رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

بياناتك للجيش الأمريكى!

قسم : مقالات
الإثنين, 07 ديسمبر 2020 22:26

نشر موقع دويتش فيلة الألمانى منذ فترة تقريراً حمل عنوان «كيف أعادت قضية (مسلم برو) فضائح استغلال البيانات الشخصية؟»، وجاء فيه قيام الجيش الأمريكى بشراء معلومات خاصة عبر مجموعة من التطبيقات العالمية، ومن بينها تطبيقات وُصفت بأنها إسلامية، بهدف جمع معلومات عن المكان الجغرافى لمستخدم التطبيق، الذى يحدد موقعه كشرط للحصول على خدمة أفضل. وأشار التقرير إلى تطبيق يحمل اسم «مسلم برو» كأحد أشهر التطبيقات العالمية، حيث تم تحميله 100 مليون مرة عبر العالم للحصول على خدمات توضيح اتجاهات القبلة ومواعيد الصلاة والتذكير بها وعرض مقاطع للقرآن الكريم بلغات عدة. وكذلك تطبيق اسمه «مسلم مينجل» وتم تحميله 100 ألف مرة حول العالم ويوفر خدمة الدردشة وتوفير علاقات الصداقة بين المسلمين!!

ويبقى السؤال: ما الذى يفيد الجيش الأمريكى من الحصول على معلومات عن الموقع الجغرافى لمستخدمى تطبيقات عالمية مختلفة من بينها ما يسمى بمواقع «إسلامية»؟

الإجابة جاءت فى التقرير الذى ذكر أن العديد من التطبيقات العالمية التى يحملها الأشخاص حول الكرة الأرضية تبيع ما لديها من معلومات المستخدمين لها لشركات أو مؤسسات ذات أهداف أمنية. وذكر التقرير نصاً أن «هذا حدث مع شركة «بابل ستريت» التى طوّرت أداة أمنية اسمها «لوكايت إكس» اشتراها الجيش الأمريكى إلى جانب مجموعة من وكالات إنفاذ القانون الأمريكية، وهو ما يتيح رسم سياج رقمى حول منطقة جغرافية، يسهل تحديد وتعقب الأجهزة المحمولة التى كانت موجودة بها بناءً على معلومات الوجود الجغرافى الذى يعطيها المستخدم للتطبيقات».

قصة بيع بيانات مستخدمى التطبيقات التكنولوجية لمن يحتاجها لا تقتصر على تطبيقات دينية فقط، ولكنها تمتد إلى العديد من المنصات والمواقع المفتوحة، ومنها فيس بوك وجوجل الذى ذكر التقرير أنه يبيع الأنماط السلوكية لمستخدميه لمن يطلبها، وبخاصة شركات الإعلان والدعاية وشركات العلاقات العامة! وذكر التقرير أن شركة جوجل تستغل بيانات المستخدمين وطريقة معيشتهم وتاريخ تصفحهم الإنترنت وحتى ما حذفوه من بريدهم، ومعلومات الصور التى التقطوها، وهو ما يبرر ظهور إعلانات لمنتجات كنت قد بحثت عنها أو ذكرتها على جميع أجهزتك المحمولة.

وحذّر التقرير من خطأ يقع فيه الكثيرون فى كل العالم، ألا وهو منح بياناتهم لتطبيقات يستخدمونها بكامل إرادتهم وموافقتهم على شروط استخدام مجموعة من التطبيقات والخدمات دون التدقيق فى بنودها، والتى يصل بعضها إلى الموافقة على استخدام بيانات الهاتف أو الأسماء المسجلة عليه، وبمجرد الضغط على كلمة «موافق» تتمكن تلك التطبيقات من استخدام البيانات لتقوم ببيعها أو استغلالها لأغراض تجسسية.

أتوقف هنا لنتذكر ما قام به موقع فيس بوك من انتهاك خصوصية المعلومات والرسائل الخاصة بمستخدميه ومساءلته أمام الكونجرس الأمريكى منذ عدة سنوات عن ذلك والأغراض التى استُخدمت فيها تلك البيانات. كما لا يمكن تجاهل ذلك الخبر الذى نشرته شركة فيس بوك عن مشاركتها فى مشروع إطلاق القمر الصناعى الإسرائيلى الذى انفجر أثناء إطلاقه فى أبريل من عام 2016! ليكون السؤال: وما علاقة شركة تدّعى أنها أحد مواقع التواصل الاجتماعى بإطلاق قمر صناعى إسرائيلى لأغراض تجسس؟! فى ذات الوقت الذى يوجد فيه لشركات جوجل وأمازون وفيس بوك وأبل مواقع تحليل بيانات وأبحاث فى إسرائيل؟!

نعم نعيش عصر التكنولوجيا والثورة الصناعية الرابعة والتقدم المذهل فى عالم الاتصالات، ولكننا نعيش فى ذات الوقت فى عالمين آخرين: أولهما عالم التجسس وجمع البيانات وتحليلها واستخدامها كنوع من أنواع السيطرة على الشعوب. وثانيها عالم الأمية الرقمية والتكنولوجية لدى نسبة ليست بقليلة فى شتى أنحاء العالم وبخاصة فى عالمنا العربى الذى يجرى كل يوم وراء الجديد فى سوق التكنولوجيا من باب الوجاهة والمظاهر لا من باب إجادة الاستخدام. وهو ما يضعنا فى دائرة الاستغلال العقلى والاستهلاكى والتوجيه أيضاً لسلوكياتنا عبر تطبيقات ومنصات ومواقع باتت تعرف عنا أكثر من أنفسنا. وكثيراً ما حذرتُ من استخدام التكنولوجيا دون علم بتفاصيل استخدامها أو الدخول على تطبيقات تمنحك أسئلة للإجابة عنها أو تشترط لدخولك لها التعرف على رقم هاتفك وبعض بياناتك كمهنتك وعمرك وحالتك الاجتماعية. ونكرر التحذير مرة أخرى، لأن القادم يحمل مزيداً من السيطرة فى عالم التكنولوجيا.

Rochen Web Hosting