رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

لبنان: «إفلاس الصبر»!

قسم : مقالات
الأحد, 26 يناير 2020 15:59

سمعت شخصياً من الشهيد رفيق الحريرى عبارة كان يُكثر من ترديدها: «لبنان لا يمكن أن يُحكَم إلا بالتوافق».

والتوافق الذى كان يقصده الحريرى هو توافق الأطراف السياسية على الإصلاح والبناء والتحديث، مع المحافظة على التوازنات الطائفية والدينية والمناطقية.

وبالتأكيد لم يكن التوافق الذى يعنيه الرجل الذى يُعتبر «بانى لبنان الحديث» هو «توافق الفساد القائم على اقتسام غنائم المال العام بين الإقطاع السياسى الذى يتوارث البلاد والعباد منذ أكثر من مائة عام».

لبنان هو دولة إقطاع سياسى.. الجد السياسى حكم الجد المواطن، والأب السياسى حكم الأب المواطن، والحفيد السياسى يحكم الآن الحفيد المواطن!!

وما حدث فى 17 أكتوبر 2019 هو نهاية الصبر التاريخى للشعب على حكامه.

إنه انفجار غضب الناس على سنوات من النهب المنظم لثرواتهم، وكرامتهم، وأراضيهم، وفرض إتاوات على أرزاقهم.

للأسف هذه الرسالة المدوية التى تتكرر ليل نهار، صباح مساء، بوضوح كامل دون التباس على مدار مائة يوم، لم تصل بعد إلى آذان من يحكم فى قصر الرئاسة، وسراى الحكومة، ومبنى البرلمان فى ساحة «النجمة» بوسط بيروت.

إنها حالة من الإنكار الكامل أن هناك متغيراً جوهرياً ورئيسياً قلب معادلة الحكم رأساً على عقب.

لم يعد مقياس نجاح الحكم هو «التوافق» على تشكيل الحكومة بين الإقطاع السياسى، ولكن أصبح المعيار الأول والوحيد الآن هو رضاء الشارع الغاضب وقبوله بالحكم والحكومة.

حكومة دولة الرئيس حسان دياب قد تكون تشكلت بالفعل، وقد تحصل أو لا تحصل على الأغلبية البرلمانية، وإن حصلت فهى ستواجه عواصف، وإن حصلت على فرصة لإنقاذ نفسها فإنها فى النهاية ستصل لطريق مسدود وستكون قصيرة العمر السياسى.

لماذا نقول ذلك؟

أولاً: لأن رئيس حكومتها غير حاصل على دعم المركز السنى الذى ينتمى إليه.

ثانياً: لأنها جاءت من السلطة وليس من الشارع.

ثالثاً: لأنها تعبر عن تيار أنصار سوريا وإيران، وهو ما يجعلها محوراً إقليمياً يعانى من العقوبات.

رابعاً: لأنها لا تضم «تيار المستقبل السنى»، وتيار القوات (سمير جعجع المسيحى المارونى)، وتيار الحزب التقدمى الاشتراكى (وليد جنبلاط الدرزى) وآخرين مستقلين.

خامساً: لأنها تأتى فى وقت تحتدم فيه حالة الاستقطاب الإقليمى تجاه إيران.

سادساً: لأن مطالب صندوق النقد الدولى تجاه طلب إصلاحات هيكلية فى الاقتصاد يصعب، بل يستحيل، تنفيذها.. مثل:

1- إلغاء دعم الكهرباء.

2- إلغاء دعم الطاقة.

3- محاربة الفساد الحكومى.

4- الشفافية فى مصادر دخل الأثرياء.

هذا كله يتم والمصارف تعطى صاحب أكبر وديعة بالملايين ما لا يزيد على 200 دولار أسبوعياً، وتجاوز الدولار أكثر من 2000 ليرة بعدما فقدت العملة الوطنية ما بين 25 إلى 35٪ من قيمتها.

لبنان يواجه الآن مخاطر 4 إفلاسات تهدده:

1- إفلاس صبر الناس على الحكم والحكومة.

2- إفلاس بعض المصارف بعدما أصبحت غير قادرة على تأمين التزاماتها تجاه مودعيها ودائنيها.

3- إفلاس الدولة، خاصة أنها تواجه وضعاً خطيراً فى سداد قيمة سندات دولية فى شهر مارس المقبل، حسب تقرير هيئة «موديز» للتصنيف الائتمانى، وأخيراً إفلاس الثقة الإقليمية الدولية فى بلد كان نموذجاً للتعددية والتنوير والعروبة.

Rochen Web Hosting