رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

بورصة «كورونا»

قسم : مقالات
الإثنين, 25 مايو 2020 10:38



أعداد المصابين بكورونا أو المتوفين بها أو المتعافين منها تبدو وكأنها أرقام متداولة فى بورصة عالمية تضم أسهماً لجميع الدول، وهذه الأسهم تخضع للصعود والهبوط. فجأة يطفر اسم دولة معينة على سطح الأحداث، ويستمر ذلك لفترة من الوقت، بعدها يختفى الاسم ويصعد اسم جديد، وهكذا تسير الأمور. هل تذكرون الأسابيع التى كان يتردد فيها اسم إيران كواحدة من الدول التى تتصاعد بها أرقام كورونا بمعدلات سريعة؟ اختفت إيران فجأة، رغم أن الفيروس لم يختفِ بها، وصعدت أسماء دول أخرى مثل فرنسا وألمانيا وإنجلترا وإسبانيا، ثم دخلت الولايات المتحدة الأمريكية على الخط فـ«قشّت» الجميع، حين أخذت تقفز من مركز إلى مركز على مستوى العالم، حتى أصبحت الدولة الأولى داخل البورصة الدولية لكورونا، وبمرور الوقت تراجعت مواقع دول أوروبا، واحتلت أخرى مراكزها المتقدمة مثل روسيا والبرازيل.

الشىء اللافت أن دول العالم المختلفة التى تعمل داخل بورصة كورونا تختلف فى توقيت ظهور أولى حالات كورونا بها، وفى حجم الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها مع دخول الفيروس، وكذلك فى إمكانيات وقدرات أجهزتها الصحية، ورغم ذلك تساوى الجميع فى «علقة كورونا»، المحترزون وغير المحترزين. فى دولة مثل البرازيل رفض رئيسها جايير بولسونارو تطبيق إجراءات الحجر الصحى والتدابير الأخرى التى فرضتها منظمة الصحة العالمية للوقاية من فيروس كورونا، وقال قولته الشهيرة: «لا أستطيع أن أوقف العمل بمصنع سيارات لمجرد حادثة وقعت لإحدى السيارات».

أصر «بولسونارو» على وجهة نظره حفاظاً على الاقتصاد، فى وقت سلقه فيه معارضوه بألسنة حداد، وأخذوا يصرخون فى وجهه بالأرقام المتصاعدة لمصابى كورونا والمتوفين بها. وقد ارتفعت معدلات الإصابة والوفاة بالفعل بشكل مرعب، وفى حين كانت البرازيل تحتل مركزاً متأخراً ما بين الدول المختلفة فى بورصة كورونا بدأت أرقامها تصعد شيئاً فشيئاً حتى تمكنت من احتلال الترتيب الثالث بعد كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا. مؤيدو الرئيس البرازيلى يعبرون عن مساندتهم له بالنزول إلى الشوارع والذهاب إلى العمل والاستمتاع بالرحلات ضاربين بكلام منظمة الصحة عرض الحائط، ويعتبرون كورونا -مثل رئيسهم- مجرد إنفلونزا عادية. وهو كلام يصب المزيد من الزيت على نار الغاضبين على الرئيس البرازيلى والمعارضين لأسلوب إدارته للأزمة.

تتبع الأرقام داخل بورصة كورونا يقول إن كل دول العالم تشابهت فى «العلقة»، يتساوى فى ذلك الدول التى اتخذت إجراءات احترازية بالغة، مع تلك التى اتخذت إجراءات متوسطة، مع الدول التى التزمت بإجراءات محدودة أو معدومة مثل دولة البرازيل. تجربة الأسابيع الماضية تقول إن الفيروس تمدد وانتشر بنفس الطريقة داخل كافة دول العالم. فجأة يظهر.. فجأة يتصاعد.. فجأة يأخذ منحناه فى الهبوط.. وسوف يختفى فى النهاية فجأة أيضاً.. بعد أن يؤدى مهمته داخل كل دولة من دول العالم.. ولا احتياط نافع.. ولا بروتوكول علاج شافع.. إنها إرادة الله ومشيئته فى البداية.. ورحمته ولطفه بعباده فى النهاية.

Rochen Web Hosting