رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

سينما المرأة.. «صناعة وموضوعاً»

قسم : مقالات
الثلاثاء, 14 مارس 2023 20:46

قديماً كنت أعارض مصطلحات «أدب المرأة، وسينما المرأة».. لكن الآن أيقنت أن المرأة -موضوعاً وصناعة- يمكن النظر إليها باعتبارها مفتاحاً للتغيير.. كل ما يتذكره الجيل الحالى هو أن قانون الأحوال الشخصية قد تغير بعد فيلم «أريد حلاً»، قصة الكاتبة الرحالة «حسن شاه».. لكن الحقيقة أن السينما المصرية تأسست على أكتاف نساء ورجال، منهن (عزيزة أمير، آسيا داغر، فاطمة رشدى).. وغيرهن.

السؤال المحورى كيف يمكن للسينما أن تغير المجتمع؟... فيلم «أنا حرة» إنتاج 1959 وتأليف «إحسان عبدالقدوس».. كان يحكى قصة فتاة صعبة المراس، تعيش فى كنف عمتها وزوج عمتها، وتعانى طيلة الوقت من تسلطهما الشديد وتحكمهما فى حياتها، مما يجعل حلمها الأوحد هو إتمام دراستها لكى تنال الحرية التى تشتاق إليها.. الآن لن تشعر بقيمة اختزال الحرية فى «التعليم»، لأن الواقع قد تغير.

«مراتى مدير عام».. إنتاج عام 1966 من تأليف «عبدالحميد جودة السحار»: الزوج يوافق على عمل زوجته والمجتمع يرفض.

ثم تغير الواقع وازداد تعقيداً وتشابكت العلاقات الاجتماعية، تغيرت الرسالة التى تتناولها الأفلام، البعض اختار العزف على أوتار مشاعر المرأة وأحاسيسها وأصبحت الرومانسية وقصص الحب هى ما تخلق «النجومية»، والبعض الآخر أخذها إلى بقعة مظلمة حيث يصورها راقصة أو امرأة لعوباً، وهذه السينما بقدر ما كانت تحقر المرأة وتهينها كانت تعتمد على فن الاستعراض (لعل ثلاثية «نجيب محفوظ» هى الأشهر فى تقديم نماذج متناقضة ورديئة للمرأة إما «الست أمين المقهورة أو العالمة أو بنت الباشا المدللة)، هنا غاب نموذج «الفتاة الجادة» التى انتصر لها فيلم «الخطايا» أخيراً نهاية الستينات.

ومع بداية السبعينات تربع المخرج الراحل «حسن الإمام» على عرش السينما الاستعراضية التى تتسلل إلى الوجدان لتنقلك من دنيا العوالم إلى الجامعة، خاصة أفلامه مع السندريلا «سعاد حسنى»: (خلّى بالك من زوزو، أميرة حبى أنا وغيرهما).حتى الآن أتحدث عن «المرأة موضوعاً».. والتى أصبحت نجمة للإغراء بجيل (هند رستم ثم نجلاء فتحى، ميرفت أمين، يسرا، ليلى علوى).. كان لا بد أن تستعيد المرأة هيمنتها على صناعة السينما ليتغير الموضوع بعد أن اختفت أفلام مثل «الأستاذة فاطمة، الباب المفتوح، الأفوكاتو مديحة»: («الباب المفتوح» للدكتورة لطيفة الزيات، الذى يدور حول الجامعية التى تتحول لتساند أبطال المقاومة ضد الاستعمار.

وهو دور قريب من شخصية المدرسة فى فيلم «لا وقت للحب» إخراج أبوسيف، والذى يكشف بدوره عن الدور النضالى للمرأة).

نعود لنقيم سينما المرأة على أساس «الصناعة» وفعل التغيير.. الصدمة الأولى حققتها المخرجة «إيناس الدغيدى» بفيلم «عفواً أيها القانون» الذى ناقش ازدواجية المعايير القانونية فى مساواة المرأة بالرجل فى قضايا الشرف، ثم قدمت «امرأة واحدة لا تكفى» والذى عالج تعدد النساء فى حياة الرجل بشكل مختلف، وفى فيلم «لحم رخيص» عالجت قضية زواج القاصرات.

وهنا فرضت «المساحة النسوية» نفسها وإن انحصرت فى مناقشات تخص هموم الطبقة المتوسطة والعليا فيما ندر الحديث عن المرأة العاملة مثل فيلم «أحلام هند وكاميليا».

فى دراسة نشرها مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية، رصدت ظهور الصورة السلبية للمرأة فى سينما التسعينات 25 مرة مقابل 15 مرة إيجابية. منها فيلم «اغتيال مدرسة» الذى يجسد صورة المرأة التى تدافع عن حقوق أبنائها.. كذلك فيلم «الجراج» الذى صور المرأة التى تحاول حل المشكلات والأزمات التى تتعرض لها هى وأبناؤها.

ولم تقدم سينما التسعينات اقتراحات إيجابية لحماية المرأة من كافة أشكال التعدى عليها وعلى حقوقها.

بعد هذه المرحلة بدأت السينما المصرية تتعرض لانتكاسة، إما بسبب السيناريوهات المطروحة أو بسبب مصاعب إنتاجية (كنا على وشك دخول مرحلة سينما المقالات).. وحين أصبح الإنتاج هو ما يهدد السينما المصرية تدخلت «إيناس الدغيدى» لتنتج بنفسها واتبعتها «إلهام شاهين وليلى علوى».

ويميز البعض فترة الألفينات بفيلم «تيمور وشفيقة» الذى يمثل تراجعاً فى مكتسبات المرأة، وتصف مدونة ويكى الجندر الفيلم بـ«المعادى للنساء»، بسبب محتواه التمييزى والذكورى ضدهن.

وخلال السنوات الأخيرة عادت سينما المرأة، لأخذ بعض من مكانتهن المنشودة، وإن كان على استحياء.

فقادت أفلام مثل «احكى يا شهرزاد، ويوم للستات، حظر تجول»، محاولات العودة النسوية إلى الواجهة.

ولعبت النساء خلف الكاميرا مثل كاملة أبوذكرى، وهالة خليل، وساندرا نشأت، وغيرهن، دوراً مهماً فى عودة «هن» إلى الساحة.

سينما المرأة تحتاج إلى «وعى» بقضايا المرأة الآنية، تحتاج إلى منتج لا يبحث عن «لربح».. إنها أهم أداة تغيير إن شئنا تغيير الوعى الجمعى.

 

Rochen Web Hosting