رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

يسقط حكم الملالي

قسم : مقالات
الخميس, 08 ديسمبر 2022 12:59

 

 

«كلمة» تحتل الشاشات ويتسارع معها إيقاع المواقع الإخبارية وتنتفض السوشيال ميديا وتزداد صخباً.. إنه «الحجاب»!! وكأنه لغز لم يحله رجال الدين والسياسة ولم تحسمه النساء أو أنه قنبلة تنفجر فى وجه من يلمسها «تأييداً أو رفضاً»!

فى مصر هو عنوان الجدل والتكفير ومحور نجومية رجال الدين.. أما فى إيران فالوضع مختلف تماماً، هو عنوان «الثورة على الملالى» وإسقاط ولاية الفقيه وفصل الدين عن الدولة.. إنه عنوان مرحلة أطاحت فيها المرأة الإيرانية بحكم العمائم وأسقطت عنهم «ورقة التوت» لينحنى الطاووس أمام الانتفاضة الشعبية: (تعلن الحكومة الإيرانية عن حل «شرطة الأخلاق» فى إيران، بعد تعليق نشاطها على خلفية الاحتجاجات الأخيرة فى البلاد، فيما قرر البرلمان والسلطة القضائية إجراء مراجعة لقانون الحجاب).

الحجاب هنا مجرد رمز للحكم الدينى بكل ما له من دلالات السيطرة والهيمنة على البشر بمراقبة «ملبسهم» فى الأسواق والتجمعات إناثاً وذكوراً بواسطة «شرطة الأخلاق».. الحجاب تحول إلى «شرطى» بالمعنى الحرفى للكلمة و«ملا» يقف على رأس كل مواطن إيرانى يتحكم فى عقله وسلوكه وروحه.. الحجاب هنا «وصى دينى» يفرض ما يراه «شرعاً» ليبقى متربعاً على رؤوس الشعب بـ«راية الحجاب»!

(افتح قوس): فى عيد الأضحى - هذا العام - صدر بيان عن المؤسسة الدينية يحذر من خروج المرأة فى صلاة العيد بدون حجاب وإلا تكون «عاصية».. وينهى عن «الاختلاط» فى الصلاة.. فانتشرت الصور على السوشيال ميديا للصلاة مختلطة وللنساء اللاتى استقبلن العيد بشعورهن الحرة.. إنه «الرد الشعبى».

فى إيران كانت حصيلة الاحتجاجات مقتل الشابة «مهسا أمينى» الإيرانية، 22 سنة، وكانت قد دخلت فى غيبوبة جرّاء الضرب المبرح من «شرطة الأخلاق» بحجة ارتدائها «حجاباً غير لائق» مظاهرات عنيفة بكل أرجاء البلاد وصدامات دموية كانت نتيجتها وفاة 451 محتجاً، قتلوا بينهم 63 طفلاً، واعتقال أكثر من 18 ألف شخص، منذ انطلاق التظاهرات (بحسب نظمة نشطاء حقوق الإنسان فى إيران).

هل الحجاب يستحق كل هذا الدم ليبقى أو يرحل من على رؤوس النساء؟

(افتح قوس): فى فيديو شهير للقيادى الإخوانى «عصام العريان» يفخر بأن الإخوان هم من أدخلوا الحجاب إلى مصر - نهاية السبعينيات - وقاموا بمجهود «دعوى» لنشره من خلال المنشورات والكتيبات المدعومة مادياً، كما تولوا توفير الطرح من أسواق بورسعيد وغيرها!هل تحتاج أدلة أكثر من هذا لتدرك أن الحجاب «رمز سياسى» يميز الحكم الدينى عن الحكم المدنى.. تماماً كما كان يميز بين الأمة والحرة فى عصر النبوة؟

أنا هنا لا أتحدث عن «الحلال والحرام» ولا عن الحرية الشخصية.. هذا مجرد تأصيل لفكرة نشر الحجاب التى تحولت إلى فرضه قسراً فى إيران.. لقد تساوى «السنى والشيعى» فى توظيف «الملبس» لإعلان سلطتهم على العباد، واستخدما نفس «أدوات السلطة» واحتلال العقول.. ربما لم نصل فى مصر إلى هذه المرحلة من الإدراك أو الثورة على تركيعنا بالحجاب للكهنة لأنه ليس قسراً، حتى وإن حاول البعض تقمص دور «شرطة الأخلاق» وترويع غير المحجبات ووصمهم بالعصيان والعار.. لكن انتفاضة إيران جرس إنذار لا بد أن ننتبه إليه.

عاشت «مهسا أمينى» التى كان موتها المروع مُلهماً لكل مواطن إيرانى، أسقطت العمائم.. وقد تُسقط دستور إيران.. وكشفت من داخل قبرها «محمود أحمدى نجاد»، الذى أسس «شرطة الأخلاق» من أجل نشر ثقافة «العفة والحجاب»، وبدأ عمل دورياتها فى عام 2006.

كما كشفت الرئيس الحالى، «إبراهيم رئيسى»، الذى دعا فى يوليو من هذا العام إلى تعبئة «جميع مؤسسات الدولة من أجل تطبيق قانون ارتداء الحجاب».

الغريب أن «السلطة» فى إيران تستخدم نفس مفردات «السلطة الدينية» فى كل مكان، نفس الألفاظ والتعبيرات.. فقد اتهم «رئيسى» وقتها «أعداء إيران وأعداء الإسلام باستهداف القيم الثقافية والدينية للمجتمع وإشاعة الفاحشة».

ورغم ذلك، استمر الكثير من النساء فى الالتفاف على القانون، بإرخاء الخمار على الكتفين، أو ارتداء سراويل ضيقة، خاصة فى المدن الكبرى.يخطئ من يتخيل أن «العفة والفضيلة» تُفرض بالقانون.. أو أن الحجاب هو الخط الفاصل بين الفضيلة والفاحشة.. إنه فقط ديكور ضخم لساحة «الفاشية الدينية»: «الملا مر من هنا».

 

Rochen Web Hosting