رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

أسرار البنات

قسم : مقالات
الثلاثاء, 31 أغسطس 2021 13:06

قبل عدة أعوام كان لا بد أن أتوجه إلى مباحث الإنترنت (قطاع نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات - وزارة الداخلية)، لأشكو أحد الأشخاص الذين ارتكبوا جريمة «السب والقذف» فى حقى على الفيس بوك وأحد المواقع الإخبارية. قبل أن أتوجه بالشكوى قال لى الأستاذ «سمير الباجورى» المحامى إن قانون الجرائم الإلكترونية قد تم تغييره، وأصبحت تابعة للمحكمة الاقتصادية.. وإن «الاسكرين شوتز» لم تعد وسيلة إثبات كما تعودنا، أصبح لزاماً على الشاكى الإبلاغ، حيث تتولى مباحث الإنترنت تصوير الواقعة وإثباتها بواسطة أحد مهندسيها، بعدما تفشت ظاهرة تزوير أى شىء بالفوتو شوب!

فى انتظار دورى رأيت العديد من الفتيات، بعضهن بصحبة ذويهم، غالبيتهن إناث يشتكين من محاولات ابتزازهن بصور أو محادثات، قامت الفتاة بإرسالها بإرادتها لشخص ما (!!). ولم أجد فى هذا إلا «ثقة عمياء» فى شخص لا يعرف قيمة الأمانة، (بعضهن خضعن للابتزاز من زوج سابق)، فمن يقرأ صفحات الحوادث سيجد قصصاً عديدة قام فيها الذكور، سواء زوج أو مشرف «جيم» أو حتى طبيب، بتصوير النساء فى مواقف مُخلة بالشرف.

قبل أن تنطلق لإدانة هذه البنت وإطلاق أحكامك الجائرة عليها، هى نسخة طبق الأصل من السيدة الفاضلة التى ربّتك، حفظت دروسها عن ظهر قلب: روايات «إحسان» خطر، وكتب «نوال السعداوى» فضيحة، وظلت تحافظ على «الأمانة» فى صمت، جدتها تروى لها «جرائم الشرف» المرعبة وهى تسأل دائماً: أليس للرجل شرف؟

هى تعلم أن فى مصر أعلى معدلات جرائم الشرف، التى يثبت فيما بعد أن ضحيتها كانت «عذراء».. هكذا نمت بداخل كل فتاة رغبة مكبوتة فى «العصيان»، فى البوح.. تنجح فى قمعها بأدب حتى لا تفضح «أسرار البنات».

ثقافة «تأنيث العار» من خلفها والعالم الافتراضى مفتوح على مصراعيه: هنا «حرية» ليست مؤهلة لمعايشتها، بشر ليسوا ملائكة وليسوا شياطين.. بعضهم «فامبيرز» يعيش على نهش سمعة الصبايا وكسر كرامتهن ويُحلّى بسمعتهن وشرف رجل آخر جاء بها إلى الحياة!

هى نفس الفتاة التى تسمع «شيخاً معمماً» يتحدث فى بجاحة ووقاحة عن آداب المعاشرة الزوجية، ووطء الصغيرة، ونكاح المتوفاة.. لكنه حديث آخر له حصانة وقدسية مفتعلة، فما حرّضها على أن تأتمن خطيبها على صورها وكلام الحب الطاهر فتاوى الدكتورة «سعاد صالح» وزملائها عن ترقيع غشاء البكارة «من باب الستر» وفقه الجوارى وملك اليمين! هذه الفتاة تعلمت فى الصغر قاعدة «الولد للفراش»، وكانت تتساءل: كيف حوّلوا المرأة إلى «تايم شير» باسم الفقه؟!

لدينا الآن آلاف الفتيات يبحثن عن «الستر القانونى» فى المادة (25) الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتى غير المشروع، والتى تعاقب بالحبس (مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه)، أو باحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو قام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة.. فمن يئدها الفقهاء يحييها القانون.

Rochen Web Hosting