رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

الفرار من «كورونا»

قسم : مقالات
الإثنين, 29 يونيو 2020 19:21

فى ولاية تكساس بدأت السلطات تعود إلى سياسة الإغلاق بعد تزايد حالات الإصابة بكورونا خلال الأسبوع الماضى، وفى إسبانيا تم العودة لسياسة الحظر الكلى داخل 4 مناطق بعد تزايد أعداد الإصابة بكورونا عقب العودة التدريجية إلى الحياة العادية. وفى باكستان ارتفعت معدلات الإصابة بالفيروس بشكل مرعب بعد انتهاج سياسة الفتح، وبلغ معدل الإصابات 7 آلاف إصابة فى اليوم. وفى البرازيل حدّث ولا حرج، فداخل الدولة التى انتهجت سياسة الباب المفتوح مع كورونا، ولم تتّخذ حكومتها سوى إجراءات احترازية محدودة فى مواجهة الفيروس تجاوز عدد المصابين المليون مصاب، وتجاوز عدد الوفيات الـ55 ألف متوفى، وأعلن الرئيس جايير بولسونارو أنه يظن أنه أصيب بالفيروس.

كل دول العالم لجأت -مضطرة- إلى التخلى التدريجى عن الإجراءات الاحترازية، بعد أن تراكمت الخسائر الاقتصادية بصورة تفوق قدرة أعتى الدول على الاحتمال، ومع بدء الحكومات مسيرة الفتح أخذ مؤشر عداد الإصابات فى الدوران بسرعة، مما دعا رئيس منظمة الصحة العالمية إلى الإعلان عن أن المليون الأولى للإصابة بكورونا بلغها العالم بعد 3 أشهر من ظهور الفيروس، فى حين أن المليون الأخيرة (المليون التاسعة) أنجزها الفيروس خلال 8 أيام فقط. الآن عدد الإصابات فى العالم يقترب من 10 ملايين مصاب، وعدد الوفيات يقترب من نصف المليون. وتحذيرات منظمة الصحة لا تتوقف.

كل حكومات العالم فى مأزق غير مسبوق. وقد أصبحت الصورة واضحة، فالعودة إلى الحياة الطبيعية يعنى المزيد من الإصابات والوفيات، والأخبار التى تتوالى عن الموجات المتتالية للفيروس ومستويات شراستها لا تتوقف. البعض يقول إنه لا مفر من الاختيار ما بين صحة المواطن ومستقبله. فالجوع الاقتصادى هو الآخر قاتل، مثله مثل كورونا، لكن ثمة مسألة لا بد من أخذها فى الاعتبار عند المفاضلة بين الخيارين (الاقتصاد وكورونا)، تتمثل فى أن وجود الوباء قادر على إبطاء عجلة الاقتصاد، حتى مع السماح الكامل لها بالدوران. على سبيل المثال، يؤدى استمرار ظهور المزيد من الإصابات ووقوع وفيات فى أغلب دول العالم إلى عزوف المواطن داخل أى دولة عن السفر إلى الخارج، وقد لجأت بعض شركات الطيران العالمى إلى زيادة أسعار تذاكرها، بسبب الإجراءات الاحترازية، مما يضيف سبباً جديداً للمواطن يدفعه إلى التفكير أكثر من مرة قبل اتخاذ قرار بالسفر. والنتيجة أن شركات الطيران فتحت أبوابها وعادت إلى تقديم خدماتها، ورغم ذلك ظلت تخسر، لأن «الزبون عازف عن السفر».

رأس المال -مثله مثل الإنسان- جبان وخواف ويرتعد أمام أقل إحساس بالقلق. والتفكير فى أن التحلل من الإجراءات الاحترازية هو السبيل إلى إعادة دوران عجلة الاقتصاد، حتى مع وجود الوباء، مسألة تحتاج مراجعة. التجربة تقول إن كورونا قادر بذاته على فرض أحكامه وقوانينه على المجتمعات التى يزحف إليها. وليس للإنسان وهو يتعامل مع خطر مجهول إلا أن يفر منه، لا أن ينزل ويواجهه. ولعلك تذكر أن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، رفض دخول مدينة «عمواس» عندما ضربها الطاعون، وعندما سأله بعضهم: أفرار من قدر الله؟. رد: نعم.. نفر من قدر الله إلى قدر الله.

Rochen Web Hosting