رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

رسالة من الأحفاد

قسم : مقالات
الجمعة, 05 أبريل 2024 20:17

رأيتهم يتشاورون ويتهامسون ويتحدّثون وحدهم فى دائرة أغلقتها أجسادهم الصغيرة كما لو كانوا يمثلون مجلس حرب يضع خطة محكمة لحماية الوطن والأرض والسماء فى عالمهم الصغير. فكان لا بد أن أبحث خلفهم وأستمع إليهم لأعرف ماذا يريدون من الجمهورية الجديدة، وكيف يرون المستقبل وهم أصحابه وصناعه المنتظرون.

ويبدو أن أول أحلامهم كان مدرسة جديدة نموذجية تنافس مدارس العالم المتقدّم الذى يسبقنا بالكثير، وملاعب لكرة القدم وكرة السلة وأحواض للسباحة وغيرها من الرياضات التى يعشقونها ومواعيد محدّدة لممارسة الرياضة ضمن اليوم الدراسى وغرف للموسيقى والرسم والجرافيك والفن التشكيلى ومواد نظرية لتاريخ المبدعين فى هذه الفنون، واستوديوهات صغيرة للتمثيل ليتعلموا فيها مبادئ الإخراج والإعداد لأعمال درامية تناسب أعمارهم ليبدع أصحاب الأفكار الذهبية منهم، فى اختراع شخصيات كارتونية مصرية مائة بالمائة تحكى التاريخ المصرى وتشرح لأطفال العالم الحضارة المصرية وتعرّفهم بملوك وملكات الفراعنة وكيف بُنيت الأهرامات والمعابد، التى يأتون لزيارتها من جميع بقاع العالم، وكيف انتصر الجنود المصريون فى حروبهم على مر التاريخ، وكيف أصبحوا سادة الجيوش.

قالوا إنهم يريدون الجمهورية الجديدة بلا أمراض متوطنة، وفى كل قرية أو مدينة مستشفى مخصص للرضع منذ ساعاتهم الأولى للحياة، لتقيهم من أى معاناة وتقضى على التشوّهات، كما قضى الطب المصرى من قبل والحملات التى تبنّاها الرئيس السيسى على أمراض الكبد وسيطر على السكر لدى كبار السن وضغط الدم، ومعامل تحاليل متقدّمة يطوف العاملون فيها فى قوافل مستمرة على المدارس والجامعات لحمايتهم من الأمراض التى تظهر فى المراحل العمرية المتقدّمة بطريقة مفاجئة توقف مسيرة بعض البراعم فى التعليم وربما الحياة، تلك الأمراض التى يمكن مقاومتها بالاستعداد والوقاية عن طريق التشخيص المبكر.

الصغار يريدون اسم مصر فى أول قوائم الدول المتقدّمة فى التعليم الجامعى ويريدون أن تتصدّر الجامعات الحكومية التى خرج منها زعماء مصر ورؤساء جمهوريتهم ووزراؤهم وعلماؤهم المشاهير عالمياً الصف الأول. ويريدون أن تحصل أسماء مصرية على جائزة نوبل فى العلوم والآداب والطب والتكنولوجيا ومختلف التخصّصات لتنضم إلى محمد أنور السادات ونجيب محفوظ وأحمد زويل.

ومن أعظم أحلامهم مدينة ترفيهية تنافس والت ديزنى ويتحدّث أبطالها اللغة العربية المصرية دون أى لكنات غربية أو أسماء غريبة، ويعيش فيها هؤلاء الأبطال طبقاً للتقاليد المصرية وتعاليم الأسر المصرية، ويرتدون الملابس التى خرجت من وسط الحياة المصرية الأصيلة، ويتمنون لو عادت الحياة إلى تلك الصناعات التى أغلقت أبوابها، سيارة مصرية، أجهزة كهربائية تنافس أشهر الماركات العالمية وملابس من القطن المصرى تطوف بلاد العالم مع كلمة (صنع فى مصر)، ومشروبات طبيعية، وحلوى بملامح مصرية خالصة، وأكلات تراثية تعتمد على إنتاجنا الزراعى، ومذاق ينطق بحروف اسم مصر.

الأحفاد ينتظرون القطار الكهربائى بأسعار فى متناول أيديهم وبمحطات تتوقف أمام معالم القاهرة الكبرى ليتنزّهوا ويشاهدوا ما لم تمكنهم من زيارته المسافات البعيدة والنفقات التى تفوق إمكانياتهم. ولم تخلُ أحلامهم من دور سينما ومسارح خاصة بهم تقدم الأعمال الفنية العالمية ليطلعوا على ثقافات الشعوب فى صور بسيطة تناسب أعمارهم وتشجعهم على البحث والاطلاع، ولا مانع من معرض دائم للكتاب المدرسى والجامعى، لتصبح تلك الكتب فى متناول الجميع.

ومن أجمل ما أعلن عنه الصغار رغبتهم فى أن يشاهدوا فى الجمهورية الجديدة دوراً لكبار السن تتبع الدولة ليسكنها الأجداد والجدات الذين ابتعد عنهم الأبناء للعمل أو الهجرة أو لأى ظروف طارئة خارجة عن إرادتهم، فهؤلاء هم أصحاب الفضل الأول فى صنع التاريخ المصرى ونجاحاته وانتصاراته، وهم من علموهم معنى الحب والانتماء إلى الأسرة الصغيرة ومصر، وهم من قصّوا عليهم ألف ليلة وليلة مصرية، وأمسكوا أصابعهم الصغيرة ليعلموهم حروف حب مصر.

Rochen Web Hosting