هذه مجموعة تأملات وانطباعات ربما تكون أقرب إلى كونها دروسا مستفادة من الوعكة الصحية الطارئة التى دهمتنى بعنف دون سابق إنذار بأكثر من أن يراها البعض خواطر ذاتية.

     لقد تجدد يقينى الذى لم يهتز يوما طوال حياتى بأننا كبشر ليس لنا سوى الله وعند نزول الكرب لمن نلجأ لغير الله.. أليس هو القائل عز جلاله: «..إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا» ومن يتأمل فى المعنى يتيقن بأنه ليس بحاجة إلى أن يرفع صوته أثناء الدعاء لأن همسة التضرع قد تهز أبواب السماء.

     ليس كل من يواسيك خاليا من الجراح ولا كل من يشد من أزرك يملك عزما وقوة بأكثر مما تملك، وإنما هو السخاء والجود والصدق فى العطاء وفى المشاعر وما أعظم أن تجد من يقتسم معك زاده من الصبر أو من يمتلك ما تبقى عنده من الأمل.

     مهما أدارت الحياة ظهرها لك فى لحظات الشدة إياك أن تنهار أو أن تضعف وتبكى وإنما عليك بسلاح الإيمان بالله أن تظهر للحياة أن تمتلك ألف سبب وسبب لكى تتفاءل وتضحك وتبتسم!

     مهما تكن شدة العاصفة لا تقل أن تفاديها أمر فى حكم المستحيل لأن الله إذا أراد شيئا عطل له قوانين الحياة، فالبحر لا يغرق والنار لا تحرق والجبل لا يعصم والحوت لا يبلع والعذراء تلد والرضيع يتكلم والعصى تتنفس والحصى يتحدث وينامون ولا يصحون إلا بعد ثلاثمائة عام وعرش فى اليمن يأتى إلى الشام فى طرفة عين، والشمس تتوقف والفجر ينشق، والميت يحيا، والكثرة تُغلب.. سبحانك ربى نحن فى رحاب ملكك والخير كله بيدك.

     كن مسالما مع نفسك لكى تشعر بالأمان والاطمئنان فالسكينة تأتيك من قوة إيمانك.. وبقدر عزيمتك تستكين روحك ولا ينزلق لسانك أبدا إلى توصيف ما أصابك بأنه سوء حظ، وإنما عليك أن تقول متفائلا «لعل الله أراد لى الأفضل»!

     كل شيء فى حياتنا وراءه حكمة.. فى الألم حكمة وفى المرض حكمة وفى العذاب حكمة وفى المعاناة حكمة وفى النجاح حكمة وفى الفشل حكمة... ومعنى ذلك أنه لا عبث فى الوجود وإنما وراء كل شىء حكمة ومن أدرك ذلك ترتاح نفسه ويطمئن قلبه ولا يجد القلق مكانا دائما فى صدره!

     يا صديقى ما حاجتى بك فى النور إذا لم أجدك فى العتمة!

     العابرون فى حياتنا كثيرون لكن الأزمات تؤكد أن أصحاب البصمات عملة نادرة!

     قد لا نعلم مكانتنا بقلوب بعض الناس لكننا نشعر بها من تصرفاتهم أثناء الشدائد والأزمات!