رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

«معاوية» يواجه «الحسين»

قسم : مقالات
الجمعة, 25 نوفمبر 2022 20:51

بدأت رحلة «معاوية» فى التمكين لابنه «يزيد» ليعتلى منصة الملك من بعده بخطابات أرسلها إلى عماله على الأمصار المختلفة، يقرّظ فيها - أى يمدح - «يزيداً»، ويصف فضائله للناس، ثم طلب منهم أن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار، وبالفعل بدأت الوفود تتدفق إلى قصر معاوية فى الشام، ودفع الرجل لرؤوس كل وفد الكثير من المال، فخرجوا يمدحون شباب ونشاط «يزيد»، وأحقيته بإمارة المؤمنين بعد أبيه.بعدها قرر «معاوية» عقد مؤتمر عام يضم جميع الوفود، واتفق مع أحد رؤوسهم وهو الضحاك بن قيس، وطلب منه بعد أن يلقى كلمته عن حرمة الخلافة وحقها، وما أمر الله به من طاعة الولاة، وما يتمتع به ولده «يزيد» من فضل وعلم بالسياسة أن ينبرى هو وينادى بـ«يزيد» ولياً للعهد، وهو ما حدث كما يحكى «ابن الأثير» فى كتابه الكامل فى التاريخ.

تحول المؤتمر بعد ذلك إلى ساحة للمزايدة، فبدأ كبير كل وفد الحديث عن «يزيد» وقدراته الكبرى فى الرئاسة والسياسة، وأنه أولى الناس بهذا الأمر بعد أبيه، وقد بلغت المزايدة حد أن قام يزيد بن المقنع العذرى فقال: هذا أمير المؤمنين، وأشار إلى معاوية، فإن هلك فهذا، وأشار إلى يزيد، ومن أبى فهذا، وأشار إلى سيفه.

فقال معاوية: اجلس فأنت سيد الخطباء. وكانت نتيجة هذا المؤتمر بيعة أهل الشام والعراق لـ«يزيد» كولى للعهد.ثم كانت الخطوة الأخطر التى خطاها «معاوية» فى هذا الاتجاه، وهى انتزاع البيعة من كبار أبناء صحابة النبى الطامحين إلى الخلافة، وعلى رأسهم «الحسين»، فسار إلى الحجاز رأساً، ووصل «المدينة» وكان أول من قابله هو «الحسين». أغلظ معاوية لسبط النبى فى القول وقال له: «لا مرحباً ولا أهلاً! بدنة يترقرق دمها والله مهريقه! قال الحسين: مهلاً فإنى والله لست بأهل لهذه المقالة! قال: بلى ولشر منها». ثم أغلظ القول من بعد لعبدالله بن الزبير، ثم لعبدالرحمن بن أبى بكر، ثم لعبدالله بن عمر.

وتنفى اللهجة التى تحدّث بها معاوية إلى سبط النبى تلك الروايات التى تذهب إلى أنه أوصى ولده «يزيد» بأن يصفح عن «الحسين» إذا خرج عليه وظفر به، لأن له رحماً ماسة وحقاً عظيماً، وقرابة من محمد صلى الله عليه وسلم.تحرك «الحسين» بعد ذلك إلى مكة، وعبّر لمن سأله عن زيارة «معاوية» للمدينة عن رفضه التحول الذى يريد الأخير إحداثه فى بنيان الأمة بتحويلها عن مبدأ الشورى إلى نظام الملك الوراثى، ولم تمض سوى بضع سنين على ذلك حتى وافى الأجل معاوية، وانتقل الحكم من بعده إلى «يزيد».

وكانت تلك أولى الإشارات للحسين لكى يتحرك للدفاع عما يؤمن به، مهما كان الثمن، وأياً كانت العواقب التى يمكن أن تترتب على ذلك، وكان ما قدّره الله لشخصيته النقية من مصير.

Rochen Web Hosting