أستكمل اليوم نشر حوارى الذى أجريته منذ عشرين عامًا، مع السير هنرى كيسنجر، وزير خارجية الولايات المتحدة، إبان حرب أكتوبر، ومساعده السيد جوزيف سيسكو، وقال لى كيسنجر «يوم 9 أكتوبر تلقيت رسالة أخرى من السيد/ حافظ إسماعيل، مستشار الرئيس السادات للأمن القومى، تعبر عن تقدير السادات لموقف الحكومة الأمريكية المتوازن حتى ذلك الوقت.

وتؤكد الإصرار على أن هدف مصر هو التوصل إلى السلام العام»، وقال مساعده السيد جوزيف سيسكو «السادات لم يذهب إلى الحرب لتحقيق استحواذ على الأرض، لقد كان ذلك أحد أكثر القرارات الفريدة من نوعها من حيث أن الذهاب للحرب كان بهدف أن تكون هناك قدرة على السعى وراء تحقيق السلام»، وتابع السيد كيسنجر «إنه فى يوم 12 أكتوبر 73 أبلغنى السفير الإسرائيلى فى واشنطن باستعداد إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار.

وعلى الفور تم الاتصال بالرئيس نيكسون لإخباره بذلك، وكان التقييم للموقف هو أن إسرائيل قد خسرت الحرب على الجبهة المصرية»، لم توافق مصر على وقف إطلاق النار، ولم تتمكن بريطانيا من تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن لهذا السبب، وقال السيد كيسنجر «لقد غير السادات تفكيره ويعد لتطوير الهجوم فى سيناء لتخفيف الضغط على سوريا».

وجاء السفير الإسرائيلى فى واشنطن لمقابلتى وبعبارات حاسمة قال إنهم قرروا فى إسرائيل استخدام كل ما هو متاح لديهم من قوة، سواء كانت قنابل أو صواريخ أو غيرها، وأصر على بدء الجسر الجوى الذى بدأ على الفور فى اليوم التالى، ولم يكن هناك على الجانب الإسرائيلى من المسؤولين الكبار من قال لنا نود أن نهزم المصريين، أو أن نتقدم للقاهرة أبدًا، فإسرائيل عانت وتكبدت خسائر كبيرة عسكرية وفى الأرواح.

وكان لدينا هدفان، أحدهما هو تجنب الهزيمة الساحقة لإسرائيل، والثانى أن تنتهى هذه الحرب بطريقة تحفز حقًا على إجراء المفاوضات. ويتابع كيسنجر «استلمنا برقية من السيد بريجنيف يدعونى فيها إلى موسكو، وبالذهاب إلى هناك ولقائه كان غرضنا الوصول إلى وقف لإطلاق النار، نظرًا لأننا اتفقنا على قرار مجلس الأمن رقم 338، الذى قدمنا له مسودة أنا والسيد جوزيف سيسكو فى تلك الليلة فى الكريملين.

وفكرنا أنه بالذهاب إلى موسكو سيعطى ذلك للإسرائيليين وقتًا إضافيًا إذا لم يحدث شىء قبل وصولى، وكنت فى الطائرة عندما أرسل نيكسون برقية إلى بريجنيف تخبره بأننى مخول تمامًا بالتصرف، ولكن بصراحة أردت إطالة الوقت.. أخبرت بريجنيف بأننى سأنقل بدقة كل ما قاله إلى واشنطن، ولكنى فى حاجة إلى بعض الوقت لأستطلع آرائهم، فرد علىَّ قائلًا «كلا، فلدى برقية منه يخولك فيها كامل الصلاحيات لاتخاذ القرار»، «ولم يعجبنى ذلك».