رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

القدس واجب الحماية وقدسية المكان

قسم : مقالات
الجمعة, 21 مايو 2021 10:38

كان ينبغى أن يدرك العالم العربى أن الشعب الفلسطينى لن يتحمل ما يتعرض له من الضغوط والمحن والمؤامرات .. وأن انقسام الدول العربية وحالة الشتات التى أصابتها قد عادت بقضية العرب الأولى عشرات السنين إلى الوراء.. وأن إسرائيل فى ظل انسحاب بعض العواصم العربية من دعم الشعب الفلسطينى قد تمادت فى طغيانها بدعم أمريكى تجاوز كل الحدود.. ووضع الشعب الفلسطينى أمام خيار واحد وهو المقاومة..

> كلنا كان يعرف أن محنة الشعب الفلسطينى حين انقسم على نفسه .. بل إن فصائله المتناحرة حملت السلاح ضد بعضها وانقسم رفاق الأمس إلى جماعات.. منهم من ذهب إلى أوسلو باحثا عن سلام لم يتحقق ووطن لم يرجع.. بينما بقى فريق فى غزة متمسكا بقطعة من الأرض ربما وجد فيها الملاذ .. لم تحصل جماعة أوسلو على شيء وبقيت حماس فى غزة تنتظر ساعة المواجهة .. كان هناك فريق ثالث رفض أن يستسلم لإغراءات أوسلو أو محنة غزة، وكان يرى أن المقاومة هى الحل وبقى هذا الفريق وفيا على عهده وقضيته وشعبه..

> لقد تجاهل الكثيرون فريق المقاومة من أبناء الشعب الفلسطينى وإن لم يتورط هذا الفريق فى مواجهات أو تصفيات أو صفقات سريعة .. بقى الحال على ذلك ما بين دولة رام الله وجماعة حماس وفريق المقاومة الصامت .. ومرت الأحداث وإسرائيل تحاول كل يوم أن تحقق مكاسب جديدة حتى وصلت إلى تهميش قضية الشعب الفلسطينى على المستوى الدولى .. فقد حذفت منظمات دولية كثيرة من برامجها قضية فلسطين واتسعت دائرة الإهمال بدعم أمريكى فى عهد الرئيس ترامب الذى قدم لإسرائيل ما لم يقدم لها طوال تاريخها .. ابتداء بالقدس عاصمة لإسرائيل، وانتهاء بصفقة القرن وتشجيع دول عربية على إبرام اتفاقيات سلام مع إسرائيل وتبادل السفراء .. وأقيمت الاحتفالات فى العواصم العربية وفى تل أبيب ولا عزاء للفلسطينيين وقضيتهم ..

> كانت هدايا ترامب لإسرائيل تفوق كل الحسابات، خاصة أن أمريكا تجاهلت تماما قصة الصراع العربى - الإسرائيلي، ونسيت ما كان يسمى حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية .. وانقطعت كل الاتصالات والمفاوضات بين أمريكا والسلطة الفلسطينية، ولم يعد أحد يخاطب الرئيس محمود عباس .. كما أن إسرائيل ضربت عرض الحائط بكل شيء يتعلق بالقضية الفلسطينية، وهى تستقبل كل يوم وفودا عربية، وتوقع الصفقات التجارية بالمليارات.. بينما تتدفق حشود السياح الإسرائيليين إلى العواصم العربية..

> كان من الصعب على الشعب الفلسطينى أن يقبل ذلك وهو يشاهد الجميع وقد تخلو عنه وعن قضيته .. لقد ذهب إلى أوسلو وعاد منها بلا شيء ورضى بإقامة دولتين ولم يحصل على شيء ولم تصل به مفاوضات السلام إلى شيء .. وتخلت عنه أمريكا وسلمت القدس عاصمة لإسرائيل.. وكانت المفاجأة أن خرج المستوطنون اليهود يطردون الفلسطينيين من بيوتهم فى حى الشيخ جراح، وهى بيوت مسجلة بأسماء أصحابها منذ عشرات السنين واشتعلت نيران المواجهة..

> ثم كانت الكارثة الأكبر فى اقتحام الجيش الإسرائيلى المسجد الأقصى .. وهنا ثار بركان الغضب واشتعلت الأرض المحتلة وخرجت كل الفصائل والجماعات وانطلقت صواريخ المقاومة تدك المدن الإسرائيلية من تل أبيب إلى اللد إلى عسقلان ومطار بن جوريون .. ولم يكن الهجوم الفلسطينى من جميع الفصائل مفاجأة لإسرائيل فقط، ولكنه كان مفاجأة لأمريكا والعالم..

> نحن الآن أمام عدة حقائق..

- أولاً : أن الشعب الفلسطينى قد أدرك ولو متأخرا أنه لا أحد سوف يعيد له حقه، وأن الكثير تاجر بقضيته .. وأن ما ضاع لا يسترد إلا بالقوة وأن المقاومة هى الطريق ولا بديل عنها ..

- ثانيا : إن إسرائيل قد أدركت أخيرا أن الحل ليس فى سلام مع دول لا حق لها فى التفاوض باسم الشعب الفلسطينى .. وأن السلام الواهى لن يصل إلى شيء ..

- ثالثا : أن هناك جيلا جديدا من شباب فلسطين يملك أدوات العصر ووصل إلى مستوى من العلم والتقدم .. وأن الصراع القادم صراع حضارى والشعب الفلسطينى قادر على هذه المواجهة..

- رابعا: أن الفكر الصهيونى القائم على الأطماع والتوسع لابد أن يراجع نفسه لأن البديل أن تخسر إسرائيل كل شيء.. لأن الشعب الفلسطينى لن يفرط فى وطنه..

- خامسا : أن إسرائيل لن تهزم شعبا يدافع عن أرضه، وهو على استعداد أن يقدم لها ملايين الشهداء ولن يبخل..

- سادسا : على العالم العربى أن يترك للشعب الفلسطينى قضيته لأنه أولى بها، وهى أولى به، ولا داعى لهذا السباق إلى تل أبيب تحت راية القضية الفلسطينية ..

> ولعل إسرائيل قد أدركت أمام صواريخ القسام أن الطريق إلى السلام مع أبناء الوطن وليس الأخرون .. نحن الآن على أبواب مرحلة جديدة وقضية جديدة وشعب جديد.. أما عن العالم فقد أفاق على واقع جديد لشعب أصبح قادراً على أن يسترد حقوقه دون دعم من أحد، وعلى إسرائيل أن تستعيد وعيها قبل فوات الأوان..

> بقيت عندى كلمة أخيرة أن حشود الشباب الفلسطينى الذين واجهوا المستوطنين فى الشيخ جراح وساحات المسجد الأقصى هم جيل الانتفاضة الأولى والثانية .. وهم الذين حرموا من آبائهم وذاقوا مرارة العذاب والألم .. إن من بينهم علماء صغارا استوعبوا روح العصر وأسراره وهم الذين صنعوا الصواريخ التى هزت أركان تل أبيب وعسقلان واللد ومطار بن جوريون وعلى إسرائيل أن تعمل لهم ألف حساب .. إن شباب فلسطين من حملة الدرجات العلمية من الماجستير والدكتوراه هم الذين صنعوا الصواريخ وأطلقوها بدقة وهم قادرون على تغيير موازين القوى مع جيش الدولة الذى لا يقهر..

> لقد استخدمت إسرائيل كل أساليبها الوحشية ضد السكان المدنيين ومنهم عشرات الأطفال والنساء .. ولم تتوقف صواريخ المقاومة عن اجتياح المدن الإسرائيلية، ويجب أن تدرك إسرائيل أن الشعب الفلسطينى قد تخلص من كل ألوان الوصاية، وأصبح حرا فى قراره حتى ولو دفع الثمن.. إن ما شهدته فلسطين أخيرا حرب كاملة خاضها الشعب الفلسطينى بشبابه وقدراته .. وجعل العالم كله يقف مذهولاً أمام هذا التحول الرهيب فى موازين القوى ولعل هذا العالم يفيق..

> إن الجميع يتحدث عن الهدنة، وقد نسى هؤلاء أن المواقف تغيرت.. وأن إسرائيل لم تعد القوة الغاشمة التى يعمل لها ألف حساب.. إن إسرائيل عاشت تجربة قاسية ربما لأول مرة أمام المقاومة الفلسطينية الباسلة .. وكانت المظاهرات التى اجتاحت عواصم العالم أكبر دليل على أن إسرائيل لم تعد صاحبة الكلمة الأولي، وأن عليها أن تعيد للشعب الفلسطينى حقه فى أرضه و شعبه وكرامته..

> إن أهم ما تركته المواجهة التى تدور رحاها الآن إنها وحدت أبناء الشعب الفلسطينى بفصائله وجماعاته على قلب رجل واحد .. وأغلقت أبواب الصراعات والمصالح والمؤامرات لكى يستعيد الشعب الفلسطينى أرضه.. ويفتح الأبواب أمام جيل جديد أكثر وعيا وانتماء وإيمانا بعدالة قضيته .. هناك فلسطين أخرى تطل فى سماء الأرض المحتلة لتصنع فجرا جديدا.. إن المواجهة قد تمتد ويطول بها الوقت وقد تتحول إلى حرب أهلية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويأخذ الصراع أشكالا أخرى لا أحد يعرف مداها أو نتائجها..

> إن جمع العالم الإسلامى حول قضية القدس منح القضية الفلسطينية بعداً آخر وجعل منها قضية الملايين من المسلمين والمسيحيين فى كل أرجاء العالم.. إن محاولة إسرائيل اغتصاب القدس بدعم أمريكى جعل منها قضية مسلمى العالم، وعلى الإدارة الأمريكية أن تراجع قرار رئيسها السابق بالقدس عاصمة لإسرائيل..

> إن العالم كل العالم لن يقبل أبدًا أن تكون القدس مدينة الأنبياء والأرض المقدسة تحت وصاية إسرائيل لأن كل شعوب العالم لها حق فيها.. حق العبادة وواجب الحماية وقدسية المكان..

 

ويبقى الشعر

اغْضَبْ..فإنَّ اللهَ لمْ يَخلُقْ شُعُوبًا تَستَكِينْ

اغْضَبْ..فإنَّ الأرْضَ تُحْنِى رَأسَها للغَاضِبِينْ

اغْضَبْ..فإنَّ الرِّيحَ تَذْبحُ سُنبٌلاتِ القَمْحِ..

تَعْصِفُ كَيفَمَا شَاءَتْ..بغُصْنِ اليَاسْمِينْ

اغْضَبْ..سَتلقَى الأرْضَ بُرْكَانًا..

ويغْدُو صَوْتُكَ الدَّامِى نَشِيدَ المُتْعَبِينْ

اغْضَبْ فإنَّ حدَائِقَ الزَّيْتُونِ..

لا تُؤْوِى كِلابَ الصَّيْدِ..

لا تَنْسَى دِمَاءَ الرَّاحلِينْ

الأرْضُ تَحْزَنُ..

حِينَ تَرْتَجِفُ النُّسُورُ..

وَيحْتَوِيهَا الخَوْفُ..والحُزْنُ الدَّفِينْ

الأرْضُ تَحْزَنُ حِينَ يَسْترْخِى الرِّجَالُ..

مَعَ النِّهَايَةِ..عَاجِزِينْ

اغْضَبْ فإنَّ قَوَافِلَ الزَّمَنِ المُلَوَّثِ..

تَحْرِقُ الأحْلامَ..

فِى عَيْنِ الصِّغَارِ الضَّائِعينْ

اغْضَبْ..فإنَّ العَارَ يَسْكُنُنَا

ويَسْرِقُ مِنْ عُيُونِ النَّاسِ

لَوْنَ الفَرَحِ..

يَقْتُلُ فِى جَوَانِحِنَا الحَنِينْ

ارْفُضْ زَمَانَ العُهْرِ..

والمَجْدِ المُدَنَّسِ تَحْتَ أَقْدَامِ الطُّغَاةِ المُعْتَدِينْ..

اغْضَبْ..فَفِى جُثَثِ الصِّغَارِ

سَنَابِلَ تَنْمُو..وفِى الأحْشَاءِ

يَنْتَفِضُ الجَنِينْ

اغْضَبْ..فإِنَّكَ إنْ رَكَعْتَ اليَوْمَ..

سَوْفَ تَظَلُّ ترْكَعُ بَعْدَ آلافِ السِّنِينْ

اغْضَبْ..فإنَّ النَّاسَ حَوْلَكَ نَائِمُونَ..

وكَاذِبُونَ..

وعَاهِرُونَ..

ومُنْتَشُونَ بِسَكْرةِ العَجْزِ المَهِينْ

اغْضَبْ إِذَا صَلَّيْتَ..

أوْ عَانَقْتَ كَعْبَتَكَ الشَّرِيفَةَ..

مِثلَ كُلِّ المُؤْمِنِينْ

اغْضَبْ..فإنَّ اللهَ لا يَرْضَى الهَوَانَ لأُمَّةٍ

كَانَتْ ـ ورَبَّ النَّاس ـ خَيْرَ العَالَمِينْ

فاللهُ لَمْ يَخْلُقْ شُعُوباً تَسْتَكِينْ

<<< 

اغْضَبْ إِذَا لاحَتْ أمَامَكَ..

صورةُ الكُهَّانِ يَبْتَسمُونَ والدُّنيَا خَرَابُ

والمَدَى وَطَنٌ حَزِينْ

ابْصُقْ على «الشَّاشَاتِ»..

إنْ لاحَتْ أمامَكَ صُورَةُ المُتَنطِّعِينْ

اغْضَبْ إِذَا لَمْلَمْتَ وَجْهكَ

بَيْنَ أَشْلاءِ الشَّظَايَا..

وانْتَزَعْتَ الحُلْمَ كَىْ يَبْقَى..

عَلَى وَجْهِ الرِّجَالِ الصَّامِدِينْ

اغْضَبْ إِذَا ارْتَعَدَتْ عُيُونُكَ..

والدِّمَاءُ السُّودُ تَجْرِى..

فِى مَآقِى الجَائِعِينْ

اغْضَبْ إِذَا لاحَتْ أمَامَكَ أمَّةٌ مَقْهُورَةٌ

خَرَجَتْ مِنَ التَّارِيخِ..بَاعَتْ كُلَّ شَىْءٍ..

كُلَّ أرضٍ..كُلَّ عِرضٍ..كُلَّ دِينْ

اغْضَبْ ولا تَتْرُكْ رُفَاتَكَ..

جِيفَةً سَوداءَ كَفَّنَهَا عَوِيلُ مُوَدِّعِينْ

اجْعَلْ مِنَ الجَسَدِ النَّحِيلِ قّذِيفَةً

تَرتَجَّ أَرْكانُ الضَّلال..

ويُشْرِقُ الحَقُّ المُبِينْ

<<< 

اغْضَبْ..فإنَّكَ إنْ تَرَكْتَ الأرْضَ عَارِيةً

يُضَاجِعُهَا المُقَامِرُ..والمُخَنَّثُ..والعَمِيلْ

سَترَى زَمَانَ العُهْرِ يَغْتصبُ الصِّغَارَ..

ويُفْسِدُ الأجْيَالَ جِيلاً..بَعْدَ جِيلْ

وتَرَى النّهَايَةَ أُمَّةً..مَغْلُوبَةً

مَا بَيْنَ لَيْلِ البَطْشِ..والقَهْرِ الطَّوِيلْ

 

Rochen Web Hosting