رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

مهرجان القلوب

قسم : مقالات
الأحد, 31 أكتوبر 2021 21:06

 

 

لأننا صرنا نعيش ونتابع ونشاهد ونقيم الجلسات العائلية ويتجمع الأصدقاء أمام شاشات العرض ونسجل ونصور ونحلل وندرس ونتأمل وننقد ونؤيد وندعم ونقسم شهور السنة طبقاً لجداول إقامتها وتخصصها ونصنع نتيجة حائط خاصة بها وأخرى للمكتب وثالثة لحقيبة اليد -كل ذلك للمهرجانات- فقد طرأت لى فكرة أن يقيم كلٌ منا مهرجاناً خاصاً له وحده، وليكن (مهرجان القلوب) ليؤرخ من خلاله ويحتفل بتلك القلوب التى شاركته أسعد لحظاته وربما أشدها قسوة ويسميها لنا ويعترف فى جلسة حوارية بهم ونقيم الندوات من أجلهم ونمنحهم ما يستحقون من جوائز وتماثيل تذكارية بلون الذهب وأخرى بلون الفضة، كل حسب مكانته وأثره الذى تركه قبل أن يرحل أو يختفى أو حتى يظل إلى جواره باقى العمر، ولا مانع من أن نعطيهم الشرعية أمام العالم كله ونجعلهم يتهادون بدلالٍ وثقة وسعادة فوق السجادة الحمراء تلك التى أدارت رؤوس الجميع فى المهرجانات وأصبحت حلم النجومية ونصمم لمن منعتهم الأقدار من البقاء لوحات تحكى وتتكلم وتغنى وتذرف الدموع على ما فات ولن يعود.

 

وما لا شك فيه أننا سنكون فى حاجة إلى تقويم جديد يحمل اسم كل منا وسيضم الفصول الأربعة التى عشناها سنوياً على أن نطلق عليها أسماء وكنية مَن شكّلوها لنا بضحكاتهم وطيبتهم وحماقاتهم وقسوتهم وذكائهم وكلماتهم التى لا تُنسى وردود فعلهم معنا التى كانت تكوّن السحب التى تنهمر منها الأمطار وتندفع الأعاصير والموجات الحارة الخانقة والزلازل المرعبة التى تدمر المنازل الصغيرة الضعيفة فوق رؤوس سكانها، وفى أوقات أخرى كانت ترسل نسائم ربيعية ناعمة معطرة برائحة الياسمين والمسك والعنبر وتطلق من حولنا النغمات والألحان.

 

ولا عجب فى تلك الفكرة، لأن شعوب العالم اعتادت إقامة تلك المهرجانات التى تحيى الذكريات وتسجل عاداتهم وتقاليدهم، ففى البرازيل (مهرجان ريو دى جانيرو) الذى يضم الحفلات الموسيقية والعروض وأهمها رقصة السامبا، وفى لندن يقام (مهرجان نوتينج هيل) الفنى للاحتفال بالمجتمعات الكاريبية وتقاليدها وعاداتها ويعد من أقدم المهرجانات فى بريطانيا، حيث أقيم لأول مرة فى ستينات القرن الماضى وحضره أكثر من مليونى شخص، وفى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، يقام مهرجان (كواتشيلافالى) الذى بدأ عام ١٩٩٩ ويقدمون فيه الموسيقى والنحت والرسم.

 

ولا تخلو المهرجانات من التقاليع الغريبة الكوميدية، ففى النمسا يقيمون مهرجان (طلاء الجسد) حيث يقوم الرسامون من مختلف دول العالم بالتجمع والرسم على أجساد العارضات بألوان زاهية فى دعوة سنوية للتفاؤل.

 

أما مهرجان «هولى»، أو كما يطلق عليه مهرجان الألوان، فيقام فى الدول التى يعتنق سكانها الديانة الهندوسية ويعكس فى طقوسه أهمية الثقافة الهندوسية لمعتنقيها إذ إنه يرمز لانتصار الخير على الشر.ولأننا أصبحنا نعيش فى عالم الإلكترونيات، فقد أقيم عام ٢٠٠٥ مهرجان (تومورو لاند) الذى يعد أهم المهرجانات الموسيقية الإلكترونية فى العالم ويستمر شهراً كاملاً حيث تقام حفلاته على أنغام الموسيقى الإلكترونية فقط.

 

وإذا كانت هناك أصوات تخترق القلوب والعقول والذاكرة وخلايا الجسد وتترك بصماتها واضحة قوية على النفوس، فلا نحتاج لمن يذكّرنا بها إن سمعناها مرة أخرى أو التقينا بها فجأة فى رحلة عبر الأثير، لأن لها وقعاً لا يشبهه آخر، مهما حاول التشبه به أو التقرب منه، فقد نلتقى بآخرين أصواتهم بلا ملامح ولا هوية تعبر أمامنا كالهواء المحايد لا يصل لدرجة البرودة المنعشة ولا حتى الحرارة المرتفعة.

 

فلا مانع من أن نخلد ذكرى أصحاب تلك الأصوات، أصحاب القلوب النضرة الطازجة، فواحة العطر والمشاعر والعطايا ونحتفل بهم سنوياً ونعيد ذكرى أول رقصة وأول هدية وأول فرحة.

Rochen Web Hosting