رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

فيروس «الثبات الانفعالى»

قسم : مقالات
الأربعاء, 03 يونيو 2020 08:58



الثبات الانفعالى واحد من أهم أسلحة الإنسان فى مواجهة أى مشكلة أو تهديد. الثبات فى مثل هذه الأحوال يعنى الهدوء الحذر والصبر على الضغوط، وامتصاص الانفعالات قدر ما يستطيع المرء حتى يتمكن من التفكير المتأنى فى المشكلة، الأمر الذى يساعد على استيعابها وحلها. فالتوتر لا ينفع، والارتباك لن يفيد، والخوف عدو أشد فتكاً من أية مشكلة أو شدة أو تهديد مهما كان حجمه. العاقل يأخذ بالأسباب اللازمة والضرورية فى أية مواجهة، ثم يتوكل على الله، ويتحرك بالحقيقة الثابتة التى جاءت فى الحديث الشريف: «واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك. وما أصابك لم يكن ليخطئك».

أقول ذلك بمناسبة حالة الخوف والهلع التى يتعامل بها بعضنا مع فيروس كورونا. الخوف إحساس إنسانى طبيعى يتشارك فيه البشر جميعاً، لكن عندما يزيد عن حده فإنه يتحول إلى خوف مرضى قد يضر بصاحبه أكثر من الخطر الذى يتهدده. دعنى أضرب لك بعض الأمثلة على ذلك. أوائل ظهور حالات إصابة بفيروس كورونا فى مصر وقعت حادثة عجيبة، توفيت فيها ربة منزل وأصيب زوجها وأبناؤها الثلاثة بحالة اختناق عقب خلطها مواد كيماوية صنعتها يدوياً لتعقيم المنزل بغرض الوقاية من الفيروس المستجد. واقعة ثانية تقول إن مواطناً تخلص من حياته انتحاراً عن طريق إلقاء نفسه من شباك غرفته بمستشفى الصدر بالعباسية، بعد اكتشاف إصابته بفيروس كورونا. رحم الله الجميع.

الخوف لا يبلغ هذه المرتبة لدى الكثيرين، لكنه يتجلى فى أشكال أخرى، من أبرزها الوسوسة أمام أى عطسة أو كحة أو شعور بالتعب، لتذهب به الظنون كل مذهب، وقد يظهر لدى البعض الآخر فى هوس شرب وابتلاع بعض الأدوية التى يظن أنها تقيه شر الفيروس. الأجدى من كل هذا أن يأخذ الإنسان بالاحتياطات والإجراءات الاحترازية اللازمة ويترك الأمر بعد ذلك لصاحب الأمر.

يتعامل البعض مع فيروس كورونا وكأنه قد بات السبب الوحيد للوفاة. وحقيقة فإن الآلاف التى تموت كل يوم فى بر المحروسة، بقضاء الله تعالى، يشكل المتوفون بكورونا من بينهم عشرات من البشر. والأرقام فى كل دول العالم تقول إن نسبة تزيد على 80% (البعض يرفعها إلى 90%) تشفى من الفيروس بشكل تلقائى. والتجربة تقول إن البشر ما زالوا عاجزين عن الوصول إلى علاج ناجز لكورونا حتى الآن، وكل ما نسمع عنه من أدوية مدارها التجريب الذى ينجح فى أحوال ويخفق فى أخرى. المرجح أن الشفاء من الفيروس -فى النسبة الغالبة من الحالات- يتم بشكل تلقائى وبالأساليب الاحترازية المعتادة فى مواجهة نزلات البرد. والأسرة المصرية تعودت عندما يصاب أحد أفرادها بنزلة برد عادية الابتعاد عنه حتى لا تنتقل إليهم العدوى. ويعنى ذلك أن ما عليك هو فقط الالتزام بالإجراءات الاحترازية القديمة والمستجدة، دون خوف أو هلع.

كورونا -كما ذكرت لك- ليس السبب الوحيد للموت. الموت موقوت فى كتاب عند الله تعالى «لكل أجل كتاب». وموعده فى علم الله: «فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون». والنبى صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا قامت الساعة وفى يد أحكم فسيلة فليغرسها». يجب ألا يصرفنا الخوف من كورونا عن إدراك قيمة الحياة والإيمان بالنهاية المحتومة. طابت أيامكم.

Rochen Web Hosting