رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

عنصرى أم إرهابى؟

قسم : مقالات
الثلاثاء, 27 ديسمبر 2022 15:02

وصفت التحريات الأولية جريمة الفرنسى، الذي قتل ثلاثة من الأكراد في الدائرة العاشرة في قلب باريس، بأنها عنصرية وليست إرهابية، وأوضحت أن التحقيقات المستمرة ستحسم التكييف النهائى للقضية، وما إن كانت المؤشرات الأولى تقول إنها ستُعتبر جريمة عنصرية.

 

والمعروف أن القانون الفرنسى يعتبر الجريمة الإرهابية هي التي تنبع من أيديولوجيا سياسية تؤمن بالإرهاب وليس مشاعر غضب عنصرى حتى لو مارست العنف والقتل، وهو أمر أثار جدلًا واسعًا داخل فرنسا حين تم النظر إلى الجريمة الأخيرة على أنها عنصرية.

وكان رجل فرنسى أبيض، يبلغ من العمر 69 عامًا، وهو سائق قطار متقاعد، قد «استهدف بوضوح أجانب»، كما قال وزير الداخلية الفرنسى (دارمانان)، وأضاف أنه ليس مؤكَّدًا ما إن كان قد حاول قتل الأكراد على وجه الخصوص.

واللافت أن الرجل اتُّهم في هذا الوقت نفسه من العام الماضى بطعن مهاجرين اثنين بسكين في مخيم بالعاصمة الفرنسية، ولديه عدة أسلحة مسجلة، ولا يزال التحقيق جاريًا لمعرفة دوافع ارتكابه جريمته الأخيرة، وما إذا كانت هناك صلات للمتهم بنشطاء من اليمين المتطرف.

وقد اعترف الرجل بأنه يكنّ «كراهية للأجانب، وأصبحت حالته مرضية تمامًا»، وهو ما أدى إلى نقله، بناء على تقرير طبى، من مركز الاحتجاز في مقر الشرطة إلى عيادة الطب النفسى في المقر نفسه، وفى انتظار عرضه على قاضى تحقيق عندما تسمح حالته الصحية بذلك.

ووصف المتهم نفسه بأنه «مكتئب»، و«يميل إلى الانتحار»، موضحًا أنه «كان يرغب دائمًا في قتل مهاجرين وأجانب»، منذ أن تعرض منزله لسطو في 2016.

والحقيقة أن جرائم العنصرية في الغرب غالبيتها تنبع من أيديولوجيا سياسية، وبعضها يحض مباشرة على العنف، مما يعنى صعوبة عدم تكييفها بأنها إرهابية. صحيح أن الخطاب العنصرى والمتطرف «يعيد ويزيد» في التركيز على خطر المهاجرين، وخاصة العرب والمسلمين، دون أن يطالب بقتلهم كما يفعل الدواعش مثلًا، إلا أنه يهيئ مَن يقرأ هذه الكتابات لممارسة العنف، مثلما فعل القاتل الإرهابى في نيوزيلندا منذ ثلاث سنوات حين قتل عشرات المصلين الآمنين في أحد المساجد، وقال إنه تبنى ما جاء في كتاب «الاستبدال الكبير»، الذي كتبه باحث فرنسى، هو «رونو كامو»، الذي تبنت أطروحته كثير من قوى اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا، وتقوم ببساطة على أن هجرة المسلمين وتزايد أعدادهم في أوروبا ستؤدى إلى إحلالهم مكان الشعوب الأوروبية.

إن النظر إلى أي عربى باعتباره إرهابيًّا محتملًا ووجود حملات كراهية وتحريض على الإسلام والمسلمين، بجانب شعور جانب من أبناء الجاليات العربية في أوروبا بالتهميش والاستهداف وتصوير أخطاء البعض على أنها أخطاء الجميع، كل ذلك جعل هناك أيديولوجيا سياسية معادية للأجانب، وحتى لو لم تقل مباشرة بقتلهم، إنما هي تخلق بيئة مواتية لارتكاب هذه الجرائم.

 

Rochen Web Hosting