رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

هكذا أفهم فلسفة حياة كريمة

قسم : مقالات
السبت, 24 يوليو 2021 12:05

 

الجمهورية الجديدة، التى شهدنا مولدها فى استاد القاهرة، ليست «عبارة» تتصدر الشاشات المصرية، بل هى رمز لكيان كامل وتأريخ لحياة كريمة.. والحياة الكريمة هى الحياة الآدمية، أمل أى مجتمع هو ليس المدينة الفاضلة الافتراضية التى كانت حلم أفلاطون، ولكنه مدينة حية مشتبكة مع الحياة بجمالياتها ونقائها، ولا نقف متفرجين!.

١- حياة كريمة.. عبارة من كلمتين مبتدأ وخبر، لكنها أكبر من وجودها اللغوى، ولا يوجد مجتمع فى الدنيا لا يصبو لهذه الدرجة الإنسانية. ذلك أن الحياة الكريمة هى شعار ومحتوى. شعار جميل حين تتبناه المجتمعات، ومحتوى مهم لحياة آدمية. الحياة الكريمة ليست عبارة إنشائية نرددها، ولكنها مفهوم إنسانى وسياسى. فلا توجد حياة كريمة دون «نوافذ» تتنفس منها. للحياة الكريمة رئة وهواء نقى، وعندما أسمع كلمة حياة كريمة التى صار لها سفراء فى كل شبر فى المجتمع، أشعر أن الفريق المتطوع للعمل ليس مجرد ديكور بزى خاص ملون، ولكنه يؤدى إنجازًا يعمق مفهوم الجمهورية الجديدة. وأنا وجيلى بكل خبراتنا المتراكمة ننضم لشباب مصر الناهض والمتطلع لحياة كريمة حقًا.

٢- حياة كريمة ليست فيها ذرة عشوائيات، واستطاعت القيادة السياسية الواعية أن تقضى على هذه العشوائيات التى كانت مركزًا وبؤرة للبلطجة والإدمان. والمجتمعات الجديدة التى أقامتها الدولة على أنقاض العشوائيات كانت تخطط لحياة آدمية وليست عشوائية بكل ما فى الوصف من سلبيات تطلب الحذف!.

٣- إن فلسفة حياة كريمة تنطوى على ميثاق إنسانى آدمى وضعته الدولة وتنفق المليارات لتحققه واقعًا.

٤- الحياة الكريمة فى المسكن وفى المواصلات التى يستخدمها الملايين ينبغى أن تحافظ على كرامة وآدمية الناس. وقلت إن الحياة الآدمية هى كوب ماء نقى وقطار آمن، وليس بالضرورة أن يكون قطارًا فاخرًا!. الحياة الكريمة تحترم المرأة حيث كانت، وتحترم العجائز. الحياة الكريمة معناها التعامل مع أجهزة الدولة التى تتعامل مع الجماهير باحترام وآدمية، وعندما أذهب لقسم شرطة، فالتعامل الآدمى فى التفاصيل اليومية يجعل من جهاز الشرطة صديقًا بعد أن كان فى فترات ما عدوا. ومادمنا نتكلم عن حياة كريمة، فإن اللغة المتداولة بين الناس يجب أن تكون مهذبة بلا صياح أو كلمة بذيئة، ويجب أن يخلو المجتمع من آفة التحرش التى غُلظت عقوبتها. فحياة كريمة لا تحمل تنمرًا أو تطاولًا أو تحرشًا بكلمة!.

الحياة الكريمة ليست الحياة الصامتة، بل هى حياة تعبر عن نفسها بحرية ودون خوف. ولا كرامة لإنسان لا يعبر عن نفسه، فإذا كانت المشكلة تخص شريحة من الناس، فالأولى بنائب البرلمان أن يسأل ولا يكف عن سؤال المسؤول، هذه الأسئلة هى عربون حساب الشعب للمسؤول، والنائب الذى يعيش قضايا دائرته ويتفهم مشاعر من انتخبوه يدعم ببساطة محتوى الحياة الكريمة. أنا مثل ملايين المواطنين، لى جيش قوى وقيادة سياسية حصيفة وحكومة عينها على الناس وهمومهم.

٥- الحياة الكريمة فيها التعليم الجيد وفيها التدريب الجيد، فمصر الغد تريد المفكر والأسطى!. حياة كريمة تضع آفة الأمية نصب عينيها حتى تخلو مصر من الأمية وتطاردها مثلما طاردنا مرض فيروس C. تتغير الحياة كثيرًا عندما نحصل على صفر أمية. والدولة - من أعلى قمتها - تعالج المرضى حتى ضمور الأعضاء. من حق الناس فى الحياة الكريمة أن تسمع أغنية حلوة، ليس بالضرورة أن تكون وطنية، ومن حقهم أن يشاهدوا فيلمًا ذا مستوى تأليفًا وإخراجًا، ومن حقهم رؤية شاشات محفزة على العمل والإنجاز والإبداع، فالحياة الكريمة تؤثِر الموهبة وتدفعها فى الاتجاه السليم، ولن نحصل على الزمن الجميل فى الفن والصحافة والمسرح والسينما.. ومن هنا يأتى دور الكشافين لاصطياد المواهب، ففى البلد منجم من المواهب.. فقط يحتاجون فرصة!.

٦- حياة كريمة ليس فيها فقر رهيب ولا ثراء فاحش يهزم القيم. «حياة كريمة»، علمنا د. سيد عويس، عالم الاجتماع، أنها حياة «فيها قيم مجتمعية وآداب للتعامل ورحمة فوق القانون».

٧- حياة كريمة تخلو من «الهرى» وتترك المهمة للقبطان الذى وثقنا فيه وائتمناه على قيادة سفينة مصر وسط الأنواء والعواصف والتحديات.

٨- حياة كريمة تعمّق الوسطية فى الإسلام والسماحة من ثوابت المسيحية. ولعل الرئيس السيسى هو الرئيس الوحيد الذى مر فى تاريخ مصر يذهب إلى الكنائس أثناء الصلاة ليهنئ أقباط مصر.. الرؤساء السابقون كانوا يكتفون بإنابة كبير الياوران لهذه المناسبة، ولكن أقباط مصر فوجئوا بزيارة الرئيس للكنيسة المصرية الأرثوذكسية، ومصر القيادة تضرب أى صورة من صور الفتنة.. ولقد لعب الإخوان طويلًا على هذا الوتر، بيد أن الرئيس كان منتبهًا إلى هذه المحاولات المستميتة عندما صار حاكمًا، ولعل سيناريو إلهيًا أتى به ليعيد لمصر هذا البهاء الذى نشاهده ونشهد عليه.

٩- حياة كريمة ليست مترو فيه «لحم بشرى» ولا أتوبيسا مكتظا بالركاب.. إنه قد آن أوان بحث المشكلة السكانية لينعم الناس حقًا بحياة آدمية، واسألوا د. هالة السعيد، وزيرة التخطيط، عن أرقام التعداد الصحيح لتعرفوا حجم المشكلة. ذات يوم بعد أن كتب يوسف إدريس مقالًا مهمًا، وكنت أقدره كقصاص وأحترمه ككاتب مقال. كتب يوسف إدريس مقالًا بعنوان «أهمية أن نتثقف يا ناس»، كان يوسف إدريس يرى أن ثقافة المجتمع تعفى الدولة من ثلث أعبائها بسبب الجهل الشديد!. كان يؤمن بأهمية المسرح لأن الصلة مباشرة بين خشبة المسرح والناس، خصوصًا فى مسرحيات تهتم بالسلوك.. ومازلت أحفظ عن ظهر قلب عبارة أحمد بهاء الدين «نصف مشاكل مصر سلوكيات خاطئة».

إن حياة كريمة تتطلب وعيًا بالغذاء الذى نأكله، وليست لنا قواعد غذائية، وربما كانت الشاشات مليئة بطباخين يجيدون صناعة أو طبخ كثير من الأغذية، ولكن ليس فيها إخصائى تغذية يرشد الناس.. ولهذا الكروش ظاهرة مصرية. حياة كريمة تحفظ للزوجين أدنى حد من الآدمية للاستمرار، لأن شبح الطلاق يظهر فى حالات الجهل والمرض والفقر. وأحلم أن نسب الطلاق سوف تقل بالتدريج حين تتأصل الحياة الكريمة فى البيوت.

١٠- لست أحلم بمجتمع مثل السويد، حيث ينتحر الناس هناك لافتقاد مشكلة، فالمجتمع يلبى طلباتهم إلى الحد الذى اختفت فيه الشكوى تمامًا وصارت الحياة بلا جدوى!. إن منغصات الحياة كثيرة مهما كانت حلاوة الحياة التى نحياها. إن جيرة جاهلة تنغص الحياة. إن مقهى فى العمارة ينغص الحياة. هناك منغصات كثيرة لا تملك الدولة أن تعينك عليها لأنها حريات شخصية، مثل جارك الذى يقيم موائد يومية لعشرين قطة أو أقل!، لذلك فر بعض السكان إلى المنتجعات هربًا من منغصات ما!.

١١- الحياة الكريمة حياة تفانٍ، والرمادية ليست مطروحة فى قضية الوطنية، وبالتالى الخيانة ليست وجهة نظر، الحياة تفرض العمل والتفكير من أجل تثبيت أركان الدولة القوية.

١٢- إن الحياة الكريمة تحتاج لتحريك عقول المجتمع نحو الكمال الذى نحلم به لكل شرائح المجتمع، ولذلك تصبح حلبات المناقشة فى محتوى فلسفة حياة كريمة ضرورة حضارية. من حق المصريين أن يضحكوا، ومن حقهم الفرجة على فيلم يثير الذهن ويملأ القلب، من حقهم أن يسمعوا موسيقى ترتقى بالذوق لا شواكيش! من حق المصريين أن يذهبوا لمسرح يخاطب مشاكلهم دون اغتراب!.

نحن نسابق التكنولوجيا، و«الوعى» هو طوق النجاة فى التحديات، ودونه «نتكعبل» و«مانبطلش هرى». نحن نواجه الحياة الرقمية بكل مشتقاتها ونتعلم أمن المعلومات، وهذا يتطلب الفهم. أنا لا أتصور حياة كريمة الفهم ليس من متطلباتها وأساسياتها.

١٣- ولأكون أمينًا معكم، فالحياة الكريمة لا تستقيم إلا بتطوير ريف مصر والقرى الأشد فقرًا. من هنا أشير إلى ضرورة استعادة المرشدات الريفيات من أهل القرى المطورة، لأنهن القادرات على التواصل مع أهالينا هناك. تطوير ريف مصر يجعله قريبًا بشكل عصرى من المدن، فلا فجوات بين الريف المصرى والمدن. إن دور الرائدات الريفيات هو زرع السلوك الجديد واقتلاع الموروثات العتيقة. وتطوير الريف خطوة متقدمة وجريئة. والحياة الكريمة ليست من نصيب الوادى «٤ آلاف قرية» بموازنة ٧ مليارات جنيه.

١٤- بثبات ورسوخ، تدشن جمهوريتنا الجديدة، ولكنها ليست حلمًا شفويًا نتكلم فيه، إنما هو عمل ومبنى وموظف جديد وأسلوب رقمى جديد وامرأة ريفية جديدة، إنتاج أرضها يصل للبندر فجر كل صباح. السيسى قام بالتدشين، وعلينا أن نقوم بواجبنا فى إرساء هذا الحلم، ونقترح ونعمل فى بعض المشاريع لأخذ صيغها الصحيحة أثناء تطبيق الجمهورية.

١٥- الجمهورية الجديدة «إعادة صياغة» لبلد متحمس أن يكون الأهم والمركز والمرجعية والموقع والتاريخ.

علينا أن نستأصل من مفاصل الدولة بكتيريا الإخوان حتى تمضى الهمة فى أداء المهمة.. قولولنا تجاربكم فهى مرشدنا.. مهم إننا نستفيد بإحاطة المجتمع وطبيعته، وهكذا نتعاون مع خبرات.

١٦- لا يفوتنى - فى مناسبة الجمهورية الجديدة- تمكين المرأة من مناصب القضاء. إنه «إيمان» عميق من القيادة السياسية بدور «نون النسوة».

١٧- وفى فلسفة حياة كريمة أحلم بإعلام:

١- لا يتشابه على الشاشات ويتنوع للجاذبية.

٢- الاعتماد على مضمون ومحتوى بدلًا من ترديد الببغاوات!. إنه سيفتقد المصداقية حين يخلو من محتوى.

٣- المحاسبة - من منصة وطنية - مثل مهمة نواب البرلمان، فهذا يبعث الحياة ويقتل الركود.

٤- الميكروفون ينزل الشارع لأن رجل الشارع رأيه مهم، وله اعتبار، والرئيس يقابله أحيانًا.

٥- تجنب الصدمات من آراء خارج الصندوق، فهذه الآراء - إذا كانت موضوعية - فهى سر تقدم الدول.

٦- الاعتماد على المعلومة ليصبح المقال أو البرنامج مكتملًا ويؤثر بالفعل وليس تهويمًا أو بيعًا للوهم.

٧- تنوع زوايا التناول الإعلامى المسائى بدلًا من النغمة الواحدة والاستسهال!.

٨- رئيس الدولة يريد إعلامًا «يساعده» على تنوير العقول وبعث الهمم ونثر قيم التحدى، ولا يريد إعلامًا يردد ما قاله فقط، يريد إعلامًا يجدد الأمل وينفر من السخط، يريد إعلامًا يخاطب العقول ولا يعتمد على الفهلوة.

٩- السيسى ينصحنا نبطل «هرى»، ونحول هذه الطاقة إلى عزف على أوتار التقدم.

١٠- أستغل كلمة «البركة» التى ذكرها الرئيس فى حديثه العفوى لأقول إن الله يطرح البركة فى كل خطواتنا.

 

Rochen Web Hosting