رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

من توابع الفوضى! (2)

قسم : مقالات
الجمعة, 12 مارس 2021 10:23

ومن الفوضى التى طفقت تضرب أطنابها، أن مجلس الشورى المتوقع يقيناً القضاء دستورياً بأنه غير قائم منذ تشكيله، أبى فى إطار سياسة الاستحواذ والسيطرة والهيمنة، إلاَّ أن يفتح ملف الاستيلاء على الصحافة القومية!!!

 

من القواعد التى يعرفها رجال القانون، والتجارة، أن المشرع احتاط لمصائر عباد الله من تصرفات التاجر المشرف على الإفلاس، التى تصدر فيما يسمى «فترة الريبة»، ففتح باب الطعن عليها، وعدم الاعتداد أو الاحتجاج بها، والحكم بعدم نفاذها.. ففى هذه الفترة، المريبة، لا يهتم التاجر بإنماء وترشيد وتحسين تجارته، وإنما ينصرف للعبث بترتيب أوضاع على هواه بتصرفات غير سوية يسبق بها حكم الإفلاس القادم فى الأفق، يخفى ما يريد، ويسرب ما يشاء، ويسدد خانات لا علاقة لها بالحق أو أصول التجارة، وإنما لتحقيق مآرب وأغراض قبل أن يطبق عليه قضاء الإفلاس!!

 

ومن الفوضى التى بدا أنها ضربت فى كل شىء، أنه فى الوقت الذى آذن فيه حكم الدستورية العليا 14/6/2012، بأن مجلس الشورى يمضى فترة أشبه بفترة الريبة، لأن الحكم بحله أو باعتباره غير قائم قادم لا محالة لاتحاد السبب والعلّة، لأنه تشكل بذات القانون الذى قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته ومن ثم بطلان تشكيل مجلس الشعب واعتباره غير قائم منذ تشكيله، وذلك مؤشر لا يفوت أى لبيب أن مجلس الشورى يمضى أياماً انتظاراً لحكم محقق لا محيص عنه، لأن قانون تشكيله قضى فعلاً بعدم دستوريته بقضاء نهائى بات لا رجوع فيه، ولا تملك المحكمة الدستورية ذاتها الرجوع عنه، ومن ثم صار أثره محتوماً. وبدلاً من أن يلملم مجلس الشورى أوراقه، ويتأهب للرحيل، اندفع فى همة ونشاط للانقضاض على الصحافة القومية وتتبيعها للإخوان.. اقتداءً، وبصورة أكثر فجاجة، بما كان يفعله الحزب الوطنى، وكأن ثورةً لم تقم لإصلاح هذه الأوضاع الفاسدة. حتى الاعتبارات المهنية ومعايير القدرة والكفاءة التى كان الماضى يلتزم بها فى اختياراته، ألقيت فى بئر السلم، وتجاهل المجلس الأعلى للصحافة، وشكل لجنة برئاسة محاسب، وليس فيها من الصحفيين إلاّ ستة من خمسة عشر عضواً، وطفق يذل الصحافة والصحفيين، ويفرض على من يرغب فى رئاسة تحرير أن يعرض نفسه، وأن يقدم طلباً مشفوعاً بسيرته ومقوماته ومشروعاته وأفكاره للنهوض بالجريدة، ودون التفات إلى أن من يقبل هذا الانحناء لا يرجى منه خير، ودون التفات إلى السجل الفعلى الذى ينطق بأداء بعض رؤساء التحرير الذين حققوا طفرة بالصحف التى ترأسوا تحريرها مثلما فعل الأستاذ ياسر رزق بصحيفة الأخبار!

 

ولم يلتفت القطار المندفع إلى اعتراضات الصحفيين، ولا الدعاوى التى رفعت، ولا صرخات اعتراض العارفين التى أطلقت، ومضى ينهب الأرض نهباً بسرعة بساط الريح قبل أن يسدل الستار على وجوده ذاته بالحكم المحقق المرتقب، وفاح ما جعل الأستاذ صلاح منتصر ينسحب من لجنة الاختيار انسحاباً مسبباً، ولحق به آخر، وبدا أن هناك سبق إصرار لا سند له إلاّ المعايرة الضريرة بما كان، مع أن ما كان فى الأربعين سنة الأخيرة، ازدان برؤساء تحرير من وزن مصطفى وعلى أمين، ودعنا من هيكل الذى انسحب أو أقصى فى بداية عهد السادات، ومن وزن إحسان عبدالقدوس، وأحمد بهاء الدين، وموسى صبرى، وأنيس منصور، وأحمد رجب، وكامل زهيرى، ومفيد فوزى، ومحسن محمد، ومكرم محمد أحمد، وإبراهيم سعدة، وجمال الغيطانى، وعصام رفعت، ومنير عامر وآخرين غيرهم ممن تميزوا بكفاءات مهنية لم يهتم بها قطار الشورى المندفع إلى مرماه فى الأَخْوَنة أو الموالاة فى أقل تقدير، حتى إنه خرج على الشروط التى وضعها هو، مثلما فعل فى مخالفة زاعقة فى رئاسة تحرير إحدى الصحف القومية الكبرى. وقيل إن المعينين الجدد ذهبوا بعد تعيينهم للقاء المرشد العام للإخوان المسلمين، وتوجهنا بسؤال صريح عن ذلك، فلم يجب أحد، ولم ينف أحد!!!

 

على أن الأداء الجديد جاء كاشفاً عما تم تدبيره فى هذه الانقضاضة المؤسفة على الصحافة والصحفيين، فسرعان ما تلونت الصفحات، وانطلقت الأهازيج والطبول والتباريك، ومنعت أعمدة ومقالات لكبار كتاب، ولم تعد الصحافة القومية معبرة عن مصر والمصريين، وإنما مالت بوصلتها وهبطت مادتها، حتى لم نجد بداً من إعلان حركة مقاطعة للصحافة القومية إلى أن تعود إلى المصريين من قبضة من ولوهم أمورها فطفقوا بسرعة الريح يمالئون من أتوا بهم، بينما رأينا كفاءة مشهودة نحيت!! كالأستاذ ياسر رزق يتعاقد بمقابل كبير لرئاسة تحرير «المصرى اليوم»، ورأينا أستاذ حلمى النمنم رئيس مجلس إدارة دار الهلال، يذهب بقلمه إلى بعض الصحف الخاصة تأهباً لرحيل فاحت نذره، بينما انفلت شجار بنقابة الصحفيين فى اجتماع مجلسها استخدمت فيه الأيدى وتبودلت الشتائم والتهديدات والتوعدات، وانفلت زمام الإفصاح عن رئاسة موعودة لمجلس إدارة إحدى صحفنا القومية الكبرى، ولم يجد الموعود على حساسية وضعه بمجلس النقابة حاجة إلى نفيها!!

 

لا يحتاج اللبيب إلى طول تفكير ليدرك أن الصحافة القومية ستدفع ثمناً غالياً لما فعلته بها الفوضى بقرارات مجلس الشورى فى فترة الريبة السابقة لحله المحقق، ليس فقط بتراجع مبيعاتها وإعلاناتها التى بدأت فى التراجع فعلاً، وإنما بهجرة الطيور التى بدأت الهجرة إلى الصحف الخاصة، حيث يلقون التقدير المستحق بعد أن انقلبت المعايير بالأخونة داخل الصحف القومية!

 

ولكن الذى يعجز أى عاقل عن فهمه، أن تروج الإدارة المصرية إلى أنها تجهز لاستصدار قرار رئاسى بتعيينات المعينين فى مجلس الشورى المشرف على الحل!!!

Rochen Web Hosting