رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

عنق الزجاجة

قسم : مقالات
الأربعاء, 25 أغسطس 2021 12:16

نعم.. يمكن القول إننا لدينا رؤية تعليمية قادرة على مواكبة ما يشهده العالم من حديث عن ثورة رابعة فى تاريخ البشرية بتكنولوجيا فاقت آثارها حدود الخيال. رؤية تعتمد على تكنولوجية التعليم، رغم عدم اكتمال البنية التحتية بنسبة مائة فى المائة، وتطوير قدرات المتعلم بتوجيه العقل للفهم والنقد والتحليل أياً كان عمره أو مستواه الدراسى. يرى البعض، وأنا منهم، فى تلك الرؤية إنجازاً رغم بعض صعوبات التطبيق، ويأبى البعض، وهى نسبة غير قليلة من المدرسين وأولياء الأمور، إلا وصفها بالكارثية على أبنائهم.

ولعل نتيجة الثانوية العامة التى ظهرت منذ أيام وبلغت نسبة النجاح فيها نحو 74%، مناسبة للحديث ببعض الهدوء لفهم ما نحتاج له جميعاً، بعيداً عن الغضب الذى يملأ النفوس بنوع من غشاوة البصيرة. وبخاصة أن استعراض مجاميع الطلاب قد أوضح وجود علاقة عكسية بين القدرة على التحليل والفهم والمجموع، حيث ضعفت مستويات الفهم والتحليل مع المجموع المرتفع وارتفعت مع المجموع المنخفض!

لا بدَّ من إيضاح جزئية مهمة مفادها أن الرؤية تمثل الدولة لا شخص وزير التربية والتعليم الذى له باع طويل فى عالم التعليم على مستوى العالم. ورغم إيمانى بتلك الرؤية ودعمى لها، فإنها افتقدت لتوفير الدعم الشعبى لها بين غالبية الأهالى والمدرسين، ولعل ذلك يرجع -فى رأيى- إلى غياب أسلوب تواصل يجمع الناس على الهدف والرؤية والخطوات، ويستمع لمشكلاتهم فى التطبيق. فمع احترامى لبرامج التدريب التى قامت بها الوزارة، إلا أنها لم تكن كافية لتوضيح الرؤية التعليمية ومردودها على الطالب والمدرس، الذى هو فى ذات الوقت ولى أمر لطلاب أيضاً.

وهنا وجب التفرقة بين فريقين من المدرسين، فريق مُتضرر لأنه يشعر أن أعباءه قد زادت بدون مردود مادى يرفع من شأنه ومن قدرته على تحسين وضعه بنفس منطق تحسين المنظومة التعليمية، ورغم ذلك حاول الكثيرون منهم أداء رسالته على أمل تحسن الوضع. وفريق آخر رأى فى تلك الرؤية وسيلة لمحاربة نشاطه فى مجال الدروس الخصوصية واقتصاص أرباحه، فراح يسمم أفكار الطلاب وأسرهم ويوهمهم أن لا شىء قد تغير غير زيادة العبء على الطلاب، وأنه لا حل إلا بمواصلة الدرس الخصوصى!

ربما يكون رد الوزارة على تلك الجزئية بكشوفات الحضور وميزانية التدريب التى قامت بها، ولكن تلك البرامج لم تصل إلى غالبية المدرسين، كما أنها لم تتعمق لتغيير فكر المدرس والتأثير على سلوكياته والارتقاء بأدائه بمنطق استمرارية التدريب وتقييم نتائجه.

على الجانب الآخر كان هناك الأهالى الذين ينادون بالتغيير والتطوير فى التعليم منذ سنوات، ولكن بعيداً عن أبنائهم ودون أن يدفعوا ثمناً له. يريدون الشهادة لا التعلم، المجموع لا المهارة، المسمى الوظيفى لا الإنسان. من هنا مثلاً اعتبروا التابلت مفسدة وتساءلوا عمن سيراقب أولادهم إن لم يذاكروا؟ وكأن هذا واجب الوزارة، دون أن يفرقوا بين المتابعة والرقابة، وشتان بين الاثنتين. وهاجموا الوزارة مع تغيير منطق الامتحان من الحفظ إلى التحليل ومن التسميع إلى النقد والاختيار.

من هنا نحتاج لمزيد من الصبر والتواصل والتدريب، جمعااااء لنخرج من عنق الزجاجة التى حشرونا فيها منذ سنوات، فنقدم على التغيير للأفضل بلا خوف.

Rochen Web Hosting