رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

سعاد حسنى

قسم : مقالات
السبت, 10 يوليو 2021 13:24

ليس فى السطور القادمة أى معلومات عن دراما نهاية سندريلا الشاشة وأيقونتها النادرة سعاد حسنى.. لقد أغلق أهم جهاز أمنى فى العالم سكوتلاند يارد ملف القضية عندما عجز عن الوصول ليقين، وترك القضية تتأرجح بين عدد من الاحتمالات!.. وليس فى السطور القادمة أى معلومات عن زواج عبدالحليم بمأذون وشهود زواجًا عرفيًا، وشقيقة سعاد حسنى عندها الخبر اليقين.

 

ومن الظلم اختزال تفرد مطرب وتأجج موهبة ممثلة فى حادثة زواج. بيد أن ما رأيته بعينى هو اهتمام كبير لا سقف له من عبدالحليم بالموهوبة الجميلة سعاد حسنى. كان الاهتمام يبدأ من السيناريوهات المعروضة عليها إلى إهمالها فى استدعاء «منجد» لإصلاح كنب تمزق من الاستخدام الطويل ورأيته يؤنبها أمامى: «ده كنب بيت أهم فنانة فى مصر»، وتبكى سعاد ثم تمسح دموعها بأقرب فوطة بجوارها! ولا يسكت عبدالحليم، فيلقى بالفوطة ويقول: «فيه اختراع اسمه المنديل!!»، فتخجل سعاد حسنى وتصمت. ثم أراه يكشّر ويقول لها بصوت آمر: «مفيش بيت حسن الصيفى وزهرة العلا تانى!».

وقد عرف عبدالحليم المعلومة من رقم سيارتها المركونة أمام العمارة، حيث كلف العندليب سائقه الخاص عبدالفتاح بكتابة أرقام كل السيارات فى المنطقة المحيطة بالعمارة. وعرف أنهم يتسلون بلعب الورق بمبالغ صغيرة!. ورأيت سعاد حسنى صامتة ولا تدافع عن نفسها، وفيما بعد تهمس لى «كلامه صح» وتقول: «لما أسكت معناها معنديش حاجة أقولها!».

لكنى حضرت اشتباكًا بين حليم وسعاد حول شخصية عُرضت عليها، رفضها عبدالحليم وكانت سعاد متحمسة لها، وهى بطولة فيلم «بئر الحرمان». قال عبدالحليم: «هاتطلعى فى الفيلم مجنونة رسمى!». دافعت سعاد عن الشخصية وقالت: (ياليمو «كما كانت تخاطبه» دى شخصية مختلفة وفيها تمثيل!). كانت سعاد تدافع عن موهبتها الأخاذة التى جعلت فاتن حمامة تطلب منى بعد عودتها من غياب طويل: «عايزة أشوف فيلم سعاد حسنى (زوجتى والكلب) مع نور الشريف»، وطلبت فاتن أن أكتم الخبر عن سعاد، وبحثت عن الفيلم فوجدته يعرض فى سينما متواضعة فى العباسية، وطلبت فاتن من سائقها أن يحجز 4 تذاكر لوج، وتضمن أنه لا أحد يزاحمنا!. بعد الفيلم قالت فاتن: «موهوبة.. ملهاش حل!»..

ثلاث كلمات نطقت بها سيدة الشاشة العربية تؤكد موهبة سعاد حسنى، وربما كانت فكرة المقال عن سعاد حسنى التى كانت تراودنى منذ فترة هى جماليات الأداء فى فن السندريلا، أى الموهبة!. لقد ظهرت سعاد حسنى فى فيلم «البنات والصيف» أخت عبدالحليم وليست حبيبته، فلما سألتها قالت: «دى كانت رغبته!!». يقولون إن الفنان الموهوب تمثل الموهبة بالنيابة عنه، وربما لم تشهد السينما موهبة بجمال موهبة سعاد حسنى، فهى تعيش الشخصية وتحافظ على معايشتها، بمعنى أنها فى فترات الانتقال لديكور جديد تظل فى غرفتها حتى لا تخرج من السياق، إنها ترى أن ملابس الشخصية لها دور فى الأداء، وحين بدأت تؤدى بعض الأغنيات كانت تغضب بشدة عندما قال إنها «تغنى»، رغم أن الموجى أقسم لى أن صوتها صوت مطربة من فصيلة شادية!.

لم تقرأ سعاد حسنى مثلما قرأت لبنى عبدالعزيز ورغدة، لكنها كانت «تطالع» الصحف اليومية ومدمنة صفحات الحوادث!. وفى مناقشات الأصدقاء تتكلم قليلًا وتنفذ نصيحة «ليمو»: «اقعدى مع ناس تستفيدى من أمخاخهم!»، عندما تذهب سعاد حسنى إلى مكان ما لا يكاد يعرفها الناس. لقد كانت تربطنى علاقة شخصية ومهنية بمحمد الخطيب، مدير الإذاعة الأردنية، وطلب منى أن تأتى سعاد حسنى إلى عمان وتقدم بأدائها الجميل فوازير رمضان لإذاعة الأردن، وسافرنا سويًا إلى عمان، وفى نفس الليلة أقام محمد الخطيب فى بيته حفل عشاء لسعاد حسنى، ودعا بعض الشخصيات الأردنية التى لم تصدق أن سعاد حسنى تجلس معهم!.. نعم، كانت سعاد جالسة فى سكون، وذهل الأصدقاء الأردنيون من صمتها وغلبها!، فهى تبدو غلبانة بعيدًا عن العدسات، وتبدو كـ«سمك» خرج من مياهه!.. دخل أحدهم صائحًا: أراهنك أن الحفل دون سعاد حسنى!. وقال محمد الخطيب المضيف لسعاد حسنى: «يا ست سعاد الجمهور عايز يشوفك»، وقامت سعاد على استحياء فصفقوا لها، ذلك أن الصورة الذهنية لسعاد حسنى هى البهجة وخفة الظل والحيوية!.

■■■

ظلت سعاد حسنى وهى نجمة كبيرة فيها الكثير من عادات الطفولة، وكانت ماهرة فى إخفائها. فقد كانت تغمس البسكويت فى الشاى قبل أن تشربه، وكانت تفضل صديقتها الخياطة على أى بيت من بيوت الأزياء، وكانت تدخل مباريات معها «لمن يأكل كوز الذرة المشوى أسرع!!»، وكانت مغرمة بـ«البطاطس المحمرة»! وتتوقف بسيارتها لتشترى «بطاطا»!. وفى الأردن، لم يشعر أهل الأردن بسعاد حسنى فى مول كبير تم افتتاحه منذ أيام، كانت تضع نظارة سوداء على عينيها وقلما أحس بها أحد!!. إن الحضور الشخصى لسعاد حسنى فى الحياة وبين الناس غائب. ولكنه حاضر بشدة على الشاشة! اشترت سعاد حسنى من المول «راديو» على شكل سيارة! وعجلاتها هى مفاتيح الراديو!. أوصت بوضع البطاريات فيه لكى تستمع إليه كالأطفال!.

لعل أهم إحباط صادف السندريلا عندما تخلى عنها عبدالحليم وقال لها: «فنى أهم»، وذلك عندما طالبته بإعلان زواجهما السرى، رغم تحذيرات د. ياسين عبدالغفار من مخاطر هذا الزواج!.

وإذا كنت قد ذكرت بعض تفاصيل حياة سعاد حسنى، فتلك «بشرية» الفنان، وهى جزء يكمل الشخصية التى يراها الناس. آخر مرة سمعت صوتها حين راحت تشكو من أن المساعدات الطبية لها قد توقفت بأمر من رئيس الحكومة بعد أن طلب وزير الصحة لاستنفاد المقرر لها، وذهبت لرئيس الوزراء د. عاطف عبيد أشكو له، فقال: أخدت حقها كأى مواطن! قلت لعاطف عبيد: سعاد حسنى فنانة موهوبة لا نظير لها. فقال: الأوراق الرسمية لا تعترف بهذه اللغة!.

تابعت: الأمير فيصل بن فهد أرسل مع نور الشريف مبلغًا ماليًا كبيرًا لها للعلاج ورفضته، وقالت: بلدى تعالجنى! قالتها باكية..

وساد بيننا الصمت. وابتلع صمت آخر أخطر موهبة جاءت حديقة الفن وظلت خضراء يانعة حتى جفت أوراقها وذبلت.. سعاد حسنى!.

 

Rochen Web Hosting