رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

للسعادة ملامح وبريق

قسم : مقالات
الخميس, 23 ديسمبر 2021 19:32

إذا كنت من أصحاب الفراسة فمن السهل عليك أن تكتشف ملامح السعادة على الوجوه وبريقها الذى يضىء من تلفهم وتملأ قلوبهم وتنعش أجسادهم وترجع بجميع خلجاتهم سنوات وربما عقوداً، فيحيطها بهالة من نور لا تخطئه العيون، ولا يتوقف الأمر على ذلك، فكل من يقع فى مدارها يناله قدر من ذلك البريق، وكأنها فيروس نشيط سريع الانتشار قوى لا دواء له ولا سيطرة عليه، فأى مكان يوجد فيه حامله ينتشر داخله ويتجول ويطير ويعدو ويقفز ويصل لجميع الزوايا والأركان والارتفاعات والانخفاضات والمنحنيات فيصيب الجميع، إلا أنها إصابة ممتعة ناعمة حنونة تظهر أعراضها فى لحظات وتستمر طويلاً طالما كان لدى حاملها القدرة على الحفاظ عليها ودفعها للاستمرار والسيطرة على كيانه، وكأنما يحمل بعضنا داخل خلايا جسده ومكونات دمه الطبيعية الضرورية للحياة ذرات خاصة جداً تساعد على بقاء ذلك الفيروس النادر حياً يمتع أصحابه ويميزهم عن الآخرين.

ومن أسعد الأقدار أن يكون لديك حبيب تلخص رؤياه أو زيارته لك فى أحلامك أو سماع صوته أو حتى صورته الموقعة بكلمات عن أجمل الذكريات وأول لقاء عندما تزور خيالك فجأة فى لحظات غير متوقعة وسط مشاغل الحياة ودورتها اليومية السريعة، تلخص جميع معانى ومفردات وملامح وعبير وردود فعل وطقوس وأشكال الفرحة والسعادة، فقد يمثل لك ذلك الحبيب المناعة الحقيقية التى تبعد عنك أى مقاوم أو مضاد للسعادة، بل إنه يدعم مكوناتها داخلك ويحفزها على النشاط والتكاثر والانتشار والبقاء.

وإذا كان ملخص مفهوم السعادة هو الشعور بالرضا عن الحياة بكل ما فيها حيث يمكننا وصف ذلك الشخص الذى يحسب مشاعر إيجابية متكررة بأنه شخص سعيد، فهذا الوصف لا يعنى نفى المشاعر السلبية، كما يؤكد صحة النظرية التى تقول إن تحقق السعادة يعود لاعتبارات شخصية لدى كل منا.

وفى دراسات الفلسفة وعلم النفس يتحدث المختصون عن (صناعة السعادة) وكيف يمكن أن ننجح فى ذلك عبر التفكير فيما يميزنا عن بعضنا، فكل فرد من أفراد المجتمع لديه ما يميزه عن غيره ومعنى مختلف يحقق فيه ذاته، لذلك فإن السعى لتحقيق النجاحات الشخصية فهم للسعادة، حيث لا يقتصر أثرها على الجوانب المعنوية أو النفسية فقط، بل يتعداه للجوانب الصحية لأن المحافظة على المشاعر الجديدة لسنوات بالابتعاد عن الإحباط والتوتر والقلق تسهم فى سيطرتها على الإنسان وتقليل نسب المشكلات الصحية والأمراض العضوية.

ومن أهم إنجازات السعادة أن تكون منطلقاً للنجاح والإبداع والتميز حتى على مستوى المجتمعات، فمجموع الأشخاص السعداء يشكل مجتمعاً سعيداً بعيداً عن الانحراف والتطرف والعنف. ولا يتوقف أثرها على ذلك فقط، فهى حالة خاصة جداً أشبه ما تكون بقرار الرضا والاستمتاع بالتجربة الحالية، مع الاستعداد لاستثمارها ومضاعفتها أطول فترة ممكنة، وإن تعددت التجارب واختلفت الأزمنة والأماكن.

كما تشير العديد من الدراسات والتجارب العلمية إلى أثر الشعور الإيجابى على مدى قابلية الإنسان للتحرك والبدء بنشاط حركى معين، حيث تولد مشاعر التفاؤل عدداً من النوايا الحسنة التى تدفع صاحبها للمبادرة والعمل والإنجاز على عكس حالة الحزن والإحباط التى تجعل المرء يميل للخمول والتقاعس عن العمل، لذا يمكن اعتبار السعادة محفزاً ذاتياً للإنجاز وتنمية المبادرة ذهنياً وعملياً.

وقديماً قال أحد الحكماء: (السعداء لا يملكون كل شىء، بل مقتنعون بكل شىء)، و(كن أنت الفرح أينما حل أبهج).

Rochen Web Hosting