رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

بكرة أحلى

قسم : مقالات
الجمعة, 21 أكتوبر 2022 17:59

ظلَّ المصريون إلى جانب ضفاف نهر النيل، يأكلون ويشربون ويرعون مصالحهم ووطنهم. ظلَّ المصريون مستقرين إلى جانب النهر الذى يمثل لديهم الكثير والكثير. جاء المحتلون الباغون، وحلت الأزمات والنكبات، وهو كما هو، يأكل ويشرب ويؤمن بالاستقرار إلى جوار شريان حياته.
يظل المصريون هكذا فى الأزمات، كجسد واحد يشد بعضه بعضًا، يفسر ذلك الكثير من عوامل الجغرافيا والتاريخ والثقافة الشعبية والإنسانية، قد يُفسر ذلك أيضًا ارتباط هذا الشعب بالأرض الطيبة، وبجدران المعابد القديمة التى تركها أجداده، وبمساجد وكنائس أسلافه.

يخرج إلى بلاد الغربة من يخرج، فقد بدأت الهجرات منذ فترة، وكموجات البحر لا تنتهى، ولكنها هجرات تشبه من يخرج ليسعى وراء رزقه. يخرج المصرى ولا يقطع حبله السرى المربوط فى رحم الوطن. يخرج المصرى ولا ينسى ذكرياته مع الأرض التى أنجبته.

اقرأ المزيد...

ربما يعيش خارج بلده أكثر مما يعيش فيه، لكنك إذا سألت أحدهم عن الأمنية الأكيدة يقول: «أحلم باليوم الذى أعود فيه إلى البلد وأحضان الناس». بالفعل، يحلم المغتربون باليوم الذى سيهبطون فيه إلى أرض المطار، وإلى مسقط الرأس، فمحل المعيشة والرزق المؤقت غير الوطن الدائم.

لقد ذاق المصريون طعم الاستقرار والارتباط بالأرض. ذاقوا الحب والجمال والتاريخ الذى يتحدث عن نفسه دائمًا. ذاق المصريون خبرات الحب والحرب والانتصار والأمل واليأس، لكنه يأس مختلف طعمه عن يأس بلا وطن وبلا أرض.

هذه الحالة التى بدت دائمًا كأنها يقين ربما تظهر فى وقت الشدائد والأزمات، تتجول بين عيون الناس فى الشارع وفى كل مكان، فترى التمسك بالوطن، حتى وإن زادت الأزمات، فالأمل بأن الغد أفضل لايزال قائمًا.

اقرأ ايضًا...

لن يستطيع أحد أن يغير أفكار وقناعات المصريين فى حبهم لوطنهم. لن يستطيع أحد أن يتدخل فى تركيبة الجينات الوراثية التى تربط هذا الشعب بهذه الأرض. لن تستطيع الأفكار الواردة والشاردة والشاذة أن تقطع الرابط الذى يربط المصريين ببلدهم.

نعم، لقد حاول الكثيرون، سواء ممن مروا على تاريخ هذه الأرض بشكل عابر أو استمروا حتى لقرون، أن يغيروا ما بنفس المصريين. حتى وإن غرسوا آلاف البذور، فدائمًا ما يتراجع تأثيرهم السلبى أمام حب الناس وإيمانهم بفكرة الوطن الدائم، وبفكرة السكن بما تحمله الكلمة من دلالة.

الشعب المصرى فى تحديات دائمة ومستمرة، وطوال الوقت هو يدرك أن الغد أفضل، أو «بكرة أحلى» كما يقول أهالينا.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

Rochen Web Hosting