رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

ما حدث فى القناة ... و.د. نوال السعداوى

قسم : مقالات
السبت, 03 أبريل 2021 13:57

البيان الذى أصدرته الحكومة وهيئة قناة السويس بوقائع ما حدث للسفينة البنمية التى شحطت وتعطلت فى مجرى القناة قطع ألسنة كثيرة بدا لها إمكانية استغلال الحادث واستخدامه بشكل مغرض ضد مصر كما يحدث دائما من الحاقدين والكارهين والمتربصين بأمنها واستقرارها ، حيث أكد البيان ان وراء الحادث أحوالا جوية سيئة وصلت فيها الرياح إلى سرعات غير مسبوقة وانعدمت الرؤية وكيف تم الدفع بثمانى قاطرات إنقاذ لتقديم وتحريك السفينة الضخمة بحمولتها الهائلة ـ ورغم الظواهر المناخية الواضحة للحادثة فسيعقبها تحقيقات دقيقة وشفافة تضمن عدم التكرار مهما ساءت الأحوال الجوية رغم أن لها سوابقها المشابهة فى مياه العالم .

 

المهم أن وضوح الرؤية تحقق بالاهتمام بإعلان الحقيقة وبيان الأسباب ببيانات رسمية دقيقة تؤكد أهمية الشفافية والوضوح ومد جسور الثقة بالبيانات والمعلومات الموثقة فى التعامل مع أى مشكلة ومهما كان حجمها أو خطورتها وقد تبدى فى الاهتمام العالمى بالحادث والتأرجح بين معرفة الحقائق أو الفشل فى العثور عليها وفى ارتفاع الأسعار العالمية للبترول مما  يؤكد ما نعرفه جيدا عن أهمية القناة وتأميم الرئيس جمال عبدالناصر وإنهاء الامتيازات الأجنبية التى ارادت القوى الاستعمارية أن تمدها الى الأبد وكيف وفر احتضان مصر لقناتها ادارة وطنية احترمت دورها الاخطر فى أمن وسلامة العبور فيها الذى يحققه أمن واستقرار مصر .. ما عرفته أيضا أنه فور استكمال قاطرات هيئة القناة لانتشال وتحريك السفينة ومعرفة ما حدث بأدق تفاصيله من قبطان المركب ومرشد الهيئة الذى يقود السفينة لعبور القناة سيتم الاطمئنان على بدن وأجهزة السفينة وتعطى شهادة صلاحية لإمكانها أن تعبر القناة وتستكمل رحلتها. أعادت الحادثة التذكير بمدى أهمية قناة السويس ومشاركة المصريين فى مشروع وطنى عظيم لتوسيع قناتهم وإنشاء فرع أو قناة جديدة لها اشتركوا فى تمويلها بمليارات خلال ستة أيام مقدمين مثالا رائعا على ما يفعلونه من أجل بلدهم إذا أطمأنوا ووثقوا وتوفر لديهم وضوح الرؤية .. وأعادنى الحادث إلى بعض سطور مهمة من كتاب للأستاذ العقاد صادره الملك فاروق واهتم به الرئيس عبدالناصر ونشره ملحق الجمعة بالأهرام يوم 19 مارس الحالى وتناول فيه الأستاذ العقاد تفاصيل الاحداث التى اتخذها الانجليز مبررا لضرب الإسكندرية فى 11 يوليو 1882 وكان مقدمة لاحتلالهم الأسود لمصر أكثر من سبعين عاما ويشرح الكتاب كيف دخلت قناة السويس فى ألاعيب السياسة الدولية وما كتبه الفيلسوف الألمانى ليبنتز عنها ليحول أطماع لويس الرابع عشر من أوروبا إلى أفريقيا وحيث يكتب انه لا يوجد بين أجزاء الأرض جميعها بلد لا يمكن التسلط منه على العالم كله وعلى بحاره بأسرها غير مصر ـ تلك الأرض المقدسة التى تصل آسيا بأفريقيا والتى جعلت منها الطبيعة حاجزا بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر ومدخلا لبلاد الشرق جميعها ومستودعا لكنوز أوروبا والهند.

 

> رحلت . د . نوال السعداوى  والدولة والنواب على وشك إقرار قوانين نادت بها وهوجمت من أجلها من عشرات السنين وفى مقدمتها ختان الإناث وزواج الصغيرات بين عديد من مطالباتها دفاعا عن كرامة وسعادة المرأة وسيادتها وسيادة وحقوق الإنسان وتحريره من ثقافة التسلط والعبودية حاكما أو محكوما. وكان فكرها وما تكتب وتدعو إليه كاشفا عما عصف بالحضارة والاستنارة التاريخية المصرية وما أصاب قطاعات من المصريين تأثرت بثقافة صحراوية واردة وغريبة تنكرت لجذورهم التى صنعت أول حضارة فى التاريخ وللوسطية التى فهم بها المصريون صحيح وعظمة الإسلام .. ودعت إلى احترام قيمة العقل وهاجمت من ينظرون للمرأة كجسد بلا عقل وبلا وعى وبلا حقوق وكفاءات وقدرات تؤهلها لأخطر الأدوار والمسئوليات واكبر الأدوار القيادية فى الحياة وظلت صامدة كلما رموها بالأحجار ازدادت قوة وتمسكا بما آمنت به ودعت إليه وللأسف أن أسمع الآن عن إساءات توجه إليها تكشف عن الجهل بحقيقة ما كانت تؤمن به وتدعو إليه وتكشف أيضا عن عدم قدرتنا على الاختلاف دون تدن أو تطاول وفى سنوات تعبها الصحى الأخيرة تأكد لى افتقادنا لأنظمة رعاية إنسانية متقدمة للمبدعين والمفكرين الذين لم يعطوا أعمارهم لجمع ثروات أو لكنز أموال مع تأكيدى وإيمانى أن توفر حق وجودة إنسانية واقتصادية العلاج يجب أن تتوفر لجميع المواطنين والبسطاء منهم قبل القادرين نفوذا أو ماديا.

 

ومن قبل ما مرت به الراحلة العزيزة والكبيرة د.نوال السعداوى تكررت الدعوة من المبدعة والمخرجة الكبيرة عطيات الأبنودى وبعد طول معاناة قبل رحيلها دعت إلى الاهتمام بالمبدعين فى سنوات أعمارهم الكبيرة وتوفير ظروف رعاية لهم فى هذه السنوات الصعبة من أعمارهم وعمر كل إنسان وليرحل المبدعون دون مزيد من المعاناة التى فى الأغلب تمتلئ بها حياتهم ومعاركهم مع الجمود والتخلف ولصناعة واقع أكثر إنسانية وعدالة ولا أظن أن هناك الأقدر على الإحساس بمعاناة الإبداع واحتياجات المبدعين والمفكرين من وزيرة فنانة مثل . د . إيناس عبدالدايم ومع تقدير لجهودها المشكورة لجعل المنتج الثقافى يتوفر وينتشر لنشر العدالة الثقافية خاصة فى الأقاليم وأن تكون الثقافة جزءا أساسيا من المشروع القومى الكبير الذى تقوم به جميع أجهزة الدولة الآن لإحياء الريف المصرى ـ أن نستكمل هذه الجهود بنظام رعاية يستطيع أن يستفيد منه جميع المبدعين والمفكرين ويستطيعونا أن يلجأوا إليه ويحتمونا به وسط ظروف وآلام ومعاناة يعلم الله وحده قدر قسوتها ... ويعلم الله وحده أيضا مدى رفضى وكراهيتى لأى لون من ألوان التمييز وتطلعى إلى أنظمة رعاية طبية إنسانية تصل إلى كل من يحتاجون إليها حتى تستطيع ظروف وإمكانات مصر الاقتصادية ان تحقق وتوفر تأمينا صحيا متقدما  وعادلا لكل من يحتاج إليه وان يتوفر للأمناء والمخلصين من أطبائنا وأطقم التمريض والمستشفيات ما يساعدهم ويكافئهم على تقديم أفضل خدمة طبية للمرضى وأدعو ان يكون الأمر محل دراسة من وزارة الثقافة ومن كبار أطبائنا وعلمائنا الذين يهتمون بالشأن العام وأن يدخل فى ملفات اهتمامات رئيس مجلس الوزراء وسط تجليات كثيرة للرحمة والإنسانية تحاولها الدولة أرجو ان يكون من بينها أنظمة رعاية للمفكرين والمبدعين فى ذروة أعمار وهبوها ليكونوا  فى مقدمة كتائب القوة الناعمة الحامية والمدافعة عن قيم الحضارة وإحياء واحترام العقل والاستنارة لهذا الوطن وان يقدم لاسم دكتورة نوال السعداوى ما يليق به من تكريم وتقدير.

Rochen Web Hosting