رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

شقة الزمالك!

قسم : مقالات
الثلاثاء, 08 يونيو 2021 11:14

فى فبراير ٢٠١٨ كنت فى دبى، وقرأت فى صحف الإمارات وقتها أن دار كريستيز الشهيرة للمزادات ستقيم مزادًا فى ٢٣ مارس من العام نفسه، وأن ساعة الملك فاروق معروضة فيه للبيع، وأن السعر المتوقع لها ٨٠٠ ألف دولار، وأن الدار نفسها كانت قد عرضتها فى مزاد سابق!

الساعة ماركة باتيك فيليب، وهى من الذهب عيار ١٨، وتعمل بتقويم دائم مع أطوار القمر، وكان «فاروق» قد اشتراها عام ١٩٤١، وكان قد ورث هواية اقتناء الساعات عن والده الملك فؤاد، وكانت ساعته واحدة من ٢٨١ ساعة من نوعها صنعتها الشركة المنتجة لأفراد حول العالم!

يومها تساءلت فى هذا المكان عما إذا كانت هذه الساعة هى كل ما بقى من عصر ما قبل ثورة يوليو ١٩٥٢، رغم أنه دام قرنًا ونصف القرن من الزمان، ورغم أن «فاروق» كان هو الحفيد العاشر فى ختامه لسلسلة من أبناء وأحفاد محمد على باشا، الذى كان قد بدأ حكم الأسرة العلوية ١٨٠٥؟!

واليوم أتساءل عن مقتنيات أسرة محمد على وعما يتبقى منها.. فلايزال الذين عاصروا سنوات ما بعد قيام الثورة مباشرة يذكرون أن مزادًا أُقيم لبيع مقتنيات الأسرة، وأن هذه المقتنيات تفرقت دماؤها فى كل مكان، وأننا لم نكن على قدر المسؤولية، التى تحفظ كل قطعة منها للأجيال القادمة على الطريق، لعلها تدرك أن لها تاريخًا أبعد من ١٩٥٢، وأنه تاريخ فيه ما يجب أن نعتز به ونحفظه!

أتساءل لأننا لسنا أقل من الروس الذين أقاموا متحف أرميتاج فى مدينة سان بطرسبرج، عاصمة الدولة فى أيام روسيا القيصرية.. لقد حفظوا فيه كل مقتنيات الأسرة الحاكمة فى عصر تلك الدولة لأن قيام الثورة البلشفية ١٩١٧ على القياصرة لم يمنع «لينين» ورفاقه من حفظ مقتنيات أسرة القيصر فى المتحف الشهير، ولايزال الأحفاد هناك يترددون عليه ويشعرون بالامتنان ليس فقط لكل قيصر اقتنى فى أيامه، ولكن أيضًا للذين جاءوا بعد الثورة فصانوا جزءًا حيًا من تاريخ البلد!

أتساءل لأن الكبير أحمد أبوالفتح، يرحمه الله، كان يحدثنى كثيرًا عن مقتنيات شقيقه محمود أبوالفتح، وعن لوحات فنية لكبار فنانى العالم كان قد اشتراها من الخارج ليضعها فى مقر جريدة «المصرى».. كبرى الجرائد فيما قبل ١٩٥٢.. فلما قامت الثورة اختفت تلك الثروة الفنية، التى لم تكن تُقدر بمال، ولم يعثر أحد لها على أثر.. شأنها شأن مقتنيات أسرة محمد على!

أتساءل وأنا أتابع حكايات شقة الزمالك، التى امتلأت الصحف بالكلام عن كنوزها ومحتوياتها، دون أن يتطوع أحد فى الدولة ببيان موضوعى يضع الأمور فى سياقها الصحيح دون تهويل من نوع ما نتابعه!.

 

Rochen Web Hosting