رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

عبد اللطيف المناوي الأوكرانيون يشاهدون «نتفليكس»

قسم : مقالات
السبت, 05 مارس 2022 20:19

هل يمكن أن تكون الإنسانية اختيارية؟!..

 

هو سؤال لا ينبغى أن يجعلنا نفقد تعاطفنا مع المدنيين، الذين يدفعون ثمن حرب أشعلها صراع مصالح وقوة بين من يتحكمون فى مصائر البشر. ولكنه سؤال ظهر وتردد حول معايير ومفهوم الإنسانية من البشر تجاه البشر الذين يعانون. صورة المدنيين الذين أجبرتهم الحرب الدائرة فى أوكرانيا على الهرب واللجوء إلى الدول المجاورة، وكيف استقبلهم أهالى البلد المضيف بالترحاب والود والورود وعرض كل أشكال المساعدة، من القهوة الساخنة فى البرد الشديد حتى الإقامة المجانية الكاملة فى بيوتهم.

هذه الصور التى ملأت الشاشات فى كل أنحاء العالم أثارت تساؤلات فى بعض أجزائه، منها هنا فى منطقتنا العربية التى «ساهمت» بملايين اللاجئين خلال العقود الأخيرة بأيدينا وبأيادى آخرين، عندما شاهدنا هذه الصور استدعينا صورًا أخرى للاجئين العرب من سوريا والعراق، عندما تدفقوا إلى نفس الحدود أو أخرى قريبة، وعانوا أشد المعاناة على تلك الحدود، وبدلا من استقبالهم بالورود كان الاستقبال بقوات أمن مدججة بالسلاح وبكلاب حراسة لحماية الحدود.

وعوضًا عن مشاعر التعاطف والاحتواء والتطمينات كان هناك سلوك فردى فى حالات كثيرة، يحمل قسوة وغيابًا لأى مشاعر إنسانية. وقد يتذكر بعضنا ذلك المشهد المؤلم لإحدى المجندات وهى تسقط لاجئًا سوريًا يحمل طفله الصغير وهو يهرول نحو الحدود.

ناهيك عن حالة الرفض التى كانت منتشرة بين قطاعات عدة فى العديد من الدول الأوروبية لاستقبال هؤلاء المهاجرين القادمين من بلاد الشرق الأوسط والعالم الثالث. وما حدث فى بعض الحالات أن تمت عملية انتقائية مبنية على تخصصات هؤلاء اللاجئين ومدى احتياج الدول المستقبلة لهم لهذه التخصصات، وعلى أساسها يُسمح لهم بالدخول أو لا.

سبق هذه المشاهد عديد من التعبيرات العنصرية التى امتلأت بها شاشات التغطية التليفزيونية الحية، خاصة فى الأيام الأولى، عندما خرج أكثر من مراسل ومراسلة وبعض المعلقين وهم يتحدثون عن الأوكرانيين، ويصفونهم بأنهم «بيض البشرة مثلنا، مسيحيون مثلنا، يشاهدون نتفليكس مثلنا»، كما قالت واحدة، أو «هم أوروبيون مثلنا وليسوا من إحدى دول العالم الثالث أو الشرق الاوسط»، كما قال آخرون.

هذه الأصوات وهذا السلوك هو ما يدفعنا لطرح هذا التساؤل المؤلم: هل من الممكن أن تكون الإنسانية اختيارية أو مشروطة؟!.. أظن أن هذا الموقف هو إجابة خاطئة وموقف يحمل عنصرية كامنة. وهنا يقفز سؤال آخر: هل يوجد إنسان غير عنصرى؟!.

لكن السؤال الآخر حتى لا يكون هناك تجنٍ، هل اختلف موقفنا نحن العرب كثيرًا عن موقف الأوربيين تجاه اللاجئين من الدول العربية؟، والإجابة أننا لم يختلف معظمنا كثيرًا فى مواقفنا من اللاجئين.

مرة أخرى، هذه الملاحظة والتساؤل يجب ألا يقللا من تعاطفنا مع أولئك المدنيين الأبرياء الذين يدفعون ثمنًا لحرب مميتة ليس لهم قرار فيها. انهيار حياة البشر يجب ألا نتعامل معه إلا بمشاعر إنسانية حقيقية، بغض النظر عن اللون أو الجنس أو الدولة.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

Rochen Web Hosting