رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

وتستمر المرحلة الانتقالية

قسم : مقالات
الخميس, 15 ديسمبر 2022 12:51

نجح كثير من التجارب العربية في إسقاط النظم القديمة، وتعثرت في التوافق على بناء نظام جديد، هذا هو حال السودان الذي يخرج من مرحلة انتقالية ليدخل في أخرى، وهذا أيضًا حال ليبيا التي مازالت تعيش مرحلة انتقالية منذ أكثر من 10 سنوات رغم أنها عرفت العديد من الاتفاقات والتفاهمات والحكومات المؤقتة وفشلت جميعها في إخراج البلاد من المرحلة الانتقالية.

وقد انتخب ملتقى الحوار الليبى في فبراير 2021 حكومة جديدة، وهى حكومة عبدالحميد الدبيبة، التي حلت مكان حكومة الوفاق الوطنى برئاسة فايز السراج، وعُهد إليها بمهمة توحيد المؤسسات الليبية وإجراء انتخابات في نهايات العام الماضى، جرى تأجيلها أكثر من مرة رغم المطالبات الدولية والإقليمية والمحلية بإجرائها، كما عجزت لأسباب كثيرة عن توحيد المؤسسات، واستمر الانقسام بين المناطق الليبية المختلفة.

وقد تعمق هذا الانقسام ولم يعد بين طرفين فقط (الشرق والغرب أساسًا)، وأصبح بين أطراف ثلاثة، هم: خليفة حفتر، قائد الجيش الوطنى والرجل القوى المسيطر على الشرق الليبى، وعبدالحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، وأخيرًا فتحى باشاغا، الذي نال دعم البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، والمدعوم من قوى سياسية وعسكرية.

والحقيقة أن ليبيا تواجه تحدى طى صفحة المرحلة الانتقالية التي تحولت إلى صفحات لا تنتهى، وهو ما يتطلب الاعتراف بأن الانتخابات ليست فقط عملية إجرائية تتطلب أساسًا «لوجستيًا» من لجان مراقبة محلية ودولية، وصناديق زجاجية، وقضاء ومراقبين دوليين يشرفون عليها، إنما يجب أن تتمتع بشروط أولية تقوم إما على التفاهم على أسماء لا يعنى نجاح أي منها تهديدًا «وجوديًا» لباقى الأطراف الليبية، ويعترف بنجاحها باقى المرشحين الخاسرين، وهو اختيار يمكن التفاهم حوله ويمكن بصعوبة تحقيقه، وهذا يعنى توافق المجتمع الدولى والقوى الإقليمية على آلية لفرض احترام نتيجة الانتخابات على مختلف فرقاء الساحة الليبية، وهو أمر لم يُبدِ المجتمع الدولى أي استعداد لضمان تطبيقه.

تبقى قضية توحيد المؤسسات الليبية، والتى كان منوطًا بحكومة الدبيبة القيام بها وتعثرت لأسباب كثيرة، ولن يقدر على القيام بتلك الخطوة أي حكومة انتقالية إنما حكومة منتخبة، وهو ما يعنى ضرورة الذهاب للانتخابات بعد وضع الشروط الموضوعية لفرض احترام نتائجها على الجميع، وبعدها يمكن لمن انتُخب رئيسًا أن يقوم بتوحيد المؤسسات بشكل تدريجى.

سيبقى طول المرحلة الانتقالية إحدى أبرز أزمات الخبرة الليبية، ورغم توقيع الأطراف المتصارعة أكثر من مرة على اتفاقات للخروج من المرحلة الانتقالية، وأبرزها اتفاق الصخيرات في 2015، ولكنها لم تُنفذ، لأنها لم تمتلك أي آلية للتنفيذ، وهذا هو التحدى في حال أُجريت الانتخابات الليبية في العام المقبل، أي كيف يمكن أن نضمن احترام نتائجها حتى تصبح مصدر توافق وليس عامل انقسام، وتنهى المرحلة الانتقالية.

 

Rochen Web Hosting