رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

اطلبوا القط ولو فى الصين

قسم : مقالات
الأربعاء, 22 أبريل 2020 10:46

شهدت الأيام الماضية موجة تراشق تلميحاتى وتصريحاتى بين مسئولين أمريكيين كبار ونظراء لهم فى دولة الصين حول «فيروس» كورونا. ترامب وبومبيو ألمحا إلى احتمال أن يكون فيروس كورونا قد خرج خطأ من أحد المختبرات الصينية، وفى عدة تصريحات صريحة لا تحتمل التأويل اتهم «ترامب» الصين بإخفاء معلومات حول الفيروس عن العالم، واتجاهها إلى التستر على انتشاره خلال الأسابيع الأولى لظهوره، وهى التصريحات التى ترجمها «ترامب» عملياً بوقف التمويل الأمريكى لمنظمة الصحة العالمية بذريعة مساندتها الواضحة للصين. من جهتهم بادر العديد من المسئولين الصينيين إلى السخرية من كلام «ترامب» وطالبته منظمة الصحة العالمية بأن يأتى بدليل واحد على ادعائه. أما منافسه الديمقراطى فى الانتخابات الأمريكية القادمة «جو بايدن» فقد أنشأ يعاير «ترامب» بالتقاعس عن محاسبة الصين على فيروس كورونا!.

من الواضح أن «التراشق الكورونى» تتداخل فيه المنافسات الانتخابية مع الصراعات الاقتصادية مع المكايدات السياسية، ويفسره -فى تقديرى- أمران قد يكونان أكثر أهمية من المنافسات والصراعات والمكايدات. أولهما عدم الوصول إلى لحظة حسم فى مواجهة الفيروس، وثانيهما الحيرة فى تقديم إجابة حاسمة عن السؤال: أيهما أخطر.. الخسائر البشرية (الإصابات والضحايا) الناتجة عن فيروس كورونا أم الخسائر الاقتصادية الساحقة الماحقة التى ضربت دول العالم المختلفة نتيجة ما اتخذته من إجراءات احترازية؟.

أخبار كثيرة تحتشد داخل وسائل الإعلام تتحدث عن الوصول إلى أدوية قادرة على التعامل مع الفيروس. كلام متنوع يتحدث عن أدوية قيد التجربة السريرية، لكن الأمر لم يحسم حتى الآن. واللافت فى هذا السياق أن الكثير من التصريحات التى تخرج على ألسنة مسئولى منظمة الصحة العالمية تؤكد أن الوصول إلى علاج ناجز لفيروس كورونا سوف يستغرق عدة أشهر، فى حين يتحدث رؤساء بعض الدول -ومنهم ترامب- عن أدوية قيد التجريب، وأن الوصول إلى العلاج الحاسم يبدو قريباً. التراشق سوف يستمر بين الغريمين الأمريكى والصينى ما استمر الوباء، فليس أسهل على المسئولين من استخدام «الشماعات» فى مواجهة التوسع فى أعداد المصابين والضحايا بالفيروس. الأسهل أن تعلق الطوق فى رقبة أى قط حتى ولو كان فى الصين. تماماً مثلما فعلت بكين حين خرجت على العالم بإحصائية جديدة تعدل أعداد المصابين والوفيات بكورونا لأنهم اكتشفوا مؤخراً مصابين وضحايا جدداً تأخر وصول التقارير الخاصة بهم، فتحولت «التقارير» إلى «قط».

الأمر الثانى يتعلق بالحيرة أمام الخسائر البشرية والخسائر الاقتصادية للفيروس. والمتابع لتصريحات العديد من المسئولين الغربيين خلال الفترة الأخيرة يلاحظ أنهم بدأوا يتحدثون على استحياء وأحياناً بصراحة واضحة عن تقليل الإجراءات الاحترازية حتى تعود عجلة الاقتصاد إلى الدوران. فى بعض الولايات الأمريكية تم فتح الشواطئ من جديد فتدفق إليها الأمريكان، وتظاهر آخرون فى ولايات أخرى داعين إلى رفع الحظر والعودة إلى العمل. وظنى أن سحابة التراشق وما تثيره من أدخنة فى الأفق الدولى يمكن أن تلعب دوراً -ضمن وسائل أخرى- فى تسهيل العودة من جديد إلى أحوال ما قبل كورونا. وأظن أن رغبة ترامب وغيره من زعماء أوروبا فى إعادة الأمور إلى ما كانت عليه أصبحت واضحة وضوح الشمس فى رائعة النهار.

 

Rochen Web Hosting