رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

أسباب نزول الناس إلى الشارع

قسم : مقالات
الثلاثاء, 17 ديسمبر 2019 12:27

«فى موجات التظاهرات التى تجتاح بلداناً عديدة، إشارة واضحة إلى أن مجتمعنا المعولم ليس على ما يرام، رغم كل ما أحرز من تقدم. حيث يتجه الناس إلى الشارع لأسباب مختلفة تتنوع بين ثمن تذكرة القطار أو أسعار البنزين، إلى المطالبات السياسية بالاستقلال. أما المحرك المشترك لجميع هذه المطالب فهو الشعور العميق المتفاقم بالإحباط إزاء عدم المساواة».

هكذا استهل تقرير التنمية البشرية الصادر مؤخراً عن البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة مقدمته، مؤكداً أن فهم كيفية التعامل مع ما يعم العالم اليوم من اضطراب يستلزم النظر إلى ما وراء الدخل والمتوسط والحاضر. حتى لا يتم قصر مفهوم عدم المساواة فى كسب المال فقط. ولكن لكل الاحتياجات التى يحتاجها الإنسان وباتت تؤثر فى حياته. كالمساواة فى الحقوق بين الجنسين وتوافر الإنترنت واقتصاد المعرفة والنظام البيئى وتغير المناخ. ثم يؤكد التقرير ضرورة دعم سياسات مكافحة عدم المساواة القادرة على أن تغطى دورة الحياة كاملة. فمن الاستثمارات قبل الانخراط فى سوق العمل، إلى صحة الأطفال الصغار وتغذيتهم إلى الاستثمار فى سوق العمل وما بعده، وكذلك الحد الأدنى من الأجور والخدمات الاجتماعية، وهى خيارات -موضوعة أمام السياسيين وواضعى السياسات كما يقول التقرير- قادرة على تحقيق التنمية المستدامة إذا ما اتخذت بما يناسب سياق كل بلد أو مجموعة.

ومن بين ما يستوقفك فى التقرير كلمات مؤسس مبدأ التنمية البشرية البروفيسور أماراتيا سين منذ 40 عاماً، حينما طرح سؤالاً مفاده: «المساواة فى ماذا؟»، فأجاب: «المساواة فى الأمور التى تهمنا كى نبنى المستقبل الذى نتوق إليه».

 

فى محاولة لتطبيق التقرير وما به من أرقام ومقارنات وتحليلات على مصر التى احتلت المرتبة 116 فى ترتيب العام 2018 بين دول العالم، تدرك أن ما قمنا به فى بلادى منذ العام 2014 فى محاولة لتحسين الظروف الاقتصادية والتأسيس لبنية تحتية على أعلى مستوى -من صرف ومياه وطاقة وطرق- وتوفير حماية اجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً عبر زيادة نسب الدعم المقرر لها وتطبيق برامج تكافل وكرامة وزيادة المعاشات والأجور والاستثمار فى مشروعات ضخمة لتوفير فرص العمل والتدريب المتخصص، أضف إلى ذلك أيضاً محاولات الحد من عدم المساواة بين الجنسين وميكنة الخدمات وتأسيس عقل للدولة المصرية به جميع قواعد البيانات والشمول المالى وتوزيع الاستثمارات على مستوى محافظات الجمهورية، ومن قبل كل هذا حماية المجتمع من الإرهاب والدولة من التآكل، كل هذا وغيره هو مما تحدث عنه التقرير لمكافحة عدم المساواة الدافع لخروج الناس للشوارع متظاهرين رافضين لملامحها فى بلادنا العربية أو الأوروبية.

فتحسن نسب النمو الاقتصادى من 2.1% عام 2013 إلى 5.6% فى نهاية العام المالى 2018- 2019. وكذلك انخفاض العجز فى ميزان المدفوعات وعجز الموازنة ونسبة الدين من الناتج القومى والتضخم، انعكس على مستوى تقديم الخدمة. فبدأنا تطوير مناهج التعليم وتطبيق خدمات التأمين الصحى فى بعض المحافظات وتحسين جودة النقل وتطبيق مبادرات صحية لعموم فئات الشعب المصرى.

بما يعنى أن ما نقوم به فى بلادى هو حق من حقوق الإنسان الأصيلة فى توفير أساسيات الحياة لمكافحة عدم المساواة بين طبقات المجتمع وفئاته. بالطبع لم نحقق كل ما نصبو إليه ولم نقضِ على كل ما يزعجنا. فما زالت دولة القانون بعدالتها الحاوية للجميع، أُمنية يسعى لها الضمير المسئول لنحيا عدالة المساواة دون تمييز فى سن أو جنس أو دين أو مهنة. ولكن ما حققناه وما زلنا نسعى لإكماله، يؤكد فهم متخذ القرار لمفهوم حقوق الإنسان وتنميته بشكل مستدام.

Rochen Web Hosting