ينشغل الأمريكان بسؤال مهم الآن، وهو: متى يتقاعد الأطباء؟.. وما هى السن التى يتقاعدون فيها؟.. وما هو شعورك لو دخلت عيادة فوجدت الطبيب عمره 100 عام؟.. هذه خلاصة مقال فى «نيويورك تايمز» يجيب عن سؤال: متى يتقاعد الأطباء؟.. وضرب الكاتب الطبيب مثلًا بدكتور هوارد تاكر، الذى كان يبلغ من العمر 100 عام، وكان يمارس الطب فى كليفلاند.. كما أنه بدأ العمل كطبيب أعصاب عام 1947 عندما كان هارى ترومان رئيسًا للبلاد!
أعتقد أن هذه الأسئلة لا تشغلنا هنا فى مصر فى مجتمع 60% منه شباب، بينما هم منشغلون لأن الأطباء هناك فى سن متقدمة.. وخلصت دراسة استقصائية عام 2020 إلى أن ما يقرب من ثلث الأطباء المرخصين فى الولايات المتحدة يبلغون من العمر 60 عامًا أو أكثر، ما يشكل ارتفاعًا عن الربع فى عام 2010!

ونظرًا للمستويات المقلقة من الإرهاق والاستنزاف فى صفوف الأطباء فى الولايات المتحدة، فإن هذا الاتجاه لا يمكن رفضه تمامًا. وكشفت دراسة استقصائية حديثة أن خُمس الأطباء (وعددًا أكبر من الممرضين) يفكرون فى ترك عملهم فى غضون عامين. وعليه فإن الأطباء كبار السن أفضل من عدم وجود أطباء على الإطلاق!

الفكرة أن الشيخوخة تؤدى حتمًا إلى تدهور جسدى وذهنى، ما قد يؤثر على أداء الطبيب ويُعرّض المرضى للخطر.. الكاتب نفسه يرى أن سن التقاعد للأطباء ستكون غير عادلة، وقد يكون من الأفضل فرض تقييمات دورية صحية ونفسية وعصبية وقياس مستوى الكفاءة كل سنتين أو ثلاث سنوات بعد سن 65 أو 70، بحيث يمكن قياس القدرات الذهنية والبدنية الأولية لممارسة الطب!

مازلت أقول إن هذه الأمور لا علاقة لنا بها، فالأطباء فى سن الشباب ولا يصلون إلى سن التسعين.. حتى كبار السن عندنا أصبحوا أيقونات للطب، مثل الدكتور إبراهيم بدران، رحمه الله، الذى كان يمارس الطب ويكشف على المرضى بجنيهات قليلة، وكانت خبراته تكفى لمعرفة الحالة من مجرد النظر!

أيضًا الدكتور مجدى يعقوب أيقونة الطب فى مجال القلب، يكفى أن يفحص الحالات وهو موجود مع مساعديه، أما العمليات الجراحية فيجريها الأطباء المساعدون تحت رعايته، وهذا النموذج لا يمكن أن نقول له كفاية، فسوف يكون ذلك غير عادل!

الدراسة الأمريكية توصلت إلى أن واحدًا من كل خمسة شيوخ يعانون ضعفًا إدراكيًا لا يتناسب مع التغيرات الطبيعية المرتبطة بالتقدم فى العمر.. ومع ذلك فإن التقدم فى السن يمكن أن يحقق فى الوقت ذاته فوائد كبيرة، بما فى ذلك تراكم الخبرة وتعزيز القدرة على إصدار أحكام سديدة، وهى حكمة قد تُعوض قدرًا معينًا من التدهور المعرفى!

باختصار، الشباب ليسوا ضمانة للكفاءة دائمًا.. والشيخوخة لا تعنى التدهور وإنما تعنى الخبرة والحكمة!.