياً بأى عدد من السدود تريد بناءه، لتتمكن بعد ذلك من فرض المياه كسلعة تباع لمن يدفع ثمناً أكبر.

لم تعش مصر عبر تاريخها مأزقاً يعادل هذا المأزق، والمواجهة أصبحت ضرورة لا فكاك منها.

نحن لسنا بحاجة إلى استئذان أمريكا أو أوروبا أو غيرهما لكى نواجه خطراً يهدد أكثر من 100 مليون مصرى.

لم تستأذن إيران أحداً وهى تعبث فى المنطقة العربية، وكذلك لم تفعل تركيا، وأيضاً إسرائيل.

التحرك لمواجهة الخطر أصبح فرض عين ولن يغفر التاريخ للجيل الحالى من المصريين إذا تعامل بأى نوع من الرخاوة مع هذا الملف الذى يهدد مستقبل الأجيال القادمة.

الوقت يضيق.. والخطر يقترب يوماً بعد يوم.

Rochen Web Hosting