رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

السلامة على الطرق

قسم : مقالات
الإثنين, 13 يناير 2020 12:15

لا شك أن مصر من أكثر الدول التى بها حوادث على الطرق، ونفقد سنوياً ما بين 25 و30 ألف حياة بسبب الحوادث، مع أعداد أكبر بكثير من المصابين بكسور ومشاكل فى المخ والجهاز الهضمى. ولقد كنا فى لجنة الصحة من أوائل من ناقش هذه المشكلة، واشترك معنا ممثلون من إدارة مرور القاهرة والإدارة المركزية للمرور، وكذلك مسئولون عن قسم الطوارئ والحوادث بوزارة الصحة. صدر قانون المرور، وكنا نتوقع أن يساعد تنفيذ القانون فى تقليل الحوادث، ولكن القانون مر بمرحلة من الاهتمام من السلطات المختصة فى الرقابة على المرور وتحرير المخالفات للسرعة الزائدة للسيارات وفحص السيارات قبل الترخيص للتأكد من صلاحيتها للسفر، وشاهدنا فى بعض الأحيان الاهتمام بالطرق، ولكن كانت هناك طرق بعينها ذات سمعة سيئة وكانت حوادثها مفزعة، سواء فى عدد الحوادث والأعداد المصابة، ومنها طريق الأقصر- سفاجا والطريق الشرقى للصعيد وطريق وادى النطرون وطريق الغردقة، كما كانت هناك حوادث فى الطرق الداخلية للمحافظات، والتى أغلبها فى حاجة إلى صيانة وتوسيع بعض الطرق نظراً لكثافة المرور ووجود مطبات فى الطرق بسبب سوء الصناعة.

حدث تقدم فى المرحلة السابقة، وفى عهد الرئيس السيسى، وأصبحت بعض الطرق ناعمة كالحرير، واسعة بشكل مُرض، ليس بها تقاطعات، ولكن الإشراف على الطريق واستخدام الرادار وتطبيق العقوبات المادية وتحصيلها فى نفس اليوم لم يتقدم. ونسمع أن هناك مشروع قانون جديد للمرور ولكن لم نعرف ملامحه حتى الآن.

المشكلة تتعلق أولاً بالخطأ البشرى، ربما بسبب جهل السائق بآداب المرور والقانون، وترى الميكروباصات بمئات الآلاف ويسوقها صبيان لا خبرة لهم ولا ترخيص، ويقولون إن بعض هذه الباصات لها حماية من الغرامات والمصادرات بسبب أنه يملكها بعض من رجال الأمن، أما على الطرق الطويلة فإن القانون يطلب سائقين عندما تكون فترة القيادة أكثر من أربع ساعات، وشركات السياحة لا تطبق هذا فى معظم الأحيان، وهناك أيضاً قرار بوضع حد أقصى للسرعة بحيث لا تزيد على 80 كيلومتراً فى الساعة فى الطريق الطويل خارج المدن، وهذا أيضاً لا يطبق. وعندما نسمع عن حوادث كارثية للأوتوبيسات وبها عدد من السائحين تنقبض قلوبنا ونخشى على سمعتنا ونحن نحارب من أجل عودة السياحة. كذلك سيارات النقل الضخمة وبها مقطورات تسبب الحوادث الجسيمة على الطرق، وفى بعض الأحيان بسبب تعاطى السائقين المخدرات وليس الكحول كما يحدث فى العالم الغربى، والحشيش يُفقد المتعاطى تقدير الزمن والمسافة، مما يعرض السيارة والحمولة الضخمة إلى مشاكل مأساوية. كان القانون قد أعطى أصحاب المقطورات مهلة لإلغائها، ولكن كثرت الشكاوى من أصحابها ومن الصناع بأن ذلك سيعطل نقل البضائع من مكان لآخر، فاستجابت الدولة، وضحت بصحة وحياة المواطنين لصالح رجال الأعمال.

ومن المصائب المرورية التوك توك الذى انتشر فى كل مكان بلا ترخيص ويسوقه الأطفال وصغار الشباب بلا ترخيص ويحاول المرور بين السيارات المزدحمة، مع ما يحمله ذلك من مخاطر على الركاب، كذلك الدراجات البخارية التى تنطلق بسرعة جنونية وتحاول المرور بين السيارات بلا إنذار أو إشارة. وأتعجب كيف لا تكون هناك رقابة لردع هؤلاء المنتحرين، ولا يلبسون واقى الرأس كما ينص عليه القانون. وشوارعنا ليس بها ممر خاص لأصحاب الدراجات العادية والدراجات البخارية حماية لوسيلة النقل وحماية للمارة.

أما أماكن عبور المشاة فلا توجد على معظم الطرق وتجد المارة يتسابقون للمرور بين السيارات بسرعة مع حدوث مصائب كل يوم، وتكتفى الدولة بإنشاء كبارى لعبور المشاة أو تنفق مبالغ طائلة على أنفاق لمرور المشاة، والمواطن المصرى الكسلان لا يستخدم أياً منهما، ويفضل المغامرة والمرور بين السيارات المسرعة ويعرض نفسه للحوادث.

مخالفات المرور لا تحصل سوى فى نهاية العام عند الترخيص، ويجد أن عليه مئات من المخالفات، وفى بعض الأحيان آلاف من الجنيهات، ويذهب إلى مقر النيابة أو أحد المسئولين لتخفيف قيمة المخالفات، وقد يلغيها تماماً، ولذلك فإن أصحاب الحظوة لا يهتمون باتباع القانون لأنهم يعلمون طريق إلغاء العقوبة. فى بلاد العالم المتقدم توجد كاميرات على كل تقاطع وتصور المخالفين ورقم السيارة وبعض الظهر، وفى نفس اليوم يحضر المحصل مع صورة السيارة ورقم المخالفة والسرعة المخالفة ويحصل الغرامة الفورية والحاسمة والمؤثرة فى منع المخالفات. أما السيارة فقد لا تكون صالحة تماماً خصوصاً الأنوار الخلفية والأمامية عند الغروب، وبعض السائقين يستخدمون الأنوار العالية التى تسبب العشى والعمى للقادمين من الاتجاه الآخر، ولا يستشعر السائق المسئولية عن إمكان الحوادث، وكذلك أوقات الضباب وهو كثير فى منطقة الدلتا، والواجب إيقاف المرور فى هذه الفترات، ولى تجربة خاصة أن السائق لا يرى أكثر من مترين أمامه وتمت حوادث كثيرة من اصطدام عدة سيارات فى نفس الوقت.

المرور على الطرق من رجال الشرطة على دراجاتهم البخارية الراقية كان ولا يزال قوة ردع للمخالفين من السائقين، وأكاد لا أراهم مؤخراً. كنا عندما نرى فى مرآة السيارة أحد هؤلاء (الكونصطبلات) جالساً بهمة على دراجته ويسير خلفى أضطرب وأسال نفسى إن كنت خالفت أياً من قواعد المرور، وكان الأمين أو الصول يتعامل مع السائق بكل الجدية والاعتزاز بالنفس وتدقيق الغرامة وسحب الرخصة إذا استشعر احتمال الإصابة.

سيارات النقل لها حمولة قصوى ويتم وزنها فى أول الطريق ومنعها من المرور إذا زادت الحمولة عن الحد الأقصى، لأن ذلك يعرضها ويعرض السائق والحمال للحوادث ويحمل أصحاب السيارات المخاطرة، ولكن عدت لا أرى هذه الموازين، وأرى على الطرق سيارات نقل محملة بحمولات كبيرة وغير معقولة ومعرضة لارتكاب حوادث خطيرة. ويأتى فى النهاية حالة الطريق، فمعظم الطرق الداخلية فى المدن والقرى فى حالة يرثى لها، وليس بها أى صيانة وتحتاج لمبادرات لإصلاح الحال، خصوصاً إذا حدثت أمطار، وتمتلئ الطرق بالمطبات والحفر، والطرق خارج المدن والتى تربط المحافظات قد تحسنت حالها جداً، وظهرت طرق جديدة على مستوى رفيع من الأداء، مع رجاء أن نحافظ عليها بالصيانة وباحترام القانون وباحترام أوزان السيارات من أصحاب المقطورات وغيرها. وأهنئ وزير النقل والقوات المسلحة على هذا الإنجاز الكبير الذى لو استُكمل بباقى المحاور لا بد أن يؤدى إلى نقص ملموس فى الحوادث.

أخيراً وليس آخراً الإسعاف على الطريق تحسن نسبياً بسبب وجود محطات إسعاف لكل عدد من الكيلومترات على الطرق السريعة، ولكن هذا الأمر فى حاجة للدعم بطائرات هليوكوبتر لسرعة النقل فى الحوادث الكبيرة والخطيرة وإنقاذ الحياة، كذلك لدعم فرق مدربة على الإجراءات الإسعافية الوقائية المنقذة للحياة. وأنا متفائل بخطة الدولة فى ربط كل أجزائها بطرق حديثة High Way وبرقابة أمنية كاشفة وبسرعة الانتقال للإسعاف ولأجهزة رفع الأنقاض وإخلاء الطرق، واقترحنا إنشاء المجلس الأعلى للوقاية من حوادث الطرق بمشاركة بين وزارة الداخلية والصحة والحكم المحلى للتنسيق فى العمل وتوفير المخصصات المادية للإشراف والتصوير وتطبيق القانون حتى نتخلص من هذا العار الأمنى والصحى، وحتى يطمئن زوارنا من الأجانب أن مناطقنا السياحية فى الأماكن البعيدة آمنة تماماً وأن السائحين نحافظ عليهم بأعيننا.

Rochen Web Hosting