رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

الحرب وطريق التفاوض

قسم : مقالات
الخميس, 10 يونيو 2021 14:05

يتألق الحق ويسطع نجمه عندما تسنده قوة.

ذلك ما تثبته الأحداث أمام أعيننا كل يوم، وآخرها القرار الإسرائيلى بإلغاء مسيرة الأعلام التى كان من المخطط أن يقودها مجموعة من المستوطنين الصهاينة اليوم الخميس ويصلون فيها إلى القدس ليمارسوا عملهم المعتاد فى الاعتداء على المسجد الأقصى.

نتنياهو «المسكين» كان أكبر داعم ومؤيد لهذه المسيرة فهو يريد تفجير الموقف بأى صورة من الصور حتى يعطل تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة يائير لبيد، فى المقابل أصر وزير الدفاع الإسرائيلى على رفض المسيرة، التى يمكن أن تتسبب فى انفجار عسكرى جديد بين المقاومة وإسرائيل.

وزير الدفاع الإسرائيلى كان موضوعياً حين حذر من المسيرة، خصوصاً بعد أن سمع مسئولى المقاومة يؤكدون أن اقتراب المسيرة من القدس والأقصى سوف يؤدى إلى اندلاع مواجهة عسكرية جديدة، وقد دفعت إسرائيل بالفعل ثمناً باهظاً لمغامرتها العسكرية الأخيرة والتى بدأت بتحرش المستوطنين بحى الشيخ الجراح والعرب الذين يقطنون فيه.

هكذا أملت المقاومة الفلسطينية إرادتها حين امتلكت أدوات قوة، أجادت استخدامها ضد عدوها التاريخى.

فى أى صراع.. لا يوجد طرف ضعيف وطرف قوى.. فأى طرف -مهما كانت درجة ضعفه- يستطيع أن ينال من خصمه إذا أجاد استخدام الأوراق المتوافرة فى يده.

ذلك ما تعلمه الفلسطينيون بعد سنين طويلة جنحوا فيها إلى السلم، ووقعوا على اتفاقية أوسلو، وتعشموا أن يساعدهم العالم فى إيجاد دولة حقيقية يعيشون فيها، فكانت النتيجة صفقة القرن التى وقف «نتنياهو - ترامب» يغردان بها فرحين فى البيت الأبيض، وخرج بعدها بعض العرب مؤكدين أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان، وأن على الفلسطينيين أن يقبلوا بمشروع «شبه الدولة» المقدم لهم، وأن أمريكا وإسرائيل ستفرضان إرادتهما على الجميع.

يصح لنا فى هذه اللحظة أن نسأل من كانوا يرددون هذا الكلام: أين ترامب الآن.. وأين نتنياهو.. وأين مشروعات المستوطنين فى القدس؟

خرج «ترامب» من السلطة، ثم خرج تابعه «نتنياهو»، وبات المستوطنون على خط المواجهة مع أهالى القدس.

لقد أدت المواجهة العسكرية الأخيرة بين المقاومة وإسرائيل إلى تغييرات عديدة فى المشهد السياسى فى المنطقة، أبرزها أن الفلسطينيين الآن يجلسون فى موقع مريح على مائدة التفاوض مع الإسرائيلى، وهو أمر لم يتحقق وهم يتفاوضون تحت مظلة «أوسلو».

فالحرب أحياناً ما تكون جزءاً من الدبلوماسية.. وما لا تأخذه فى الحرب تستطيع أن تأخذه على مائدة المفاوضات.. وهناك أشياء لا تستطيع أن تحصل عليها وأنت تتفاوض، إذا لم تظهر العين الحمراء لخصمك.

السلام هو الحالة الإنسانية المثالية، لكنك بحال لن تستطيع الوصول له وخصمك يشعر أنك ضعيف وعاجز عن النيل منه، وتتغاضى عن تحرشه الظاهر بك، فى هذه الحالة تصبح «الحرب طريق السلام».. وإن لم تفعل فعليك أن تتقبل بما يلقيه خصمك لك -إن ألقى إليك شيئاً- وتسكت.

Rochen Web Hosting