رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

مبادئ تحكم العلاقة مع الآخر

قسم : مقالات
الإثنين, 07 فبراير 2022 12:23

1- الحياة الاجتماعية، أو العلاقات الإنسانية، أو البيئة الخارجية ذات أثر مهم فى حياة الإنسان وتكوين شخصيته، بل إن الشخصية هى المحصلة الطبيعية للتفاعل بين المكونات الذاتية للإنسان والبيئة التى يحيا فيها.

 

2- ويمكن أن نفرق ببساطة بين طفل تربى فى بيئة ريفية، وآخر تربى فى حىّ شعبى، وثالث نشأ فى حىّ متمدين. فالشخصية تختلف فى سماتها، ومعاملاتها، وألفاظها، وعاداتها، وتقاليدها.. بحسب البيئة التى نشأت فيها.

3- والبيئة معناها: الأسرة، والمدرسة، وأماكن العبادة، والمجتمع.. من هنا تكون دعوة الرب لنا أن نحب الجميع من قلب طاهر وبشدة، وحتى الأعداء أيضًا.. «فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ» (رومية 18:12).

4- فالأديان جوهرها الحب، والمتدين الصادق لا يستطيع إلا أن يحب، وحتى إذا عاداه إنسان يحاول أن يكسبه بالحب، فإن فشل فى اجتذابه يستمر يحبه، لأنه إذا كره إنسانًا، ولو كان عدوًا، فالمحبة ستهرب من قلبه، ومعها الله، لأن الله محبة!!

أربعة مبادئ تحكم العلاقة مع الآخر:

1- إذن، فالمبدأ الأول الذى يحكم علاقاتنا بالناس هو الحب، والحب السخى، فحدوده الوحيدة هى ألا يتعارض حبى للناس مع محبة الله، وذلك حينما يكون الحب بطريقة تقضى على محبتى لله، أو تعمينى عن رؤية الطريق السليم، وتدنسنى بالخطيئة، أو تدفعنى إلى خارج دائرة الله.

لذلك علينا أن نشجع شبابنا على أن يحيا المواطنة كمواطن صالح، يسهم بالخدمة والحب بنصيب فى بناء الوطن، من خلال علاقات المحبة مع إخوته وشركائه فى الوطن، مسلمين ومسيحيين، ناشرًا للخير، وفاعلًا فى المجتمع المدنى: بجمعياته، وأحزابه، ونقاباته، واتحاداته الطلابية.. إلخ.

2- أما المبدأ الثانى فى علاقاتنا الاجتماعية فهو المرونة القوية، بمعنى أن يكون الإنسان مرنًا مع الآخرين، غير متصلف ولا متصلب. ويجب أن نعى أننا من أماكن وتنشئة وأوساط بيئية مختلفة، فنحن مختلفون عن بعضنا البعض فى طريقة وأسلوب التفكير فى الحياة، وهذا ميزة وليس عيبًا.

والمرونة تعنى أيضًا أن يكون الفرد قادرًا على التكيف والتأقلم بسهولة مع المحيط الذى يعمل أو يعيش فيه، ولكن بشرط أن تكون مرونة قوية، فيذهب مع أحبائه فى طريق الخير، ويرجع عنهم حينما يرتادون طريق الشر!!.

والمحبة السليمة لا تجعلنى أساير أصدقائى حتى فى الخطأ، بل بالعكس تجعلنى أرفض مشاركتهم، كما قال الرسول بولس: «لاَ تَشْتَرِكُوا فِى أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ» (أفسس 11:5)، وهكذا لا أنزلق إلى الخطأ، بل أجتهد مع إخوتى ألا ينزلقوا إليه. أما إذا شعرتُ بصعوبة قيادتهم إلى الصواب، وصار هناك احتمال انزلاقى معهم، فلأقطع هذه الصلة فورًا، فطريقهم طريق الهلاك!! والإدمان خير دليل على ذلك.

3- والمبدأ الثالث فى علاقاتنا الاجتماعية هو الحدود المقبولة، فليس معنى المحبة والتزاور أن يصبح بيتى بلا أسوار!! والبيت هنا هو القلب أو الأسرة! والبيت الخالى من الأسوار يكون نهبًا لكل إنسان أو حيوان مفترس! وكم من بيوت انفتحت على علاقات اجتماعية سيئة قادتها إلى دمار محقق!، فالأب يسافر بعيدًا، والبيت مفتوح بلا حدود! وكثيرًا ما سمعنا كيف تحول البيت إلى وكر للإدمان والانحرافات، بسبب غياب الوالدين فى الخارج، بهدف جمع النقود وتكوين الثروات!.

ولهذا نهيب بالشباب ألا ينغلق ولا يضع لنفسه أسوارًا فى مجتمعات ضيقة، فى المدارس والجامعات وأماكن العمل.. بل أن يتفاعل ويقوم بدوره، مع وضع حدود مقبولة. والحدود تعنى كما قال السيد المسيح: «كُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ» (لوقا6: 31).. أى أن يكون هناك احترام متبادل، وإذا أساء أحد التصرف، فلابد من تنبيهه أولًا، لكى يضع حدًا لهذا التصرف الذى قد يبدر من الآخر، لذلك فالحدود المقبولة هى حماية للعلاقات دون أن تضر المودة.

4- أما المبدأ الرابع فى علاقاتنا فهو الخدمة الصادقة، والخدمة فى اللغة العربية تعنى المساعدة والمساندة، والخدمة تشمل كل الخدمات: الروحية والاجتماعية والمادية، والمعنوية من مساندة ومشاركة فى الآراء، وفى سد الاحتياجات المادية للفقراء، والمحتاجين، والمرضى، والمعاقين، ومساندة ومؤازرة من هم فى ضيقة: كمرض أو وفاة أحد الأقارب أو.. إلخ.

وقد قال السيد المسيح عن نفسه إنه: «لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ» (متى28:20)، وقال أيضًا: «من أرادَ أن يكونَ فيكم عظيمًا، فليكن لكم خادمًا» (متى2:20).

لذلك فالإنسان المتدين خادم كل الوقت، وبكل القلب، فى كل مكان، ومع كل إنسان!!.

من هنا كان لابد من التعبير العملى عن المحبة الحقيقية، كما قال القديس يوحنا: «لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!» (يوحنا الأولى 18:3). وأيضًا قال القديس بولس الرسول: «بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضكُمْ بَعْضًا» (غلاطية 13:5). فالخدمة هى التعبير الحقيقى عن قلب أحب الله والناس، وبذل من أجلهم كل ما يستطيع.

إن الرب يطلب منا أن نسلك سلوكًا اجتماعيًا مقدسًا، يشهد له، ويسعد حياتنا، ويعطينا فرصة لنشر الحب فى كل مكان وفى كل زمان!!.. بنعمة إلهنا العامل معنا وفينا. له كل المجد إلى الأبد.. آمين.

 

Rochen Web Hosting