رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

بقلمي وريشتي وألواني

قسم : مقالات
الثلاثاء, 31 أغسطس 2021 13:08

فى الزمن القديم النقى الأبيض بلا أى شوائب، الواضح الصريح المبهج، الذى يشع حباً وعطاءً ومنحاً إلهية وإنسانية، كانت السعادة تفيض وتغطى الجميع وكأنها فيضان يومى وليس سنوياً أو موسمياً، كانت الأمانى والأحلام بنفس القدر من الجمال والتفاؤل تجتاح القلوب والأجساد فتنعشها وتهدهدها وتطيل الأعمار وتضئ الليالى وتحمى الوجوه من شدة حرارة الشمس ووهجها، وكانت الإبداعات بجميع فروعها من أبيات شعر لقصص وروايات وأفلام وأغانٍ تصور بكل وضوح كل تلك المعانى وتوزعها على الجميع بلا تفضيل لفئة على أخرى. فى ذلك الزمن كان للمنازل بصمات لا تتماثل أو تتشابه أبداً، وكأنها لبشر وأشخاص، كما كان لديها نسمات وروائح تلامس الوجوه وتداعب العيون وتختبر ذاكرتها فيما إن كانت تعرفها وتميزها وتبحث عنها وتشتاق إليها أم لا. وإذا كنت واحداً من هؤلاء الذين يتعاملون مع الأوراق برفق واهتمام واحترام وتمنحها الكثير فلا بد أنك تحتفظ بكل ما تسطر فوقها من كلمات أو رسومات أو حتى مجرد خطوط ودوائر ومستطيلات ومربعات ومثلثات ملونة، فالقلم يسطر أول الأحلام وأغلى الذكريات وعطر الأحباب ورجفة اللمسات وصدى صوت دقات القلوب، وعشق الكلمة له قانون أبدىّ حيث يكتب المبدع ويوضح المعنى ويشرح المغزى ويسرد ويفيض فى الوصف. وقد تناول أثر تلك الإبداعات على الإنسان العديد من دراسات علم النفس والعلماء وساعدهم فى ذلك الكتاب والشعراء، فكلٌ يكتب من منظوره وعلمه وفلسفته، إلا أن النتائج تخرج لتندمج وتختلط وتؤكد صحة المقولات. ففى عام ١٩٤٢ عرف العالم مصطلح العلاج بالفن والذى اكتشفه الفنان البريطانى (أدريان هيل) الذى وجد عزاءً كبيراً فى ممارسة الرسم والتصوير خلال فترة تعافيه من مرضه، حيث وجد أن لهذا الأمر قيمة علاجية حقيقية من منطلق أن فعل الرسم يقوم بإشغال كامل للعقل والجسد، وخرج من هذه التجربة بتأليف كتاب «الفن ضد المرض» والذى صدر عام ١٩٤٥. وبعدها أصبح العلاج بالفن هو الطريقة العلمية التى تعتمد على استخدام التقنيات الإبداعية مثل الرسم والتلوين واستخدام الرموز والأشكال الفنية لمساعدة المريض على التعبير فنياً عن ذاته ومنحه القدرة على فهم نفسه وشخصيته بشكل أعمق، وبذلك فإن العلاج بالفن قد يعنى طريقة للعلاج من خلال العملية الإبداعية نفسها أو من خلال استخدام الأعمال الفنية التى ينتجها المريض للتحليل النفسى. وتتوالى الأعمال الأدبية التى تؤكد صحة تلك المقولة؛ فيخرج للنور عام ٢٠١٧ كتاب «العلاج بالكتابة» للشاعرة السعودية «منال العوييل» التى افتتحته بجملة لفتت انتباه القراء والمتابعين، حيث قالت «أكتب لأنجو» والتى اعتبروها إجابة على تساؤلات كثيرة حول الكتاب. ولم تقتصر تلك الآراء على الكتابة فقط، حيث لعبت الألوان والرسم بها دوراً مهماً فى الحياة وقد عبّرت عن ذلك الكاتبة التركية «إليف شفق» فى كتابها «حليب أسود» الذى أثار اهتماماً كبيراً بعنوانه الذى اعتبره النقاد صورة صارخة لسحر الألوان ومعانيها ورسائلها المذهلة، حيث تحدثت فيه عن تأثير الألوان على المزاج والمشاعر والعواطف، ودعمت رأيها بما قاله الفنان العالمى «بابلو بيكاسو» فى أحد أحاديثه «أن الألوان كما الصفات تحدث تغيرات مهمة على العواطف»، وقد أكد عدد من الباحثين أنه نظراً للاهتمام بهذا المجال فإنه من المتوقع أن يكون علم نفس الألوان مجالاً واعداً فى المستقبل، خاصة مع ارتباطه بالتسويق والفن والتصميمات والعديد من المجالات. وبعيداً عن كل هؤلاء ومقولاتهم ونتائج أبحاثهم أقول لكم إننى أعيش وأحلم وأتمنى أن تكون حياتى بكل ما فيها بقلمى وريشتى وألوانى.

Rochen Web Hosting