رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

رالى الأيام

قسم : مقالات
الأحد, 02 يناير 2022 13:50

ويقترب ميلاد جديد لم يبق على وصوله سوى ساعات ويستقبله العالم كله، إلا أننى أعيش معك تقويمى الخاص جداً، الذى بدأ بميلادنا معاً عندما أصابتنى نظرتك الأولى فى أول لقاء لنا.

أصابتنى بالدهشة والسعادة والفخر والإعجاب والنشوة، ولاحظت أنها مختلفة تماماً؛ فهى المقتحمة المتفحصة المدققة المعجبة حتى الفتنة، التى أعلنت فى ثبات وهدوء وثقة أننا تحولنا لقصة لا علم لنا كيف ستسير أحداثها؟ وكم سيبلغ عمرها؟ وهل ستصبح معلنة أم ستحمل أوراقها توقيع (سرى للغاية) حتى يعلنها القدر فى احتفالية صاخبة كتلك التى نستقبل بها العام الجديد؟.

وفى الساعات المتبقية على الميلاد الجديد أحسست أننا جميعاً نخوض (رالى الأيام) مع الحياة والقدر والسعادة والشقاء والنجاح والفشل والجدية والعبث والأمان والقلق والخوف من المجهول والحرمان وتحقيق الأمانى والأحلام والسقوط واستئناف التسلق حتى الوصول للقمة، قمة كل ما هو جميل مفرح منعش، فقد اعتدنا أن نسير خطوة بعدها خطوة، وساعة وراءها ساعات، ويوماً وراءه يوم، وكأن الصورة تضم طابوراً منظماً بدقة متناهية لجنود يتحركون إلى الأمام ولا ينظرون خلفهم مهما حدث، فكل يعرف مكانه وطريقه ودوره للتحرك وموعده المحدد للوصول، وهذه هى الأيام والليالى «٣٦٥» نعيشها وتحركنا وتلهو معنا فتسعدنا وتتراقص أمامنا وتدعونا لمشاركتها وترسم الضحكات على وجوهنا وعلامات الانتصار والفخر والتقدم والإنجازات، وتكتب أسماءنا بحروف من نور لا تمحى، وتظل تنير الليالى ليتذكر الجميع قصص النجاح، أو تحزننا وتنهمر دموعنا دون أى محاولة منها للمواساة وكأنها تستعذب آلامنا وتنتظر ردود فعلنا بعد تلقى الضربات الموجعة.

ونتأكد أننا نعيش داخل حلبة مخصصة لرالى، ولكن ليس رالى السيارات، بل هو رالى الأيام التى تسبقنا ونطاردها ونحاول أن نفوز، إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة التى نتحدث عنها ونتابع بها النتائج.

ففى رالى الأيام يسقط منا أعزاء وأحبة وأصدقاء ونكتشف حقائق موجعة فيهجر من يريد ويسافر آخر فى رحلة استكشافية تتحول إلى نوع آخر لا عودة منه، بل تغيير كامل شامل، تتغير الأوراق ومعها الأحلام والجنسية والوطن والحبيبة والانتماء وتضيع الوعود وتنتقل الأيام خطوات للأمام فى مسار الرالى بحثاً عن الفوز والنقاط والهتاف والتشجيع والصورة النهائية لحظة الوصول إلى الهدف.

وفى رالى أيامنا وأعمارنا لا يختلف الأمر كثيراً عن ذلك المخصص للسيارات، فهو سباق للتحمل والسرعة، ويشمل عدة مراحل يحصل المتبارون فى نهاية كل منها على عدد من النقاط. وتتم سباقات الرالى عادة على الطرق السريعة المفتوحة للسير الطبيعى، إلا أنه أحياناً ما تكون بعض هذه الطرقات زلقة أو مبتلة أو مكسوة بالثلج فى الشتاء، وهو ما يعيق المتسابقين ويجعل الفوز صعباً محفوفاً بالخطر، كما يحدث مع الأيام.

وتصنف سباقات الرالى إلى أنواع؛ فمنها الدولى والوطنى والإقليمى، كما يتضمن مسارها جميع أنواع المناطق الجغرافية سواء الجبلية أو الساحلية أو الصحراء أو الطرق الداخلية.

وإذا كان المتسابقون يعتمدون على كتيب المسار المرسوم لهم من قبَل منظمى السباقات، الذى يحتوى على الإشارات والقياسات لكل مقطع من الطريق، فلكل منا كتيب لأيامه وخطواته وأمنياته وخط سير كامل يحصل بعد المرور من كل منها على نقاط تزداد كلما التزم بتعليمات أوراقه وقوانينها، الأمر الذى يعنى أن رالى الأيام مثله تماماً كرالى السيارات الفوز فيه لا يعتمد على السرعة فقط، بل على المهارة والذكاء والدقة فى اتباع التعليمات.

ولأننا خلقنا درجات وإمكانيات وأرزاقاً وعقولاً مختلفة كل عن الآخر، فلدينا سباق السيارات والدراجات النارية والدراجات الهوائية والزوارق، بل والسباقات الجوية أيضاً. فليحدد كل منا نوع ما يخوضه من سباق ولنحتفل جميعاً بالوصول معاً أحبة وأصدقاء وأعزاء وذكريات وأحلاماً لنهاية رالى ٢٠٢١.

Rochen Web Hosting