رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

نزيف الثروة.. هل تنجح تحركات قيس سعيد في إنقاذ اقتصاد تونس؟.. أرقام مرعبة من عهد الإخوان..

نزيف الثروة.. هل تنجح تحركات قيس سعيد في إنقاذ اقتصاد تونس؟.. أرقام مرعبة من عهد الإخوان..
قسم : ملفات
السبت, 31 يوليو 2021 09:39

لئن كانت قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد الأخيرة تستهدف بالأساس إنقاذ تونس سياسيًا من هيمنة إخوانية سرطانية على مفاصل الدولة، فإنه أظهر بوضوح أنه لم يغفل عن ضرورة السير في مسار مواز لإنقاذ الاقتصاد.

قيس سعيد يمسك بمشرط الجراحة

في هذا السياق، أكّد الرئيس التونسي قيس سعيد ضرورة استرداد الأموال العمومية المنهوبة من الفاسدين بناءً على تقرير اللجنة الوطنية لتقصّي الحقائق حول الرشوة والفساد، وتطرّق أيضا، خلال استقباله رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، إلى القضايا الجارية في المحاكم، وخاصة لدى القطب القضائي الاقتصادي والمالي، مشيرا إلى أن أموال الشعب يجب أن تعود إلى الشعب.

وقال الرئيس التونسي إن "عدد الذين نهبوا أموال تونس 460 شخصا نهبوا 13.5 مليار دولار وفق تقرير اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق، وسنصدر نصا قانونيا لتنظيم إجراءات مصالحة قانونية للسماح باسترجاع الأموال المنهوبة".

وأشار سعيد إلى أنه بناءً على أمر رئاسي سيصدر لاحقا، ستخصص الأموال المنهوبة التي سيقع استرجاعها لفائدة الجهات المحرومة وفق ترتيب تنازلي لها مع كل من يجنح للصلح من رجال الأعمال المعنيين في إطار الصلح الجزائي الذي كان الرئيس التونسي قد أعلن عنه.

 

أرقام مرعبة

وربما تكشف نظرة سريعة على الأرقام أن ضرورة إنقاذ اقتصاد تونس شديدة الإلحاح، وقد فرضتها أوضاع بالغة السوء تنذر بعواقب خطرة ما لم يتم تداركها.

ووفقًا لتقرير لإذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، بلغت نسبة التضخم خلال يونيو الماضي 5.7%، ويعاني النمو من تباطؤ وضعف منذ عام 2013، ويتجاوز حجم الدين العام 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ولكي تسدد القروض، لا حل لدى تونس سوى أن تستدين قرضا جديدا، ما دفعها لبدء مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي للحصول على 4 مليارات دولار، فيما تقترب نسبة البطالة من 18 بالمئة.

ولم تكن تونس محظوظة طوال السنوات العشر الأخيرة منذ ثورة عام 2011، فقد عاشت فترة عدم استقرار سياسي، وعانت كذلك من وضع أمني مقلق بسبب بعض العمليات الإرهابية التي أدت إلى تراجع السياحة كما وقع عام 2015، وما إن بدأت السياحة تستعيد بعضا من نشاطها حتى جاءت جائحة كورونا بتداعياتها المعروفة، وأدت إلى تدهور نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 إلى أسوأ معدل على الإطلاق منذ عام 1966، إذ بلغت ناقص 8,6 المئة حسب بيانات البنك الدولي.

ونقلت الإذاعة عن طارق الكحلاوي، المدير العام السابق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية التونسية أن مضمون الرؤى الاقتصادية الموجودة يبقى عتيقًا ولا يختلف عن اثنين: أولا، الاستمرار في النموذج الذي أدى إلى حدوث الثورة، وهو الذي يعمق الهوة بين الفئات الاجتماعية والمناطق. ثانيا، مشاريع قادمة من المانحين الدوليين خصوصا صندوق النقد الدولي يكتبها تقنيون أجانب غير متخصصين، وتطلب هدفاً متناقضا: إنهاء برامج اجتماعية والحد من الانفاق العمومي مقابل الحفاظ على الطبقة الوسطى وعدم التأثير سلباً على الفئات الفقيرة.

وهناك من يرى أن عدم الاستقرار السياسي في تونس ساهم في فشل مخططات التنمية بسبب كثرة الحكومات، فوزارة المالية لوحدها شهدت أكثر من 10 وزراء منذ الثورة، يختلف بعضهم عن سابقيهم في الاستراتيجية المتبعة. وهناك عامل آخر أن تونس عانت بعد الثورة من سلسلة إضرابات في كثير من القطاعات أوقفت سلسلة الإنتاج، كما أدت الاحتجاجات على البطالة إلى اضطرابات كما جرى في جزيرة قرقنة، من نتائجها مغادرة الشركة البريطانية بتروفاك للبلد.

مسؤولية الإخوان

برغم الجدل الحاد حول خلفيات الأزمة الحالية، فإن الأوضاع الاقتصادية ما كانت لتصل إلى هذا الحد من التدهور لولا هذا الإهمال وانشغال جماعة الإخوان وذراعها التنفيذية "حكومة النهضة" بمعارك سياسية هامشية بعيدا عن وضع خطط تنموية مستدامة تعزز دور القطاعات التونسية المنتجة بتكاليف أقل بكثير من تكاليف الاقتراض الخارجي، ودفع مليارات الدولارات لاستيراد سلع مدعومة ومنافسة للمنتجات المحلية.

وبحسب قناة "سكاي نيوز"، ووصلت الديون الخارجية لتونس لأكثر من 35.7 مليار دولار، كما أن البلاد مطالبة بسداد نحو 5.4 مليار دولار منها في العام الجاري أي ما يزيد على 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، كما أنها بحاجة لحوالي 6 مليارات دولار لسد العجز في ميزانية 2021.

وبلغت نسبة الدين العام المستحق على البلاد 55 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي حتى نهاية عام 2010، ليقفز لنحو 90 في المئة خلال العام الجاري.

وعام 2010، بلغ متوسط الدين العام المستحق على تونس 16 مليار دولار، وصعد تدريجيا مع عهد الإخوان ليستقر عند 20.63 مليار دولار بنهاية 2016، مواصلا الصعود إلى 25 مليار دولار في 2017، ثم 29 مليار دولار بنهاية 2020، ومن المتوقع أن يسجل الدين العام 35 مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري.

وبلغ العجز المالي 11.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وهو الأعلى منذ ما يقرب من 4 عقود.

ومع بداية الألفية وحتى ثورة 2011، واصل اقتصاد تونس، الذي كان يوصف بأنه أكثر الاقتصادات العربية تنوعا، معدلات نمو سنوية لا تقل عن 5 في المئة، وبعد 10 سنوات فقط على حكم الإخوان انكمش الاقتصاد بنحو 9 في المئة خلال العام الماضي.

وبعد متوسط نمو بلغ 9 في المئة خلال عام 2010 و2011، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 0.15 في المئة، ولم يتجاوز النمو حاجز الـ1.5 في المئة خلال الفترة من 2017 وحتى 2019، قبل أن يسجل انكماشا بنحو 9 في المئة خلال العام 2020، بحسب بيانات رسمية للبنك الدولي.

كذلك ارتفعت معدلات البطالة الرسمية من 12 في المئة قبل عام 2010، إلى 18 في المئة بالربع الأخير من 2020، في الوقت الذي يتوقع وصوله بين الشباب إلى أكثر من 30 في المئة.

ومنذ العام 2011، وعلى مدار حكم الإخوان لم تتراجع معدلات البطالة دون 15 في المئة وسط عجز حكومي في خلق فرص عمل جديدة تستوعب العمالة الجديدة سنويا، ما فاقم أزمة البطالة.

وفي بداية عهد الإخوان قفزت البطالة إلى 18.3 في المئة في 2011، و17.3 في المئة خلال 2012، ثم 16 في المئة في 2013، بحسب بيانات رسمية.

 

Rochen Web Hosting