رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

«الأدهمية» تلتقط أنفاسها

قسم : مقالات
الثلاثاء, 22 أكتوبر 2019 12:11

توجّهت الخطوة الأولى التى خطاها «مبارك» بعد توليه الحكم إلى الإفراج عن معتقلى سبتمبر من الرموز السياسية والصحفية والدينية التى تحفظ عليها الرئيس السادات (فى سجن طرة) قبل استشهاده فى 6 أكتوبر 1981. لم يُفرج «مبارك» عن المعتقلين مباشرة، بل تمهّل حتى انقضت ذكرى الأربعين على وفاة «السادات» -امتثالاً لنصيحة بعض المقربين- ثم بدأ فى الإفراج عنهم فى أفواج. والتقى عدداً منهم فى قصر العروبة، كان على رأسهم فؤاد باشا سراج الدين، ومحمد حسنين هيكل وفتحى رضوان.

اعتبر «الأداهم» الخطوة التى قام بها الرئيس الجديد خطوة جيدة فى إطار الظروف العاصفة، التى كانت تمر بها البلاد، اعتبروها محاولة مثمرة لتبريد الجسد السياسى الساخن منذ أواخر عهد «السادات»، فقد تحيّروا كثيراً فى أمر الرئيس الراحل، الذى قبض على هذا الجمع المتنافر من المعارضين، الذى يجمع من يغرّدون فى الشرق بمن يغرّدون فى الغرب، ومن يدافعون عن اليمين بمن يدافعون عن اليسار، ومن يؤمنون بالناصرية بمن ينتمون إلى جماعة الإخوان. أحس «الأداهم» أن «السادات» عادى الجميع، وهى مسألة غير طبيعية، نعم كان يقال وقتها إن التحفّظ على هذه الشخصيات مؤقت، حتى يتم الانسحاب الإسرائيلى من سيناء، لكنهم لم يفهموا ذلك. كما أغضبت بعض الألفاظ التى استخدمها «السادات» فى وصف بعض من تم القبض عليهم بسطاء الأداهم. يُضاف إلى ذلك عدم استيعابهم لتلك اليافطات الكبرى، التى رفعها «السادات»، وهو يتحدث عن معارضيه، مثل «يافطة الفتنة الطائفية» و«يافطة الوحدة الوطنية»، فى وقت كانوا يردّدون فيه أن الرئيس هو الذى أخرج الإخوان من السجون، ومنحهم الفرصة للعمل، وردّدوا أقاويل أخرى بأن بعض المسئولين يتراخون فى مواجهة الفتن الطائفية ويهملون التقارير لأسباب سياسية. لم يفهم الأداهم أن يكون هذا الشتات المتناثر من المعارضين كله على خطأ، و«السادات» وحده على صواب، لذا فقد أحسوا بنذير شر فى أفق المحروسة وصدق حدسهم يوم 6 أكتوبر 1981.

أخرجت الخطوة التى خطاها «مبارك» نحو معتقلى سبتمبر أهالى الأدهمية من حالة القلق التى ضربتهم بعد اغتيال السادات، وخلال الأسابيع الأولى من حكم الرئيس الجديد، فاحتفوا بها كجزء من احتفائهم بفضيلة الاستقرار، ولكى تكتمل الصورة، لا بد أن نشير إلى أن البعض تحيّر أمام فكرة أن يقبض السادات على أشخاص، ويلقى حتفه بعدها فى حادثة اغتيال، ثم يقوم الرئيس الجديد بالإفراج عنهم، ويبدو أنهم لم يدركوا وقتها واحداً من أهم مفاتيح شخصية «مبارك» والمتمثلة فى «عقلية الموظف». وهو مفتاح أجمع عليه أغلب من حللوا وتتبعوا شخصية الرئيس الرابع للجمهورية الأدهمية. فخلال فترة عمله كنائب للرئيس، كان «مبارك» كمرؤوس يراقب بدقة أداء رئيسه فى العمل «السادات»، ويتوقف ملياً -كشخصية لا تميل إلى وجع الدماغ- أمام الخطوات والقرارات التى سببت مشكلات لرئيسه، ويجتهد فى الابتعاد عنها. وقد أثبتت تجربة «مبارك» فى حكم الأدهمية لثلاثين عاماً متصلة أنه ابتعد عن كل الملفات التى سبّبت مشكلات لـ«السادات»، واشترى أو أراح رأسه منها.

Rochen Web Hosting