رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

جوانتانامو

قسم : مقالات
الثلاثاء, 27 يوليو 2021 13:16

فى تقرير على موقع «إندبندنت عربية» عن معتقل جوانتانامو، الذى استخدمته أمريكا لسجن من ادّعت إلقاء القبض عليهم لعلاقتهم بالإرهاب بعد غزوها أفغانستان عام 2001، تدرك كم العبث المرتبط بالمبادئ الأمريكية فى ما يتعلق بحقوق الإنسان، وتلك الهالة المقدّسة التى يضفيها السذّج على كل ما هو أمريكى فى هذا الشأن، بينما الحقيقة غير ذلك بالوقائع فى قضية واحدة وملف لم يغلق رغم مرور 18 عاماً عليه.

ينسب معتقل جوانتانامو إلى تلك الجزيرة التابعة لكوبا واستأجرتها منها أمريكا فى مطلع القرن الماضى مدى الحياة، وأودعت فيه الإدارة الأمريكية من ألقت القبض عليهم بعد غزو أفغانستان بناءً على نصيحة من وزارة العدل الأمريكية حتى لا يخضعوا للقضاء الأمريكى أو القانون الدولى! وهكذا عاش -كما يقول التقرير- 779 سجيناً حياتهم على مدار السنوات الماضية بلا محاكمات أو قانون، وذاقوا وبال التعذيب الذى نشرت وقائعه منظمات عدة، علّ أبرزها تقرير الصليب الأحمر الذى نشرته «نيويورك تايمز» عام 2004 عن انتهاكات عدة شابت تفاصيل أيام المساجين هناك، ووفاة ثمانية معتقلين، قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن 6 منهم انتحروا! بالإضافة إلى وجود أطفال دون سن الثامنة عشرة بين معتقلى جوانتانامو، ووجود عدد غير قليل ممن تم اعتقالهم فى هذا السجن لا علاقة لهم بالإرهاب!

سبعة فقط من بين 779 سجيناً أجريت لهم محاكمات عسكرية -وضعْ مليون خط تحت كلمة عسكرية وتذكر الضجة التى يثيرها الغرب لو لجأنا للقضاء العسكرى لدينا فى قضايا الإرهاب- حيث ذكر التقرير أن خمسة أفراد من هؤلاء السبعة أذعنوا لرغبة الادعاء فى تلك المحاكمات، واعترفوا بارتكاب التهم الموجّهة إليهم نظير إمكانية إطلاق سراحهم، وهو ما يثير أسئلة عن هؤلاء الخمسة، وما إذا كانوا أبرياء بحق؟ أم مجرمون تم إطلاق سراحهم ليرتكبوا مزيداً من الجرائم؟ ناهيك عن تصريح منظمة العفو الدولية بأن تلك المحاكمات لا تُلبى المعايير العادلة الواجب توافرها.

لم يتبقَّ فى سجن جوانتانامو سوى 40 سجيناً، أما بقية المساجين فقد تفرّق أمرهم بين من مات أو قُتل، أو أفرج عنه فى صفقة أو أعيد إرساله إلى بلده أو بلد عربى آخر ليتواصل سجنه، ولا بارقة أمل وراء إغلاق هذا المعتقل الذى يمثّل انتهاكاً لكل معايير حقوق الإنسان، وأبسطها فى حال اتهامه بارتكاب جريمة، ألا وهو حق المحاكمة أمام محكمة عادلة، إما تثبت جرمه وإما تمنحه صك البراءة. ولكن تلك هى نصيحة وزارة العدل الأمريكية، وضعْ أيضاً مليون خط تحت اسم المؤسسة الأمريكية التى نصحت الرئيس الأمريكى جورج دبليو بوش بإيداع هؤلاء فى جوانتانامو حتى يفعل بهم ما شاء دون تقييد بوقت أو قانون!!

لا أمل فى إغلاق هذا المعتقل الذى أعلن عدد من المسئولين الأمريكيين مراراً وتكراراً عن غلقه، إلا أن القضية ليست قضية المعتقل فقط، ولكن مصير من تمّ سجنه بلا تهم وضاعت سنوات عمره بلا هدف وخرج أو مات بلا ثمن. وقضية من لا يزال هناك وقد مر على اعتقاله 18 عاماً دون محاكمة تعيد الحقوق لضحية إن كان متهماً، وتعيد الحياة له إن كان بريئاً.

ولكن يبدو أن الحقوق الأمريكية لا تلتفت إلا لحقوق النشطاء المُموّلين.

 

Rochen Web Hosting