رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

السيطرة بالخوف

قسم : مقالات
الجمعة, 01 يناير 2021 10:29

فى تصريحات له يوم الثلاثاء الماضى على قناة «سى إن إن» الأمريكية، حذر جان جاك مويمبى تامفوم، مكتشف فيروس إيبولا، من زيادة خطر الأوبئة التى ستتعرض لها البشرية فى السنوات المقبلة نتيجة التعرض لفيروسات جديدة مميتة ناشئة من الغابات الاستوائية المطيرة فى أفريقيا لتكون تلك الأوبئة فى السنوات المقبلة أكبر كارثية من الأوبئة التى عرفناها حتى الآن.

يُذكر أن «تامفوم» يدير مختبراً تدعمه منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبى واليابان والولايات المتحدة فى كينشاسا عاصمة الكونغو للكشف عن الأمراض أو الفيروسات المحتملة فى المستقبل، وهو ما يُعتبر إنذاراً مبكراً للتعرف على أى وباء قبل حدوثه. وهو نظام تتبعه الكثير من الدول والمؤسسات فى العالم بما فيها منظمة الصحة العالمية التى تحمل تقاريرها وأبحاثها الطبية مسئولية كشف «فيروس X» أو الفيروس الغامض الذى لم يظهر بعد وعليها الاستعداد له.

تصريحات «تامفوم» مكتشف «إيبولا» باتت جزءاً من تصريحات يومية تطلقها مصادر مختلفة ومتعددة فى العالم عبر قنوات ومواقع الأخبار العالمية، فمع انحسار موجة كورونا الأولى وتراجع حدتها فى أشهر الصيف الماضية، كان العالم يتحدث عن أمل الحصول على لقاح يحمى البشرية من موجات متتالية للفيروس، فكان السباق على اللقاح من أكثر من شركة حول العالم تحمل أكثر من جنسية، ما بين صينية وروسية وألمانية وأمريكية وغيرها. ثم بدأت الموجة الثانية للفيروس مع مجىء الشتاء الذى زادت برودته من ارتفاع الحالات حول العالم حيث بلغت حتى أمس الأول الثلاثاء 80 مليوناً و638 ألف حالة تقريباً شُفى منها 57 مليوناً و731 ألف حالة وتوفى منها مليون و780 ألف حالة تقريباً. ثم جاء التحذير الثانى من انتشار الفيروس بشكل متحور فى بريطانيا وعدد آخر من الدول ليصاب العالم بالهلع مجدداً وبخاصة مع ارتفاع الحالات واختلاف حدة الفيروس المتحور الذى ظهر فى بريطانيا. ثم بدأ ظهور اللقاح بجنسياته المتعددة فى أكثر من بلد كانت قد أعلنت عن بدء تلقيح مواطنيها لحمايتهم من الفيروس. لتبدأ مرحلة جديدة من التشكيك المصحوب بالخوف من الاستسلام للقاحات غير المضمونة النتيجة فى الوقاية من الفيروس من جانب، وغير المعروفة التأثير على الجهاز المناعى لجسم الإنسان من ناحية أخرى فى ظل تضارب الآراء حولها.

كثيراً ما تحدثت فى مقالاتى، ومنذ ظهور الفيروس وإغلاق العالم أبوابه منذ مارس الماضى، عارضة لأثر الفيروس المناعى والصحى وفقاً للتقارير الطبية وأثره الاقتصادى والسياسى من جانب آخر فى ظل أزمة اقتصادية اجتاحت العالم ووُصفت بأنها الأسوأ فى تاريخ البشرية. ولكن ما يعنينى فى ظل تصاعد وتيرة الأحداث المتعلقة بكورونا مؤخراً هو إحساس الخوف المتصاعد لدى العالم والذى فرضه فيروس كورونا علينا. فإذا كنا معرَّضين للإصابة بفيروس متنوع فى مدى الإصابات وحجمها ومداها، فلا يجب أن نحيا الخوف الذى يُعتبر هو الآخر من أكثر مهاجمى المناعة خطراً.

فوفقاً للتقارير الطبية فإن الخوف والتوتر من الإصابة بالمرض يتسبب فى الكثير من الأعراض من بينها زيادة إفراز الكورتيزون المقلل لكفاءة الجهاز المناعى فيصبح الإنسان أكثر عرضة للعدوى، كما يؤثر التوتر على الخلايا الليمفاوية بالجسم التى تقوم بدور فعال فى مكافحة العدوى والقضاء على الالتهابات، كما قد يتسبب الخوف فى زيادة فرص التعرض لأمراض القلب والأوعية الدموية والضغط. ناهيك عن الإحساس بالاكتئاب وعدم الاستمتاع بما ومن حولنا فى الحياة.

هل يعنى ما أقوله عدم الخوف والاستهتار بفيروس كورونا؟ بالطبع لا فالعقل يؤكد الحرص والأخذ بالاحتياطات المطلوبة والوعى بما يحدث حولنا فالوقاية خير من العلاج. ولكن ما أعنيه هو أنه وكما أن علينا الحذر والحرص من الفيروس وأخبار تحوره وزيادة المصابين والوفيات به حول العالم، فإن علينا أيضاً الحرص والحذر من زيادة جرعة الخوف بداخلنا. ولندرك أنه كما أن هناك سيطرة بقوة المال وقوة السلاح وقوة التقدم التكنولوجى وقوة الفيروسات والأمراض، فإن هناك سيطرة بالخوف ونشر الإحساس بالعجز عن مواجهة القريب الغامض والبعيد الذى لم نستعد له ولا نعرف ملامحه.

نعم قلتها ومنذ عدة أشهر دخلنا مرحلة السيطرة بالفيروسات فخذوا حذركم وأنتم متسلحون بالأمل.

Rochen Web Hosting