رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

الهَرْى.. لماذا؟

قسم : مقالات
السبت, 31 يوليو 2021 10:09

-١- «الهَرْى» هو الصياح المكتوم.. هو السخط الصامت.. هو الثرثرة بلا طائل.. هو الصراخ همسًا!. والهرى من صفات الشعوب، خصوصًا شعوب البحر الأبيض. وربما كان ضجيج إيطاليا بسبب «الهرْى»!، ويتساوى الهرْى فى حياة الشعب الإيطالى بين مباراة كرة قدم وسقوط حزب فى الانتخابات!. والهرى يبدأ بحوار مع النفس، ثم بحوار مع الجار، ثم بحوار مع مجموعة، ثم تعليقات على الـ«فيس بوك»، ثم ببوستات جريئة وأحيانًا جبانة، ثم تصبح حديث المدينة!.

-٢-

ومعظم الهرْى فى المجتمعات سببه غياب المعلومة، وأحيانًا الفذلكة وادعاء المعرفة ببواطن الأمور!. «الهَرْى» عدوى تسرى بسرعة كما الإشاعة. وعلّمنا د. سيد عويس أن الهرى هو اللغط. وأطلق عليه أحمد بهاء الدين «اختلاط الحابل بالنابل»!. وكان د. زكى نجيب محمود يرى فى «همسات المدينة» صحة نفسية لشعب ورغبة فى المعرفة!. وأجهزة الإعلام التى لا ترد على أسئلة وتساؤلات المجتمع تشجع على نمو أعشاب السخط فى أرض المدينة.

والسخط - علميًا - هو مشاعر غضب مكتومة فى الصدور. و«الهرْى» هو عملية تنفيس عما هو محبوس بين الضلوع!. ولا توجد مستويات عند عامة الناس للهرى، فهزيمة «الأهلى» فى مباراة تخلق حالة من الهرْى العام.. إنه إذن التعبير!.

المصرى يحب التفاصيل «من خصائص البيئة الزراعية».. والألمانى يهمه المضمون والنتيجة «من خصائص المجتمع الصناعى».. والهرى فى مجتمع التفاصيل أضعاف أضعاف مجتمع صناعى، ولأننا مجتمع الحكاية والقعدة ودور شاى، يصبح «الهرى» واقعًا وتختلط الإشاعات بالحقائق!.

-٣-

فى زمن ما، أظن أنها التجربة الناصرية، كان «الهرْى» لا يغادر الصدور، وإذا غادر لسبب أو آخر كان مصحوبًا بموسيقى الهرى.. الآن، يحسب حسابًا للتكنولوجيا المتطورة درءًا للأذى!. والهرى - الآن - يخلو من النكت.. وكانت قريحة المصريين أنشط فى عصور تكميم الأفواه! وكان هناك فى ذلك الزمن من يجمع نكت المقاهى، وهى تعبير عن «أوضاع» بلد!.

المصرى حِشرى، يحب أن يعرف وقد يدعى المعرفة، ولذلك يصبح الهرْى صفة من صفاته. ولما صار الموبايل من ثوابت الحياة العصرية فقد انتقل «الهرى» من الشفاة إلى صفحات ومنصات التواصل الاجتماعى، بل ربما صارت «صحافة موازية إلكترونية» وقد يصدقها الناس حين تنهمر المعلومات والفيديوهات. و«الهرى» الإلكترونى هو التسريب، تسريب معلومات أو تصريحات أو فيديوهات!.

والحس الشعبى يقول: «هرانى ضرب» و«هريته تأنيب» و«اتهرى من العياط»!!

-٤-

إن الحوارات المجتمعية «تشل» الهرى، لأنها فرصة لإبداء الرأى وإخراج المسكوت عنه والمخبوء!. والمثل الشعبى يقول: «كترة الهرى تجيب النكد»!، فقد تشتبك فى موضوع لا صلة لك به، وبسبب «العتمة» فى المعلومات تجلب لك الضيق والنكد!.

الهرْى فى المجتمع نتيجة غياب حقيقة، ومحصول إشاعات، وعدم إفصاح عن معلومة، وتضارب آراء مغلوطة.. ولعل أشهر «هرْى» حدث فى مصر بسبب «سد النهضة» لأنه يمس بشكل مباشر حياة المصريين.

وترقب التعديل الوزارى له صلة بحياة المصريين، وكان سببًا فى «الهرى» لعدة أيام.

فى بيوتنا تقول الزوجة لضرتها: «اهرى يا ضرة.. انكشى وموتى بغيظك».

-٥-

وعندما يقول لنا رئيس مصر: «بطلوا هرى»، فهو ينصحنا بأن نوفر هذه الطاقة لـ«البناء» «لا الهدم».. وأجد كلمة «الوعى» تصر أن تكون خاتمة هذا المقال!.

 

Rochen Web Hosting