رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

يوسف إدريس ويحيى حقي في المعرض

قسم : مقالات
الجمعة, 02 يوليو 2021 11:11

 

 

صدور الأعمال الكاملة للعملاقين الرائعين يوسف إدريس ويحيى حقى فى معرض الكتاب عن دار نهضة مصر هو بمثابة حدث يجب الاحتفاء به، هذه المجلدات هى كنز حقيقى لعدة أسباب، كل منهما اشتهر ككاتب قصة قصيرة وأيضاً ككاتب مقال، وبرعا وتفوقا فى المجالين، وظلت أعمالهما موزعة ومبعثرة، إن وجدت مجموعة قصصية لا تجد الأخرى، وإن حصلت على كتاب تجد الثانى قد نفدت طبعته.. إلخ، خاصة يحيى حقى، الذى كان يكتب فى جرائد غير واسعة الانتشار مثل جريدة التعاون، ولولا مجهودات الناقد فؤاد دوارة لضاعت معظم مقالات هذا الأديب الذى كان كجوجل، خرج من معطفه أجيال وأجيال من الأدباء والفنانين، إذن التجميع فى كتاب أو مجموعة كتب تضم كل الأعمال يعد عملاً فذاً وجهداً مهماً فى حد ذاته، أما عن قامة ودور إدريس وحقى فى الحياة الأدبية والفن القصصى فتحتاج إلى مجلدات، ولا أستطيع فى هذه المساحة أن أغطى ولو واحداً على ألف من إنجازاتهما، لماذا مجلد إدريس ومجلد حقى كنزان حقيقيان؟ يحيى حقى وضع الأسس الكلاسيكية لفن القصة القصيرة والاختزال الفنى، وكان أهم كاتب فنان فى هذا الجيل، يهتم بالاقتصاد اللغوى وعدم الثرثرة والإطناب والرطرطة الكلامية، وأهمية حقى أيضاً تكمن فى أنه كان متذوقاً للفنون الرفيعة وكأنه محترف، فمقالاته عن الموسيقى والكونسير والباليه والسينما والمسرح هى دروس تعليمية بحق فى تلك المجالات، يحيى حقى كان معلماً لا يشق له غبار، وكأنه أسطى فى ورشة إبداع يعلم أبجديات الصنعة، أما يوسف إدريس فقد كان بركاناً متمرداً حتى على قواعد اللغة، ونحت لنفسه لغة متفردة صادمة لكنها أعجبت طه حسين، الذى اندهش ولمح بذرة العبقرية فى هذا الشاب العاصف، وكتب مقدمة مجموعة قصصية عنوانها يحتوى على خطأ لغوى، فقد أصر إدريس على عنوان أرخص ليالى والمفروض أنه أرخص ليالٍ! يوسف إدريس ملك اللقطة القصصية، يعصرها حتى الثمالة، ويحفر فيها رأسياً ليصل إلى قاع المنجم ونواة الذرة الفنية، إدريس محطم التابوهات بامتياز، صادم لكن بفن وجمال، لا تستطيع إلا أن تصرخ كيف واتت هذا الرجل تلك الفكرة المجنونة وكيف عبر عنها بهذه اللغة والأسلوب، قادر على الإمساك بتلابيبك حتى اللحظة الأخيرة، لو راهنت نفسك على أنك ستترك القصة فى منتصفها، حتماً ستخسر الرهان، وعندما اتجه إلى كتابة المقال اتجه بنفس الروح، كانت اللقطة هى بطل المقال، وكان يكتب بعنفوان الفن وحرارته، كان مقال «الأهرام» هو قصيدة قصصية اجتماعية سياسية تحتار أن تضعها تحت أى جنس أدبى، كان المقال الإدريسى صرخة تقتلع وزراء وتثير معارك وتغير سياسات، فقد كان يكتب بمداد القلب والروح وليس بمداد الحبر الزائف، القابض على فضيلة النشر والقراءة والكتاب المطبوع فى هذا الزمن كالقابض على الجمر.

Rochen Web Hosting